نعم. في هذا السياق مع خواتم خواتم الشهر الكريم وما يمكن أن يكون قد تركه من أثر إيجابي في أنفسنا، في وجداننا في مشاعرنا في استشعارنا للمسؤولية، وفي آخر جمعة من شهر رمضان، والتماساً لبركة الشهر الكريم، والتماساً لبركة ليلة القدر وما يُقدّر الله فيها لعباده أعلن الإمام الخميني (رضوان الله عليه) آخر جمعة من شهر رمضان المبارك [يوم القدس العالمي]، أراده أن يكون يوماً لإحياء القضية المركزية للأمة وإعادتها إلى الأذهان قبل أن تكون نسياً منسياً، أن يكون يوماً لإعادة القضية الكبرى للأمة إلى دائرة الاهتمام، أن يكون يوماً لاستنهاض الشعوب للقيام بمسؤوليتها تجاه قضيتها الكبرى.
المظلومية الأكبر المنكر الأكبر الذي يجب أن تسعى الأمة من واقع المسؤولية لمواجهته لتغييره ألا تسكت عليه ألا تتجاهله، مظلومية الشعب الفلسطيني وما هناك من إنتهاك للحرمات واغتصاب للمقدسات، بكل ما لتلك المقدسات وفي مقدمتها الأقصى الشريف من رمزية كبيرة في مشروعنا الإسلامي الكبير، في ديننا، في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى.
أن يكون يوماً لإفشال كل المؤامرات من جانب الأعداء لتصفية هذه القضية، أن يكون يوماً لتبقى هذه القضية حيّة في نفوس المسلمين، يوماً تقول فيه الأمة كلمتها عن عدوها الحقيقي في ظل سعي للبس على الأمة، ولإدخال الأمة في مشاريع عدائية أخرى بعيداً عن مواجهة عدوها الحقيقي، يوماً لتبقى مشاعر الرفض لإسرائيل حيّة في نفوس المسلمين، فنستشعر من خلال استشعارنا لهذه المظلومية لهذه القضية، نحمل في نفوسنا مشاعر الرفض لهذا العدو الذي يمارس أكبر الظلم لأمتنا لشعبنا الفلسطيني العزيز، وأكثر من ذلك ليكون هذا اليوم منطلقاً لتحرك جاد مسئول واعِ، نحو مشروع عملي لمواجهة هذا الخطر، لتغيير هذا المنكر، لإزالة هذا الظلم، لطرد ذلك المغتصب؛ لأن الشعوب العربية من خلال الشعوب المسلمة بكلها، من خلال إحياء هذه القضية في مشاعرها وإدخالها في دائرة اهتمامها، في سلّم أولوياتها كقضية مركزية رئيسية يمكن لها البحث عن الرؤى الصحيحة التي تُمثل حلاً، ويمكن أن تحقق لها ما يتوجب عليها من مسؤولية وموقف لتغيير ذلك الظلم المؤسف.
وعندما نعود أيها الإخوة الأعزاء إلى هذا اليوم الذي يجب أن يتحرك فيه الجميع لإحيائه، يجب أن تتحرك الشعوب المسلمة من موقع المسؤولية، تحركاً جاداً فيه لتقول كلمتها، لتوصل صوتها، لتعيد تفعيل هذه القضية من جديد.
عندما نتعامل مع هذه المناسبة كمنطلق وأُفق واسع نطل من خلاله على هذه القضية بكل أبعادها، بكل مسبباتها، لندرس ما هي العوامل التي جعلت واقع الأمة يتعاطى مع هذه القضية الكبرى من موقع الضعف والعجز والاضطراب والتجاهل إلى حد كبير؟ ما هي العوامل السلبية المؤثرة على موقف الأمة تجاه هذه القضة؟ ثم ما هي العوامل الإيجابية التي يمكن تفعيلها حتى تكون الأمة في المستوى المطلوب والمنشود والمستوى اللائق والمستوى الذي يمثل فعلاً استجابة لله سبحانه وتعالى وانسجاماً مع هوية الأمة الهوية المقدسة إلى إسلامها العظيم؟
عندما نطل من هذا الأُفق الواسع، إلى هذه القضية بكل أبعادها، بالأسباب والمسببات والحيثيات والأبعاد والمستقبل نرى أن هناك عوامل كثيرة ومتعددة على مستوى الضعف، وهناك عوامل يمكن أن تكون عوامل قوة، في مقدمة العوامل السلبية المؤثرة على موقف الأمة، يبرز التعاطي الرسمي للحكومات، الحكومات والدول والجيوش والزعماء في العالم الإسلامي - في الأعم الأغلب - تعاطت تعاطياً سلبياً لا مسئولاً مع هذه القضية!.
بل التخاذل، التجاهل، حذف هذه القضية عن مستوى الاهتمام بها وتحويلها إلى قضية هامشية وأحياناً الاكتفاء بمجرد الاستغلال بالشكل الذي لا يضر بالعدو الإسرائيلي، بل مستوى الاستهلاك والاستغلال في حالة ترميز أو ما شابه لدى الشعوب الإسلامية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة يوم القدس العالمي 1433هـ.