الجمهورية اليمنية
الهيئة العامة للأوقاف والإرشاد
قطاع الإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
خطبة الجمعة الأولى من شهر جمادى الآخر 1447هـ
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان:(وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ)
التاريخ: 1447/6/1ه 2025/11/21م
الرقم: (22)
➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة
نقاط الجمعة
1️⃣- (من المؤمنين رجال صدقوا...) هذه الآية حددت أن الرجال الصادقين هم نوعان لا ثالث لهما: الشهداء ومن ينتظر لاستكمال الدور ومواصلة المشوار.
2️⃣-نحن لابد أن ننطلق مجاهدين في سبيل الله كالشهداء بدون أن نبدل أو نغير أو ننحرف (وما بدلوا تبديلا).
3️⃣- من مواصفات الذين يبيعون أنفسهم من الله هو ما ذكره الله في سورة التوبة بعد أن قال(إن الله اشترى...) قال بعدها (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون....)
4️⃣- كشفت الأجهزة الأمنية عن إنجاز كبير ونوعي موثق بالاعترافات لمجموعة من العملاء والمنافقين الذين كان يفترض بهم أن يعتبروا بالخلايا السابقة وهذا تحقق بفضل الله والأجهزة الأمنية وتعاون المواطنين ونطالب بإنزال أقسى العقوبات على هؤلاء الخونة لأننا متبرئين منهم كما أكدت على ذلك الوقفات القبلية.
5️⃣في الشتاء لا بد من الإكثار من شرب الماء تجنبا للجلطات وفي المناطق الساحلية والحارة لا بد من مكافحة البعوض التي تسبب العديد من الأمراض وذلك بردم البرك والمستنقعات والاهتمام بالنظافة ورش المبيدات وغير ذلك.
➖➖➖➖➖ ➖➖
🔹ثانياً: خطبة الجمعة
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا . قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا}، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله الأطهار، وارض عن صحابته المنتجبين الأخيار.
أما بعد/ أيها الإخوة المؤمنون:
أوصيكم ونفسي أولاً بتقوى الله عز وجل فإنها أفضل الزاد: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، وإنها أحسن لباس قال سبحانه وتعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}، وعاقبة صاحبها خير عاقبة: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
أيها المؤمنون:
يقول الله سبحانه وتعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا . لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} صدق الله العظيم.
ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أنواع الرجال الصادقين، وأنهما اثنان لا ثالث لهما، النوع الأول: قضى نحبه صادقاً مقبلاً غير مدبر، وهو ثابت على عهده حتى لقي الله شهيداً، وهؤلاء الشهداء أبرز صفة فيهم هي الصدق، حيث كان تدينهم صادقاً وانتماؤهم صادقاً وإيمانهم صادقاً وكانت شعاراتهم صادقة، ولقد قالوا فصدقوا وفعلوا ما يصدّق أقوالهم، وكانت دماؤهم تأكيداً على صدق الانتماء وقرباناً في دين الصدق، وصدقوا الله فصدقهم فنالوا الجزاء العظيم: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ}، {يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}
عباد الله الأكارم:
أما النوع الثاني من رجال الله فهم أنتم أيها المجاهدون، وينبغي أن يكون كل واحد منا مجاهدًا في سبيل الله، وأن يحمل روحية الجهاد وروحية الشهداء وأن يجسد صدقهم وأن يقتدي بهم؛ فالجهاد ليس أمراً اختيارياً فمن أراد أن يقوم به قام ومن لا يريد فلا يجب عليه، بل هو واجب على كل مسلم كالصلاة المفروضة، وهو علامة الإيمان قال الله سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، كما أنه شرط دخول الجنة لمن أرادها قال الله سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.
وهذا النوع من رجال الله هم من قال الله فيهم: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} هكذا وصفهم القرآن الكريم بأنهم من ينتظر، فما هو الانتظار؟ وأي شيء ينتظره هؤلاء الرجال؟ إنهم ينتظرون تحقق الوعود الإلهية التي هم مؤمنون بها، ومنها: وعود الله الحتمية بالنصر للمؤمنين كما قال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ
أَقْدَامَكُمْ}، {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}، وينتظرون وعود الله الحتمية بهزيمة أعدائه كما وعد سبحانه: {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}، {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ}، وينتظرون تحقق وعود الله بالخزي والندامة والخسارة للمنافقين والعملاء، كما وعد الله تعالى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}.
