مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
الهيئة العامة للأوقاف والإرشاد
قطاع الإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
-------------------------------
خطبة الجمعة الثانية من شهر جماد الآخرة 1447هـ
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان:(  (شرع الله لمصلحة عباده))
التاريخ: 8 / 6 / 1447ه‍ـ  الموافـق :  28/ 11/ 2025م 
الرقـم:(23)
➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة
نقاط الجمعة.
نقاط الجمعة 
1- *تشتمل كل تشريعات الله على* الخير للناس وهي بمقتضى رحمةالله وحكمته فلا يشرع للناس إلاماهو لصالحهم في الدنياوالآخرة ومن أمثلة ذلك الفرق بين الزواج والزنا فالزواج يبني الأسر ويصون المجتمع بينما الزنا يدمر العلاقات ويحطم المجتمع وهذا ما يسعى له الغرب عبر الحرب الناعمة 
2-  *في المأكل والمشرب أحل الله* لناالطيبات وهي كثيرة وحرم عليناالخبائث التي فيهاضرر علينا وهي قليلة 
3-  *الله أمرنا بالجهاد لأن فيه* الخيرلنا في الديناوالآخرة بينماإذا تركت الأمةالجهاد ظنًا منها أن في ذلك الخيرلها فهي مخطئة وتتعرض للهيمنة من الأعداء والقهر والاستعباد 
4- *البعض من الناس حينما يتأملون* الوضع في سوريا وانجرارهم نحو التطبيع يتعجب وقد يصاب باليأس بينما المؤمنون يثقون بالله ونصره ولا يمكن أن يتزحزحوا مهما كان حجم ومستوى المتغيرات 
5-  *الشعب اليمني ماضٍ في تحمل* مسؤوليته ومستمر في الإعدادوالجهوزية 
على كل المستويات 
وعلينا المشاركةفي الحراك القبلي والوقفات بعد صلاة الجمعة ويجب التفاعل معها لأنها من الجهاد في سبيل الله ومؤثرة على العدو.
➖➖➖➖➖ ➖➖
🔹ثانياً:  خطبة الجمعة

  • الخطبة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي عَلَا بِحَوْلِه، ودَنَا بِطَوْلِه، مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وفَضْلٍ، وكَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وأَزْلٍ، أَحْمَدُه عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِه وسَوَابِغِ نِعَمِه، وأُومِنُ بِه أَوَّلًا بَادِياً، وأَسْتَهْدِيه قَرِيباً هَادِياً، وأَسْتَعِينُه قَاهِراً قَادِراً، وأَتَوَكَّلُ عَلَيْه كَافِياً نَاصِراً، ونشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه، أَرْسَلَه لإِنْفَاذِ أَمْرِه وإِنْهَاءِ عُذْرِه وتَقْدِيمِ نُذُرِه، اللهم صلّ وسلم عليه وعلى آله الأطهار، وارض عن صحابته المنتجبين الأخيار.
أما بعد/ عباد الله:
أوصيكم ونفسي أولاً بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
أيها المؤمنون:
تشتمل كل أوامر الله وتشريعاته على المصلحة والخير للناس في الدنيا والآخرة، فما من أمر من أوامر الله سبحانه وتعالى إلا وهو وفق مقتضى رحمته بعباده ومصلحتهم في الدنيا والآخرة، والله سبحانه وتعالى أعلم بمصالح عباده وأرحم بهم من أنفسهم وهو أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، ولا يريد لهم إلا الخير في الدنيا والآخرة، وكلما نهى الله سبحانه وتعالى عنه عباده فلأنه شر عليهم، ولأن في إتيانه الضرر والخطر عليهم، والسوء لهم في الدنيا والآخرة، وهذا عام في كل أوامر الله ونواهيه، وفي كل الحلال والحرام، وعلى سبيل المثال: كم هو الفرق بين الحلال والحرام في النكاح، وكم هي المصالح المترتبة من الزواج المشروع حيث شرعه الله لبناء أسرة وتحصل به السكنية والمودة كما قال الله: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} وكما قال: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}، ويحصل فيه التكامل في الحياة والتعاون على صعوباتها من قبل الزوج والزوجة، ويكون الأبناء والبنات عوناً للوالدين عند تقدم السن؛ فهو تشريع له أهداف سامية ومصالح استراتيجية، وفيه تنظيم للعلاقات الإنسانية.
بينما الزنا المحرم والشذوذ المنحرف فيه الخزي والعار والخوف والفضيحة، إضافة إلى ما فيه من تدمير للأسر وخراب للبيوت، بالإضافة إلى أنه عدوان على أسرة أخرى وتضييع لمن قد يحصل من أولاد  الزنا الذين يأتون إلى الحياة فيضيعون دون أن يعرفوا من يعيلهم ويربيهم، وأيضاً يعرض الزنا أسرة الفاعل وأهله إلى الاعتداء عليهم عاجلاً أو آجلاً، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم)، وهذا كلام من لا ينطق عن الهوى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، فالذي يحافظ على أعراض غيره فإنما يحافظ على عرضه أيضا، ومن يعتدي على أعراض الآخرين فإنما يعرض أهل بيته للخطر في كل مستويات الخطر، فمن ينظر إلى أعراض الآخرين يعرض أهله للنظر ومن يمد يده فكذلك، وهكذا في كل مستوى من العدوان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي الذي جاء ليدخل في الإسلام ويريد أن يأذن له في الزنا: (أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟ أترضاه لبنتك؟ أترضاه لزوجتك؟ والأعرابي يقول في كل مرة: لا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما بال ما لا ترضاه لأهلك ترضاه للناس، فقال

