{وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}، هذه حالة خطيرة جدًّا. أنا أعتقد أنَّ هذا من أكبر العقوبات الإلهية على المتخاذلين، والمتنصلين عن المسؤولية، والراضين بالقعود، أنَّ من أكبر ما يعاقبهم الله به أن يطبع على قلوبهم، وإذا طُبِعَ على قلب الإنسان فهو يتعرض لحالتين خطيرتين جدًّا:
الحالة الأولى انعدام المشاعر الإنسانية: مهما حدث فقد أصبح قلبه بالطبع عليه قلبًا شبه ميت، لا يتفاعل، لا يتأثر بأي أحداث، هذا الإنسان المطبوع على قلبه، لو يشاهد ما شاهد من المآسي، لو يشاهد ما يشاهد، أو يسمع بما يسمع من جرائم، من هتكٍ للعرض، من أمور فظيعة جدًّا، أي إنسان فيه حياةٌ إنسانية: حياة الشعور، حياة الإحساس، حياة الوجدان، حياة القيم؛ يتألم، يتأثر، يتفاعل، يترتب على تفاعله هذا موقف، ولكن من طُبِعَ على قلبه. |لا|، يحصل ما حصل، يحدث ما حدث، يقع ما يقع، المآسي الكبيرة لا تؤثر فيه، لا يتفاعل معها، بارد، مهما حصل فهو ذلك البارد، اللامبالي، اللاملتفت إلى ما هناك، بل هو الذي يسخر من كل ذلك، ويعتبره شيئًا طبيعيًا، ويسخر من أولئك الذين يعيشون تلك المأساة.
المشكلة الثانية، والحالة الثانية الخطيرة جدًّا لمن طُبِعَ على قلبه، انغلاق حالة الفهم عنده: كل نوافذ الفهم تقفل عنده، مقفل، ما عاد يفهم، يتبلد ويتحول إلى غبي بشكل رهيب جدًّا، تكون نظرته إلى الأحداث وإلى الواقع نظرة غير صحيحة بالمرة، نظرة غبية تمامًا، نظرة جاهلة، لا ينظر نظرة صحيحة، لا يفهم الأشياء بشكل صحيح، لا يفهم الأحداث بشكل صحيح، يتحول إلى أسوء حالة من الغباء، أغبى من حمار أهله، إن كان لديه حمار في المنزل، يصبح أغبى من ذلك الحمار الذي في المنزل، غبي إلى درجة رهيبة جدًّا، لا يفهم الأحداث نهائيًا، ولا عواقبها، ولا مساراتها، ولا ما يترتب عليها، وينظر إلى الأشياء من حوله نظرةً غبية بكل ما تعنيه الكلمة، هذه عقوبة خطيرة جدًّا؛ لأن من أعظم ما يتميز به الإنسان هو: إحساسه، وجدانه، مشاعره الحيَّة، وأيضًا فهمه، وعيه، بصيرته، فإذا فَقَدَ ذلك الإحساس، وذلك الشعور الإنساني الحي، المتفاعل مع الواقع من حوله، وفَقَدَ البصيرة، والوعي، والنظرة الصائبة، والفهم الصحيح لما يدور في هذه الحياة؛ فَقَدَ قيمته الإنسانية، وخاصيته الإنسانية، وأصبح {كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}[الأعراف: من الآية179]، كما يتحدث القرآن في آيةٍ أخرى، فمن أسوء ما يعاقب به الإنسان الذي رضي بالقعود والجمود هو هذه العقوبة الإلهية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرابعة بمناسبة الهجرة النبوية 1440هـ – 4 – 4أبريل, 2019م.