ما أكثر من يقولون: الله ربنا، ولكن يدينون بالولاء لتشريعات بعيدة عن الله، لأنظمة بعيدة عن الله. هذا إقرار يناقضه العمل، أما الذين يقولون: ربنا الله بفهم كامل لهذه الكلمة فهُم قليل من عباد الله سبحانه وتعالى، هي كما سبق تعني: العبودية المطلقة لله، وفهم معنى العبودية ماذا يعني أنني عبد لله، أطيع الله فيما أمر ونهى، أعمل على كسب رضاه، أحبه وأتولاه، أكون من حزبه، أكون من جنده، أكون من أوليائه، أستقيم، أستقيم على هذا النهج، أفهم تعامله معي سبحانه وتعالى كعبد له في هذه الدنيا أنه لا بد أن يبتليني بتكاليف متنوعة، ما بين شاق على نفسي، أو شاق على جسمي، وما بين سهل، ما بين صعب علي باعتباره مخالف لهواي، أو لمصالحي الشخصية، أو لأي اعتبار آخر من الاعتبارات الدنيوية، وبين ما هو بعيد عن هذا الاعتبار.
جهل كثير من الناس، بمعنى تكليف الله لهم، جهل كثير من الناس بمعنى عبوديتهم لله تخلق إشكالات كثيرة جداً جداً، تؤدي في الأخير إلى مجرد الإقرار، الذي لا يتوافق معه العمل، ولا يتوافق معه حتى الاعتقاد .... أن أعلم بأنني عندما أقول: أنني عبد لله، وأقر بأن الله ربي، أن الله لا يكتفي مني بهذا، لا بد أن يمتحنني، لا بد أن يبتليني؛ ليتبين مصداق ما أدعيه، ويتبين استقامتي وثباتي على ما أدعيه.
وبالطبع تأتي الابتلاءات في مجالين: فيما نحب من الناحية المادية، وابتلاءات فيما يتعارض مع مطامعنا من الناحية المعنوية، ومع شعورنا وحب الاستعلاء لدينا من الناحية المعنوية.
لو كان التشريع، لو كان الابتلاء الإلهي لا يتناول هذه المجالات التي هي محك حقيقي، ودليل حقيقي على الصدق من الكذب، لكان كل الناس يدَّعون الإيمان ويدعون العبودية لله. لكن لا {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} (آل عمران: من الآية179) لا بد من الابتلاء {اَلَمْ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت:2-3).
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 1422ه|2001م
اليمن – صعدة