ندخل الآن إلى المرحلة الثانية: ما بعد نشأة الكيان الإسرائيلي: نشأ الكيان الإسرائيلي، فرض حضوره العسكري بالقوة، وبالحماية السياسية، والحماية بكل أشكالها من بريطانيا، ومن الغرب، ثم فيما بعد من أمريكا، دعم -فيما بعد- من مجلس الأمن، أو -آنذاك- من الأمم المتحدة، وأصبح حالة مدعومة عالمياً من تلك الأطراف الدولية، ومرحب به لديهم.
فلسطين جرح نازف.. وأمة تائهة!!
كان المفروض أن يشكل زرع هذا الكيان المعادي في قلب المنطقة: عامل يقظة واستنهاض لدى أمتنا، وعامل مراجعة، عامل يقظة: أن تنتبه الشعوب، حدث كبير، وحدث استثنائي، وغريب، وخطير، وليس عادياً، كيان معادي، ويأتي فيقتطع جزءاً من المنطقة، جزءاً من أرضنا العربية والإسلامية، ومن مقدساتنا، ويفتك بشعب كامل من شعوبنا، وبجزء كبير من أمتنا، يعني: جُرحاً كبيراً، الجرح الفلسطيني جرح كبير، وكان المفترض أن يكون موقظاً للأمة من حالة السبات التي كانت مستغرقةً فيها، ولكن حجم هذا الجرح -للأسف- لم يوقظ الأمة، ومنذ ذلك اليوم إلى اليوم لم تحظ هذه القضية، ولم يحظ هذا الحدث الكبير، وهذه المشكلة الكبيرة من الاهتمام في أوساط الأمة بقدر ما ينبغي، وبقدر ما يفترض، لا لدى نخبها، ولا لدى جماهيرها، يعني: لا يزال الموقف العربي، والموقف في العالم الإسلامي، لا يزال متواضعاً، لم يرق بعد في اهتمامه تجاه هذه المسألة إلى المستوى المطلوب وكما ينبغي، ولم يلتفت إليه بجدية كما يفترض؛ فيحظى باهتمام كبير جدًّا، هل هي قضية ساخنة في العالم العربي، في الأوساط والنخب: (الأوساط السياسية، والأوساط العلمائية، وفي الأوساط الأكاديمية، والأوساط الـ…الخ.) أوساط النخب؟ |لا| تحظى هذه -أحياناً- بجزء من الاهتمام، بقدر من التفاعل، ولكن ليس التفاعل المستمر، ولا التفاعل المثمر كما ينبغي. وكان يفترض أن يمثل أيضاً -كما هو عامل يقظة وعامل استنهاض- عامل مراجعة، لماذا تمكن الأعداء من أن يفعلوا بنا كل هذا؟ كيف نحج اليهود، من نقطة الصفر، أن يتحولوا في منطقتنا، بين أوساطنا، إلى كيان قوي، وكيان فاعل، وكيان يحضر بقوة، وينهزم الكثير أمامه؟
كان هناك فشل كبير للأداء الرسمي: الحكومات والأنظمة فشلت فشلاً ذريعاً إلى حدٍ كبير، ولكن –فيما بعد– كان هناك نجاح شعبي لقوى نشأت في الأوساط الشعبية، سواءً في فلسطين من خلال الحركات المجاهدة هناك، حركات المقاومة التي كان من نتائج مقاومتها تحرير قطاع غزة، وهزائم واضحة وصريحة، وانتكاسات كبيرة لإسرائيل، أو قبل ذلك، وأجلى من ذلك بكثير بكثير، ما حققه حزب الله في لبنان، والذي حققه حزب الله في لبنان كان يجب أن يحظى -من كل أبناء الأمة- بالاستفادة وبالاهتمام الكبير، يمثل درساً مهماً جدًّا جدًّا، ويمثل -في الوقت نفسه- حجة على الشعوب، حجة في مواجهة كل الذين حاولوا أن يفقدوا هذه الأمة الأمل بالنصر، كل الذين حاولوا أن يعمموا حالة اليأس في أوساط الأمة، كل الذين أشاعوا الروح الانهزامية في أوساط الأمة… هؤلاء كلهم ثبت أنهم مخطئون، واهمون، وأن هناك ما يمكن أن يبنى عليه.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة يوم القدس العالمي 1438هـ.