ومشكلة قوى الطاغوت والكفر والاستكبار والنفاق مع القرآن الكريم كانت مشكلةً منذ بداية نزوله، ومنذ بداية الرسالة الإلهية به على رسول الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه"، فالقرآن الكريم كان منذ البداية المعجزة الخالدة، والمعجزة العظيمة، وعامل جذبٍ وتأثيرٍ كبير وهدايةٍ، من جانب إعجازه، وفي أثره النفسي، وفي هدايته، وحجته، وبيانه، ومضامينه العظيمة والنافعة، وفيما يقدمه من علوم ومعارف وهداية واسعة.
ولـــذلـك كان من أهم ما يركز عليه الكافرون وقوى الطاغوت والاستكبار، المجرمون والمضلون، كانوا يركزون على محاربة القرآن نفسه، بالدعايات، والإساءات، والتشويه، واشتهر عنهم مما ركزوا عليه في دعاياتهم ضد القرآن الكريم دعاية أنه سحر، {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ}[المدثر: من الآية24]، وتكررت هذه الدعاية التي تتضمن- من جانبٍ معين- انبهارهم بالقرآن الكريم، واعترافهم بتأثيره الكبير، وبعظمته، وبأهميته، فشنوا هذه الدعاية في الإساءة إليه، والتحذير منه، وكانوا في حالة عجزٍ أمام إعجاز القرآن الكريم من جهة بلاغته، وفصاحته، وهدايته، وتأثيره على المستوى الروحي والنفسي بشكلٍ إيجابيٍ عظيم، ووصل بهم الحد في محاربتهم له عندما كانوا يقولون: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت: من الآية26]، فكانوا يحذرون حتى من الاستماع إليه، من الإصغاء إليه، وينفرون الناس عنه، ويحاولون أن يفصلوهم عنه، على مستوى الاستماع، وعلى مستوى الاهتداء والإتِّباع، ومشكلتهم معه فيما يتضمنه:
- أولاً: هي مشكلة على المستوى الإجمالي.
- وعلى المستوى التفصيلي.
مشكلتهم معه إجمالاً: أنه المعجزة الكبرى الخالدة لرسول الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه"، وأنه يؤثر أثراً عظيماً، سرٌ من أسراره العجيبة: أودع الله فيه الأثر العجيب على المستوى الروحي والنفسي.
وهو أيضاً على المستوى التفصيلي: فيما يقدمه من مبادئ، فيما يقدمه من قيم، فيما يقدمه من تعليمات، إذا أخذت بها البشرية، يتحقق بذلك لها إقامة القسط، وتحقيق العدل، في تزكيته للنفس البشرية، فيما يواجه به الضالين، والمفسدين، والمستكبرين، والمجرمين، الذين يمثلون مصدر شر وخطر على المجتمع البشري، ولا يقبلون بهدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ولا يتزكون به.
لذلك مشكلتهم معه هي إجمالاً وتفصيلاً، مشكلة انزعاج كبير، يعتبرونه أكبر عائقٍ أمامهم، أكبر عائقٍ أمامهم في سعيهم للسيطرة على المجتمع البشري، وما يعتمدونه لتحقيق هدفهم ذلك من إفساد للمجتمع البشري، من إضلال للمجتمع البشري، من سعي للسيطرة عليه بالقوة والجبروت، القرآن الكريم يمثل عائقاً لهم أمام كل ذلك، فيما يقدمه من هداية ترتقي بالمجتمع البشري، تنقذه، تحرره، إذا أخذ بتعليماته يعتز، تمثل صلةً له بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، يحظى بعونه، بنصره، بتأييده، ولذلك فهم ينزعجون جداً من القرآن الكريم، في إطار حربهم التي تستهدف المجتمع البشري نفسه، مشكلتهم مع القرآن لأهميته، ودوره الأساسي في إنقاذ الناس، وتحريرهم من شرهم وفسادهم، فهم يتجهون بحربهم إلى المجتمع البشري لإضلاله، وإغوائه، وإفساده، ويركزون على الإفساد للمجتمع البشري في كل شؤون حياته:
- الإفساد في الجانب الأخلاقي.
- في الجانب الاقتصادي.
في كل مناحي الحياة، والقرآن يمثل أكبر عائق أمامهم في ذلك، إذا بقي المجتمع البشري مرتبطاً به، مهتدياً به، فهو يحصنه، وهو أيضاً كفيلٌ بأن يرتقي به إلى مستوى الحصانة الثقافية، والفكرية، والأخلاقية، والتحرير للمجتمع البشري من العبودية للطاغوت كعنوان أساسي في القرآن الكريم.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة جمعة رجب 1444هـ