هذه وعود الله التي هي جزء من الغيب الذي يؤمنون بتحققه وهم مؤمنون بما هو أبعد منها وهي الجنة والنار في الدار الآخرة، وتلك الوعود ستتحقق لأن وراءها الله الذي هو على كل شيء قدير، القائل: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} وهم يزدادون إيماناً بهذه الوعود كلما تجددت المواجهة كحال أولئك المؤمنين السابقين: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}، كما أنهم ينتظرون إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، وبالتالي فهم دائماً في حالة استعداد للقاء الله، ولا يمكن أن يقترفوا ذنباً أو يعملوا ظلماً لأن لقاء الله نصب أعينهم، وهم في شوق ولهفة وانتظار للقاء الأحبة الذين سبقوهم؛ فرجال الله ينتظرون في الميدان، ولا ينتظرون بمجرد الآمال الفارغة والقعود في البيوت بل انتظار عملي، وانتظار في مقام الجهاد، ويواصلون المشوار ويكملون المسار ويرفعون الراية ويبذلون قصارى جهدهم وجهادهم ليرى الله صدقهم ووفاءهم فيكرمهم بما أكرم من سبقهم، وليحظوا بالقرب والفوز العظيم.
أيها المؤمنون:
وصف الله رجاله المجاهدين أيضاً بوصف هام وهو قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} بمعنى أنهم في نفس خط الشهداء، ويحملون روحيتهم ويجسدون إحسانهم وصدقهم، ويقتدون بأفعالهم، ويكملون مسيرتهم، ويتشبهون بصدقهم، ولا فرق بينهم وبين الشهداء إلا أنّ أولئك اكتملت مهمتهم وهؤلاء لا يزال عليهم دور يقومون به حتى يتحقق النصر الأكبر للأمة وللإسلام ولتكون كلمة الله هي العليا؛ فهم ما بدلوا ولا غيروا ، ولا سأموا من الانتظار، ولا انحرفوا عن المسار، وما بدلوا ثقافتهم ولا قناعتهم ولا إيمانهم، ولا بدلوا روحيتهم ولا إحسانهم ولا أهدافهم ولا أولوياتهم، ولم يبدلوا برنامجهم عن برنامج رجال الله، ولم يبدلوا ثقافة القرآن بالمسلسلات، ولا الصلاة بالنوم والقات، ولا الهدى بالتلفونات، ولم يبدلوا العداء للكفار بالعداء لأهل الإيمان، ولم يبدلوا نشاطهم بالكسل، ولا عطاءهم بالحرمان، ولا عشقهم للميدان بالعشق للمنازل والولدان، ولا تطلعهم للشهادة بعشق المراتب والمناصب، بل قلوبهم متعلقة بالله، وأرواحهم مشتاقة إلى ما عند الله سبحانه، وهؤلاء هم نحن الذين يجب أن نكون كذلك حتى نكون رجال الله الذين ينتظرون إكمال الصفقة مع الله وما بدلوا تبديلاً.
عباد الله:
لقد وصف الله الشهداء في سورة التوبة بقوله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ثم قال بعد ذلك واصفاً لنا من هم الذين يشتري منهم أنفسهم وأموالهم: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} فهؤلاء العظماء كانوا هكذا؛ فقد حملوا الإيمان في قلوبهم قبل أن يحملوا السلاح في أيديهم، وهم كانوا عباد الليل وفرسان النهار، ولذلك وصفهم الله بهذه الصفات التي يجب أن تكون أيضاً بارزة وواضحة في النوع الثاني الذين قال الله عنهم: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.
فهم تائبون؛ لأن الله لا يمكن أن يشتري من العصاة لأن ذنوبهم تحول بينهم وبين ذلك، وهم عابدون يتقربون إلى الله بكل العبادات، وهم حامدون أي: مستشعرون لنعمه ومقدرون لعطائه عليهم، وليسوا جاحدين لفضله أو متذمرين أو ساخطين أو معقدين، وهم سائحون والسياحة هي: الجهاد والمرابطة في الميدان؛ لأن الجهاد هو باب الجنة الذي فتحه الله لخاصة أوليائه، وهم في تلك الساحات لم يبرحوا منها ولا تحولوا عنها، و هم راکعون ساجدون؛ لأن الصلاة عندهم قضية أساسية لأنها صلة بين العبد وربه وهذه الصفة في رجال الله كما قال سبحانه: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا}،
وهم كما قال سبحانه عنهم: {الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وأي معروف أعظم من الجهاد وأي منكرٍ أعظم من منكر الكفار، وهم كما قال سبحانه: {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} وحدود الله هي أمور حددها الله ولا يتجاوزونها ولا يتعدونها أبداً، وهكذا وصف الله الشهداء، وهكذا عرفناهم، وهكذا يجب أن نكون؛ لنكون ممن ينتظروا وما بدلوا تبديلا.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {بسم الله الرحمن الرحيم . وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورَضِيَ اللهُ عن أصحابه الأخيار المنتجبين.