الأعرابي إذن لا أعود لذلك يا رسول الله) وقد قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: (ما زنا غيور قط)، وقال عليه السلام: (على قدر غيرة الرجل تكون عفته).
وما أحوجنا اليوم لأن نتذكر هذه التوجيهات والمواعظ ولا سيما مع الحرب الشيطانية التي يقودها شياطين الجن والإنس الذين يستخدمون ما وصلت إليه البشرية من تكنولوجيا في الترويج للرذيلة ومحاربة الفضيلة كما هو الحاصل في مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت التي يستخدمها اليهود لنشر ثقافة الانحلال والانحراف ولنشر الفساد والعهر والترويج للزنا، حيث ينشرون القنوات الإباحية ويروجون للزنا، والبعض لا يراقب أولاده ولا ينصحهم على خطورة مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت أداة  لنشر الفساد ومعول هدم بيد الأعداء، والبعض ليس قدوة صالحة لأسرته وأولاده، وما زاد الأمر خطورة هو حالة الإدمان التي وصل البعض إليها حتى فسد بعض الشباب والبنات والرجال والنساء والصغار والكبار، وانحرفت بعض الأسر وتفككت ووصل الحال للطلاق وضياع الأولاد والله المستعان.
أيها المؤمنون:
كلما فرضه الله سبحانه لنا فيه مصلحتنا علاوة على الأجر والثواب الذي يكتبه الله سبحانه لنا على القيام به؛ فعندما أحلّ الله لنا الطيبات من الأكل والشرب فإنه جعل ذلك واسعاً ولم يضيق فيه علينا، وما أكثر المأكولات والمشروبات الحلال وما ألذها وما أكثر فوائدها، وأحلّها لنا لأن فيها مصلحتنا وبها قوام حياتنا لأجسادنا وعافيتنا، لكنه سبحانه حرّم علينا الخمر والمخدرات لأن في ذلك مضرة علينا؛ فهي تدمر صحة أجسادنا وتتلف أكبادنا وتذهب عقولنا، والمتعاطي لهذه الآفة يصبح بين الناس منبوذاً، ولا يستطيع أن يندمج في المجتمع ولا أن يشاركهم حياتهم؛ لأنه يفقد تفكيره ويفقد عقله، وقد يؤدي شرب الخمر والمخدرات بصاحبه إلى أن يقتل وإلى أن يزني وإلى أن يطلق زوجته وإلى أن يؤذي أولاده وجيرانه وإلى أن يبيع أمواله من أجل الحصول على المحرمات، فالخمر هو أم الكبائر، والمخدرات والخمور ملعون متعاطيها وبائعها وشاربها وحاملها والمتعاون فيها في الدنيا والآخرة، وتحريم الله لها ليس لأجل تكدير الحياة علينا وتقييد حرياتنا وإنما لأجل حمايتنا ووقايتنا من الشرور والأخطار المضرة علينا.

