جمعة رجب، هذه المناسبة التي نتذكر فيها صفحةً بيضاء ناصعة من الصفحات المشرقة في تاريخ شعبنا اليمني المسلم العزيز، كما أنها أيضاً من المحطات التاريخية العظيمة والمهمة لشعبنا اليمني العزيز، وترتب عليها التحول التاريخي الكبير في الاتجاه الإيماني العظيم.
في مثل هذا اليوم وصل الإمام عليٌّ “عليه السلام” إلى صنعاء- وكان قد وصل يعني قبل ذلك- لكنه اجتمع بالناس في صنعاء، وقرأ عليهم رسالة رسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله” التي يدعو فيها أهل اليمن إلى الإسلام، فبادر الكثير إلى الإسلام، وأعلنوا استجابتهم بدون تردد، واستجابوا لهذه الرسالة المباركة، ودخلوا في دين الله أفواجا، وكانت تلك من المحطات البارزة في إسلام أهل اليمن، وكان المبعوث في هذه المهمة، هو: الإمام عليٌّ “عليه السلام”، الذي قال عنه الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله”: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلَّا أنه لا نبي بعدي)، بمعنى: أنه اختار لهذه المهمة النبيلة والعظيمة والمقدسة شخصيةً عظيمةً استثنائية، ورجلاً عظيماً من رجال الإسلام، هو منه بهذه المنزلة التي أشار إليها في حديثه النبوي الشريف، فكان مبعوثاً خاصاً إلى أهل اليمن، بكل ما لذلك من دلالات مهمة ومعبِّرة ومفيدة.
الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” عندما وصلت إليه رسالة الإمام علي “عليه السلام”، التي تضمَّنت تقريراً مختصراً شرح فيه إقبال أهل اليمن إلى الإسلام، ودخول قبائلهم- وفي مقدِّمتها: قبيلة همدان الكبرى- في الإسلام، سجد الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” لله شكراً، وفرح بذلك، وسُرَّ سروراً عظيماً.
هذه الذكرى العظيمة المهمة اخترناها لأن تكون مناسبةً مهمةً وأساسية لترسيخ الهوية الإيمانية لهذا الشعب العظيم، الهوية الإيمانية التي هي أشرف هوية تنتسب إليها الشعوب والأمم، وتتحلى بها، وتلتزم بها؛ لتبني عليها مسيرة حياتها، والتي هي الهوية الجامعة، التي يمكن أن يجتمع في إطارها كل البشر على اختلاف شعوبهم، وأعراقهم، واتجاهاتهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، ومناطقهم، وتنوُّع بلدانهم، على كل حال هي الهوية الجامعة التي يمكن للمجتمع البشري أن يجتمع في إطارها، وهوية عظيمة ومقدَّسة وشريفة، هي خير هوية يمكن أن يعتز بها شعب، وأن يفتخر بها بلد، وأن تنتسب إليها أمة، فنحن نبارك لشعبنا العزيز، ونسعى- إن شاء الله- مع كل الخيِّرين، مع كل الصالحين، مع كل المستنيرين بهدى الله “سبحانه وتعالى” لترسيخ هذه الهوية في شعبنا اليمني، الذي يمتاز بأصالته في انتمائه لهذه الهوية، وبمسيرة حياته على أساسٍ من هذه الهوية فيما كان عليه الأخيار والصالحون من أبناء هذا البلد جيلاً بعد جيل، وها هي مسؤوليتنا في هذا الجيل لنرسخ هذه الهوية للأجيال اللاحقة.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية لجمعة رجب 1442هـ