أما بعد/ عباد الله:
لقد كشفت الأجهزة الأمنية عن إنجازٍ أمنيٍ كبيرٍ موثقٍ بالأدلةِ والاعترافات لمجموعة من العملاء والخونة والمنافقين الذين باعوا أنفسهم من الشيطان وتولوا اليهود والنصارى، وهذه الخلايا كان يفترض وينبغي عليها أن تعتبر بالخلايا السابقة التي تمّ القبض عليها وشاهدناها وراء القضبان وأمام الشاشات وهي تفتضح بالعمالة والخيانة ضد بلدها وشعبها، وتعين العدو على قتل الأبرياء وترفع لهم الإحداثيات لتدمير البيوت على الأطفال والنساء، لكن الذنوب أحاطت بهم وجرجرتهم إلى مستنقع النفاق والعمالة فلم يعتبروا بمن سبق، وهذا الإنجاز الأمني ما كان له أن يتحقق لولا فضل الله ورعايته القائل سبحانه: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} والقائل سبحانه: {وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ}، وما كان له أن يتحقق لولا تحرك الجنود المجهولين من العيون الساهرة من الأجهزة الأمنية الذين يعملون في الليل والنهار وفي كل الساحات والميادين، ولا ننسى الدور الهام لكل المواطنين الذي تعاونوا ويتعاونون مع الأجهزة الأمنية سواء برفع الحس الأمني واليقظة الأمنية أو بتعاونهم وإبلاغهم عبر الأرقام المجانية رقم (۱۰۰) ورقم (۱۹۹) عن كل مشتبه به، وهذا شيء مهم؛ لأننا نواجه شبكات دولية من عصابات الإجرام، ونواجه أجهزة عتيقة في مجال التجسس، ومزودة بالأقمار الصناعية، ولديها أحدث الوسائل والتقنيات، ومع ذلك هي لا تستغني عن العملاء على الأرض، وهذا يكشف عجزهم وضعفهم ويبين أهمية تعاون الجميع لندافع على بلدنا؛ لأن حماية بلدنا من العملاء هي مسئولية الجميع، ويجب أن يكون كل مواطن ومواطنة رجل أمن، وأن نتعاون على البر والتقوى كما يتعاونون ضدنا على الإثم والعدوان، وأن نتعاون على حماية بلدنا كما يتعاونون على تدميره واحتلاله، فوطنٌ لا نحميه لا نستحقه، ولا يحمي الأوطان إلا أبناؤها الشرفاء الأوفياء.
أيها المؤمنون:
إنّ هذا الإنجاز الأمني لا يقل في أهميته عن الانتصار على حاملات الطائرات في البحر الأحمر، ولا يقل عن أهمية الكشف عن الصاروخ فرط صوتي، ولا عن تطوير الدفاعات الجوية، بل هو إنجاز وانتصار كبير على قوى عظمى، وهذا الانتصار الأمني قلع عيونهم وعيون اليهود والنصارى، وأصبحوا عمياً وسيعمون أكثر بالإنجازات الأمنية القريبة القادمة بإذن الله سبحانه؛ فالأمة تكون قوية عندما تتخلص من عملائها، ولا يضعفها إلا الخونة والعملاء الذين ينخرون فيها من الداخل، ويجب عند القبض على الجواسيس أن تنزل بحقهم أقسى العقوبات وألا يوفر لهم أحد غطاء وحماية؛ فالخونة ليسوا منا ولسنا منهم، وهذا ما أكدته قبائل اليمن الشرفاء في وقفاتهم المسلحة التي سيسجلها التاريخ لهم في أنصع صفحاته، قال الله سبحانه: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وقد رأينا عندما تم استهداف الحكومة والإعلاميين كيف تغنى المرتزقة بأن اليمن أصبحت مخترقة من قبل العدو الصهيوني، فلما تم القبض على العملاء المتورطين إذا بهم يذرفون دموع التماسيح عليهم؛ فإن تركناهم قالوا اخترقونا، وإن قبضنا عليهم قالوا أبرياء، وما أولئك الجواسيس إلا أمثال جماعة العميل أبو شبّاب في غزة وغيرهم من العملاء الذين يبيعون أوطانهم للأعداء مقابل حفنة من المال الحرام.
