المنافقون عادةً يحرصون على أن تبقى لهم قابليتهم في المجتمع، أن تبقى لهم قابليتهم وأن يبقى كلامهم مقبولاً ومسموعاً، وأن تبقى كلمتهم مؤثرة، هم يحرصون على ذلك. ولهذا إذا لاحظوا أنهم افتضحوا أمام المجتمع وأن المجتمع بدأ ينظر إليهم نظرة الريبة والشك والاشتباه فيما هم فيه، فيما يعملونه، فيما يقولونه، وفي تصرفاتهم المسيئة للإسلام والممثلة لخطورة كبيرة على المسلمين، يحاولون أن يسترضوا المجتمع، ويحاولون أن يبرروا مواقفهم، ويحاولون باللف والدوران والأكاذيب من هنا وهناك أن يغطوا على مساوئهم لكي تبقى لهم قابليتهم في المجتمع فيبقى تأثيرهم فيه، فيستخدمون حتى أسلوب الحلف بالله، والأيمان الفاجرة، ويكثرون من ذلك.
{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ}،{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ} فهم يريدون منكم أن تبقى فيكم حالة الرضا عنهم لكي تبقى لهم قابليتهم وتأثيرهم من جانب، ولكي يسلموا من الموقف الحاسم منكم ضدهم من جانب أخر، فحالة الاسترضاء لديهم ليست من منطلق سليم، ليست من منطلق صحيح أبداً، لو كانوا حريصين بدافع الخير بدافع الحق على رضاكم عنهم لحرصوا بدءاً على رضا الله سبحانه وتعالى، ورضا رسوله، ولكن استرضاءهم لكم هو لون من ألوان خداعهم، وأسلوب من أساليب التفافهم ومكرهم، ليبقى تأثيرهم من جانب، وليكونوا مطمئنين من جانبكم من جانب أخر.
{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ} لو كانت حالة الاسترضاء دافعها دافع إيماني لكان بالدرجة الأولى وفي المقام الأول يتوجب عليهم أن يعملوا على أن يرضوا الله وأن يرضوا رسوله قبل كل شيء.
ثم في ما هم عليه من نفاق ومكر وكيد ودعايات وأكاذيب وإساءات وموقفهم تجاه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وقد فقدوا احترامهم له، ومحبتهم له، وإعظامهم له، وتقديرهم له، وأصبحوا في عمل عدائي، عمل عدائي من داخل المسلمين، بين أوساط المسلمين، هم في حالة عدائية، حالة خطيرة، حالة خطيرة عليهم هم، عندما يصبحوا في حالة عداء لله ورسوله ولدينه، عداء لله ولو أنهم يدعون أنهم مسلمون، لكن المنافق في واقعه يعيش حالة عداء لله سبحانه وتعالى، بعداوته لدين الله، وبعداوته للمؤمنين، وبعداوته لأولياء الله سبحانه وتعالى، فهي حالة خطيرة عليهم جداً.
{أَلَمْ يَعْلَمُواْ} وهم ينتمون إلى الإسلام، وهم يسمعون آيات القرآن {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا} من يحادد الله يشاق ويعاند ويعادي {فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا} فلن ينفعه انتمائه للإسلام، ولا صلاته ولا صيامه، ولا الشكليات من الإسلام التي يعملها ستدفع عنه ذلك العذاب؛ لأن نفاقه أحبط عليه كل الأعمال، وعمله لصالح أعداء الإسلام، الذي يخرب ويثبط ويجبن ويفرق.. إلى أخره، ضرب عليه كل أعماله، وأصبح موعوداً من الله بعذابه الدائم {نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا} يعذب أبد الأبد.
{ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} الخزي العار والفضيحة الكبرى والعظيمة؛ لأنهم يحاولون أن يستروا على مساوئهم، وأن يبقى لهم قيمتهم في المجتمع، وتأثيرهم في الناس، وقابليتهم في الناس، ولذلك يحاولون أن لا يظهروا بسوءتهم ونفاقهم وعمالتهم لأعداء الإسلام وصورتهم التي تكشف حقيقة واقعهم البشعة والقبيحة، فيحاولون التستر، يخافون العار ويخشون الفضيحة فيتسترون، والأيمان وأساليب الاسترضاء للمجتمع والخداع له هي واحدة من أساليب تسترهم ومحاولة تجميل حالهم، أن يغطوا على حقيقة بشاعة نفاقهم وقبح نفاقهم يغطونه ويجملونه، لكنهم سيصلون إلى العار الأكبر والفضيحة العظمى إلى نار الله التي لا يدخلها إلا من سخط الله عليهم من المخزيين من الملعونين من الهالكين من الأشقياء الخاسرين الخائبين الذين ساءت أعمالهم، وساءت أخلاقهم، وساءت سرائرهم، وساءت علانيتهم.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم.
دروس من سورة التوبة / الدرس الخامس.
ألقاها السيد:
عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بتاريخ
19/رمضان/1434هـ
اليمن - صعدة.