المستكبرون ينشطون يواجهون الرسالةَ الإلهية في مبادئها المهمة وقيمها العظيم وهدفها بتحرير الإنْسَان، إنقاذ الإنْسَان وتكريم الإنْسَان وتحقيق العدالة للبشرية، وبالطبع ينشطون بين أَوْسَاط الضعفاء بين أَوْسَاط بقية فئات المجتمع من حولهم؛ لأن المستكبرين لا يعيشون في واقعهم حالة انعزالية لا.. أَسَاساً الاستكبارُ عملية ترتبط ما بينهم وبين الآخرين، هم يستكبرون على الآخرين، يستكبرون على الضعفاء، يستكبرون على بقية فئات المجتمع من حولهم بهذه النزعة لديهم وتلك الغطرسة بذلك التحكم والطغيان بتلك الهيمنة بذلك الاستئثار والاستبداد، لديهم هذا التوجه، فهم يتجهون إلى المجتمعات من حولهم لضمان الهيمنة عليها بكل الوسائل والأَسَاليبِ.. فئةٌ واسعةٌ من أَبْنَاء المجتمع هي أَوْ الكثير منها يخضعُ لهم، يلبي رغبتهم الاستكبارية من خلال الاذعان والتقبل المطلق والتبعية العمياء لهيمنتهم وسيطرتهم هذه الفئة يسميها القرآن بالضعفاء، ولربما الكثير من المجتمعات والكثير من الناس أفراداً ينظر إلى واقعه فيعتبر نفسَه ضعيفاً؛ إما بضعف الإمْكَانيات كأن يكون فقيراً فيعتبر نفسَه ضعيفاً؛ لأنه لا مال له لا ثروة له، هو ضعيفبالنسبة إلى ذوي الغنى والثروة أَوْ باعتبار ان أُولئك يشكّلون المستكبرين من موقعهم السلطوي والمادي وثرائهم وأخذهم بأَسْبَاب القوة، مظهر من مظاهر القوة فيرى الآخرون أنفسهم ضعافاً أمامهم أَوْ ضعفاء تجاههم فيعتبرون أنفسهم في حالة الضعف، الكثيرُ من هؤلاء الضعفاء الذي هو ضعيفٌ لفقره أَوْ ضعيفٌ لقدراته أَوْ لإمْكَاناته أَوْ لأي اعتبار آخر ينجذبُ نحوَ هؤلاء المستكبرين فيشكّل الضعفاء فئةً واسعةً وَأداة مهمة يعتمدُ عليها المستكبرون، المستكبرون دائماً هم أقلية ولكن لها جمهورٌ واسعٌ وعريض ولها قوة تعتمدُ عليها، وهذا من العجيب جداً، أَمّا الضعفاء ينظرون إلى المستكبرين كقوة والمستكبرون ما كانوا أَسَاساً أقوياء الا بالضعفاء وانظر في التأريخ في كُلّ التأريخ إلى كُلّ طاغية إلى كُلّ مستكبر تجد ان جيشَه وقوتَه وعتادَه وإمْكَاناته تعتمدُ في الأَسَاس من خلال ما سيطر عليه من خلال أَدَوَاته التي واحدة منها القدرة البشرية ما لديه من جيش ما لديه من أنصار وهم يشكلون في واقعهم العام وطبقتهم الساحقة من فئة الضعفاء، فالمستكبر قوي بالضعفاء والضعفاء انخدعوا ورأوا في المستكبر أنه يشكّلُ قوة فانجذبوا إليهِ بحكم إحساسهم بالضعف للانضواء تحتها إمَّا اذعاناً وأما رغبة وميلاً ولهذا يحكي القرآن الكريم هذه الحالة حالة الانجذاب لدى فئة واسعة من الضعفاء الانجذاب الذي يوصلهم إلى الذوبان إلى التبعية العمياء إلى الطاعة المطلقة إلى جعل أُولئك المستكبرين أنداداً من دون الله يطيعونهم أكثر من الله وفيما يعصي الله فيما هو معصية لله سبحانه وتعالى فيقول جل شأنه "ومن الناس مَن يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحُبّ الله" تصبحُ حالةُ الانجذاب انجذاباً بمحبة حتى وتصل حالةُ التبعية العمياء والطاعة المطلقة والاستسلام التام والخضوع المطلق إلى هذا المستوى الذي يسميه القرآن أنهم جعلوهم أنداداً من دون الله ارتبطوا بهم بطبيعة الارتباط الذي ينبغي ان يكونَ بينهم وبين الله سبحانه وتعالى " يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ? وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ". ونلاحظ هنا ان عاملَ القوة من خلال الآية القرآنية نلاحظ ان عامل القوة مثّل عامل انجذاب للبعض من الضعفاء إلى أُولئك المستكبرين لأنهم رأوا فيهم الأقوياء فأرادوا ان يستمدوا قوةً من قوتهم فانجذبوا إليهم بهذا العامل ثم يقول "إذ تبرأ الذين اتبعوا" هي علاقة تبعية كيف جعلوهم أنداداً؟، هل كانوا يصلون لهم صلوات كمثل الصلاة التي يصليها لله سبحانه وتعالى؟ لا، المسألةُ مسألةُ تبعية عمياء تبعية في كُلّ شيء في الحق والباطل والصحيح والغلط في الطغيان في الظلم تبعية عمياء لهذا قال "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا"؛ لأن هذه الحالة التي جعلوهم فيها انداداً من دون الله هي حالة تبعية عمياء ومطلقة فيوم القيامة تبرأوا منهم "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ" إلى آخر الآيات المباركة.
السيد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي / حفظه الله .
من خطابه بمناسبة - العام الهجري- 1438/هـ.