وما أسوأهم وهم يقدمون الخدمة للصهاينة ونحن في معركة الإسناد لغزة بينما هم يسندون اليهود ليكملوا المذبحة والمجزرة الرهيبة بحق الفلسطينيين وسيأتون يوم القيامة في زمرة ترامب ونتنياهو وسيكونون في جهنم تحت أقدامهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}، وسيحملون على رقابهم كل دماء وأشلاء أطفال غزة ونسائها، وسيكونون خصماء لهم يوم القيامة كما قال (أبو عبيدة) لكل العملاء والمتخاذلين: (نحن خصماؤكم بين يدي الله يوم القيامة)، والأموال التي يتقاضونها هي أموال محرمة ومدنسة، ولن يهنؤوا بها ولن يتنعموا بها، وستلاحقهم لعنات أطفال غزة واليمن، وسيلعنهم المسجد الأقصى الذي تجندوا مع من يسعى لتدميره ويقوم بتدنيسه، والحرام يذهب وأهله، وسيقع كل عميل في شر عمله ولا سيما والمعركة اليوم ليس فيها شبهة: (يمني يقتل يمني أو مسلم يقتل مسلم) ولكنها بين الإسلام والكفر وأولئك وقفوا مع الكفار وقد سمعوا قول الله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا}.
عباد الله:
إن الزراعة مدرسة للأخلاق: تعلمنا من الزراعة مجموعة من مكارم الأخلاق؛ منها:
الأمانة: ففي يد المزارع أمانة هي قوام الحياة للناس جميعًا، وهذه الأمانة يجب رعايتها، لإنها كانت سببًا في نجاة بلاد من الفقر والقحط الشديد، هذا سيدنا يوسف عليه السلام يفسر رؤيا عزيز مصر التي أزعجته: ﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ فلما نفّذوا ما نصحهم به نجوا بإذن الله، وحالنا اليوم بلد الإيمان والحكمة وكوننا مازلنا في حصار خانق برا وبحرا وجوا أصبح التأمين الغذائي والإكتفاء الذاتي في المحاصيل الزراعية وأهمها القمح أحد طموح الشعب اليمني بأكمله وما نشاهده من المبادرات المجتمعية بالتعاون مع اللجان الزراعية بالمحافظات وتعاون السلطات المحلية وتعاون المزارعين وروؤساء الأموال في كل المناطق إلا تحفيزا للمجتمع للتعاون أكثر وتعاون المجتمع مع اللجان الزراعية في جميع المحافظات وزراعة الأراضي غير المزروعة واحياء واستمرار المبادرات المجتمعية للإسهام في رفع مستوى التنمية الزراعية واستشعارا بمسئولية الجميع أمام الله سبحانه وتعالى.
عباد الله:
وبعد أن حصد المزارعون الثمار بعد موسم الامطار عليهم ان يتذكروا قول الله سبحانه ﵟوَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوۡمَ حَصَادِهِۦۖﵞ وأن يشكروا ربهم الذي رزقهم وأن يبادروا بإخراج زكاة أموالهم وأن يسلموها لهيئة الزكاة فالفقراء والمساكين أمانة في أعناقنا جميعا والزكاة ركن من أركان الإسلام.
وفي الختام:
ينصح الأطباء في فصل الشتاء بالإكثار من شرب الماء للوقاية من الجلطات؛ لأن من أسباب الجلطات: قلة شرب الماء، وفصل الشتاء لا يحصل فيه رغبة لشرب الماء بسبب البرد فتحصل الجلطات حتى عند بعض الأطفال والشباب؛ فينبغي الإكثار من شرب الماء باستمرار وبكميات كافية قياساً على فصل الصيف، والماء نعمة كما قال سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، وكان الأوائل يقولون: (اشرب الماء وإن كنت لا تريده). كما ينصح الأطباء في فصل الشتاء بالوقاية من البعوض والنامس التي تنتشر في المناطق الساحلية والمناطق الحارة وتؤدي إلى حمى الضنك والملاريا وما يسمى بالحمى المكرفس، وتتجمع البعوض بسبب المياه الملوثة والمكشوفة، وتتكاثر عند المستنقعات وعند الآنية المكشوفة والإطارات؛ فيجب أن نغطي كل آنية الماء، وأن نتعاهد تنظيفها، وأن نردم المستنقعات ونبتعد عنها، وأن نجمع المخلفات والقمامة في أوعية ونضعها في أماكنها، وأن نبادر باستخدام العلاج عند الإصابة بالمرض، وأن نرش الأماكن التي يتواجد فيها النامس والبعوض بالمبيدات الحشرية، فالوقاية مهمة والوعي ضروري بخطورة هذه الأمراض التي علاجها بسيط إن التزمنا بالتعليمات.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم اهدِنا فيمَن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقِنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل مَن واليت ولا يعزُ من عاديت، اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلّغنا به جنتَك ومن اليقين ما تُهون به علينا مصائبَ الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعِنا وأبصارِنا وقواتنا ما أبقيتنا واجعلهُ الوارثَ منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصُرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتَنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبرَ همِنا، اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة ولبنان والعراق واليمن، وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖➖➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الهيئة.
----------------