  • عباد الله:

عندما أمرنا الله بالجهاد في سبيله والقتال ضد أعدائه المعتدين فهو من باب رحمته بنا ولطفه بعباده وحكمته ولأن فيه الخير لنا، وفي القيام به العزة لهذه الأمة والقوة والغلبة والتمكين والرفعة والأمن والاستقرار، وفي ترك الجهاد في سبيل الله: الضعف والهوان والاستكانة لهذه الأمة وانتهاك حرمتها وسفك دمائها وإفساد أخلاقها ونهب ثرواتها واحتلال أرضها وتبديل دينها وإضلالها وذهاب ريحها ومجدها، قال الله سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، فعندما أمرنا الله به؛ فإنه قال لنا: لا تتصوروا أن هذا الأمر شر عليكم بل هو الخير لكم، وهو المصلحة لكم والمفيد النافع لكم، فالجهاد في سبيل الله فيه الخير كله وإن كانت النفوس تكرهه لأن نظرة النفوس خاطئة وقاصرة، ولا ينبغي أن نقتنع بما تكرهه نفوسنا؛ فالله أعلم بمصالحنا من أنفسنا، وكراهية القتال عند النفوس هو عام حتى عند اليهود الذين هم أحرص الناس على حياة ويكرهون الموت بشدة، لكنهم يقاومون هذه النظرة السطحية ويسعون إلى امتلاك كل وسائل القتال، وكل ما يضمن لهم التفوق في القتال، ويسعون لصناعة أفتك الأسلحة وأشدها لأنهم يعلمون أن قوتهم وعزهم ليس في ترك القتال وإنما في امتلاك الأسلحة والقتال حتى النصر، وهم يتمنون لو أننا نترك القتال ولو للحظة ليتمكنوا من قتلنا والقضاء علينا قال الله سبحانه وتعالى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} فترك القتال من جهتنا هي نقطة ضعف لنا ونقطة قوة للعدو، وعندما أمرنا الله بالقتال في سبيله فهو يريد لنا أن نكون أقوياء حتى لا نظلم ولا نقهر ولا نُضام، وقد حوّل الله الصراع والقتال إلى جهاد مقدس في سبيله فاعتبر من يمتثل لأمره بالجهاد جندياً في سبيله، ووعده بالنصر، واعتبر قضية العدو محسومة، وأنه سيهزمهم، ووعد المستجيبين للجهاد بالنصر والتمكين قال سبحانه: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ}، وقال سبحانه وتعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ . وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

وفي تشريع الله للجهاد في سبيله: الخير كله في الدنيا والآخرة؛ فمن عاش أدرك النصر ومن قُتل نال وسام الشهادة قال سبحانه وتعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}، وقال سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.
وفي ترك الجهاد: الضعف والهوان والاستعباد قال الله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}، {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ فخير الدنيا والآخرة فيما شرعه الله لعباده من مقتضى رحمته، والشر على الناس في الدنيا والآخرة هو فيما نهى الله عنه وصدق الله القائل: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا . وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا . وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {بسم الله الرحمن الرحيم . وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

  • *الخطبة الثانية* 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ وآله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أما بعد/
عندما يرى البعض ما آلت إليه الأوضاع في سوريا من تحول و ضعف وهوان وصل لحد التطبيع والتنازل عن السيادة والكرامة، وعندما يرى البعض الوضع في غزة ويرى طغيان اليهود وتواطؤ العالم الظالم معهم؛ فقد يصل البعض لليأس والإحباط، ولكن المؤمن يرى في ذلك قرب الفرج والنصر كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (اشتدي أزمة تنفرجي)، وكما قال سبحانه: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}، ووعود الله حتمية وصادقة، وجنود أمريكا ضعاف، وقوة الله فوق كل قوة: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}، {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وقد شاهدنا ورأينا كيف تهاوت قوة أمريكا وحاملات طائراتها أمام قوة الله وبأس عباده المؤمنين في البحر الأحمر، وشاهدنا كيف عجرت قوة الصهاينة ومن معهم خلال عامين أمام المجاهدين في غزة رغم فارق الإمكانات ورغم دعم أمريكا للصهاينة بأكثر من ألف طائرة شحن كبيرة محملة بالسلاح وأكثر من مائة وخمسين سفينة، فضلاً عن الضباط المشاركين في غرف العمليات والدعم الاستخباراتي والسياسي والدعم الأوربي والتخاذل والتواطؤ العربي، ومع ذلك عجزوا واضطروا للجلوس على طاولة المفاوضات والخروج باتفاق وإن كانوا ينقضونه كل يوم، لكن العبرة أنهم ضعاف إذا ما تحركنا وجاهدنا في سبيل الله ولا ينفع معهم إلا الجهاد في سبيل الله.
وها هو مجلس الأمن الدولي الذي عجز عن إيقاف الإبادة في غزة نراه يقدم مشروع قرار أمريكي إسرائيلي لنزع السلاح التقليدي من أيدي المستضعفين ولا يتحدث عن المجرمين الصهاينة وسلاحهم النووي، ويلزم بوقف إطلاق النار ولكن من طرف واحد هو طرف المدافعين عن أنفسهم وأرضهم ودينهم، أما الصهاينة فلا أحد يمنعهم في صورة تعكس أهمية وضرورة الجهاد، وقد رأينا تجليات الإيمان والحكمة في يمن الإيمان والجهاد في شكل مواقف ثابتة فالإيمان والحكمة ليست معلبات وليست شعارات ولكنها مواقف إيمانية حكيمة في هذا الشعب الذي عندما منحه الله قائداً مؤمناً حكيماً تجلى فيه الإيمان والحكمة، وتفجرت ينابيع الحكمة في مواقفه، وظهر جلياً خلال معركة الإسناد لغزة، ويظهر اليوم في الوقفات القبلية المسلحة الحكيمة والإيمانية

مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (رحم الله امرأً أراهم من نفسه قوة)، وهذا ما نراه في التعبئة المستمرة التي يقوم بها هذا الشعب الذي يعرف أننا نعيش في عالم تحكمه القوة ولا يحترم إلا الأقوياء ولا يفهم إلا لغة القوة، ولا يمكن أن يسلم فيه إلا من بنى واقعه على مقتضى القوة والمنعة.
ولذلك نرى المؤمنين في كل يوم جمعة وبعد صلاة كل جمعة يقفون الوقفات على أبواب المساجد ليعلنوا جهوزيتهم واستعدادهم ويقظتهم أمام كل مؤامرات الأعداء، وإننا على يقين بأننا في استراحة محارب بين جولة ماضية وجولة قادمة حاسمة يجب أن نعد لها كل ما أوتينا، فكما يلتقط العدو أنفاسه ويرص صفوفه نحن أيضاً له بالمرصاد، وإن عاد عدنا وعاد الله معنا، وبأيدينا السلاح الذي ذاقوا بأسه، وفي قلوبنا الإيمان الذي رأوا تجلياته صموداً وعزماً، والنصر وعد الله لنا إن تحركنا واستجبنا، ونحن جنوده ونحن عبيده ونحن أنصاره وهو نعم المولى ونعم النصير.

  • أيها المؤمنون:

كنا خلال عامين نخرج في ميدان السبعين وفي بقية الساحات، وكنا نقطع المسافات الطويلة والساعات الكثيرة لحضور هذه المسيرات، واليوم سهّل الله ذلك وأصبحت الوقفات بأبواب المساجد، ولو عرف الناس أثر هذه الوقفات على نفوسهم وعلى العدو وكم يخاف منها وهو يرى فيها اليقظة والجهوزية والوعي  لما تركوها، فهذه الوقفات هي ممارسة جهادية من الجهاد في سبيل الله فيجب أن نستمر فيها، وأن نستمر في دورات التعبئة القتالية، وأن نهتم بالإنفاق في سبيل الله كما قال سبحانه: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ وجلّ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، اللهم صلِّ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم اهدِنا فيمَن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقِنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل مَن واليت ولا يعزُ من عاديت، اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلّغنا به جنتَك  ومن اليقين ما تُهون به علينا مصائبَ الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعِنا وأبصارِنا وقواتنا ما أبقيتنا واجعلهُ الوارثَ منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصُرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتَنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبرَ همِنا،  اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة ولبنان والعراق، وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖➖➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
 بديـوان عــام الهيئة.
---------------
 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر