في الوقت الذي انكشف فيه الوجه القبيح الجاهلي، المتوحش الإجرامي، للطغيان الأموي، وما بعد استشهاد سبط رسول اللّٰه "صَلَّى اَللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، امتد مسار النهضة واليقظة، وزال الجمود، حيث كان الطغيان الأموي يواصل الفتك بالأمة، والانتهاك للمحرمات، والارتكاب لأفظع الجرائم، وكان من ذلك الاعتداء على مدينة رسول اللّٰه "صَلَّى اَللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والاستباحة لكل ما فيها، على مدى ثلاثة أيام، قتلًا للناس، رجالًا ونساءً، وكبارًا وصغارًا، حتى للأطفال الرضع، واغتصابًا للنساء، ونهبًا لكل الممتلكات، واستباحةً لحرمة مسجد النبي "صَلَّى اَللّٰهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ"، والقتل للناس حتى على قبرة الشريف، حتى أغرقوه بالدم، ثم إجبار من بقي على قيد الحياة وسلِمَ من القتل، على البيعة ليزيد، بالعبودية والرِقِ له، وأنهم عبيدٌ له، يفعل فيهم وفي أموالهم ما يشاء، ثم الهجوم على مكة المكرمة، وانتهاك حرمة الكعبة المشرفة، واستهدافها بالمنجنيق، لإحراقها وتهديمها، وتكرر ذلك في حربين لبني أمية على مكة، والقتل للناس في المسجد الحرام، واستمر المسلسل الدموي الإجرامي في الاستباحة للأمة.
فأحد ولاة بني أمية وهو الحجاج بن يوسف، قام بإعدام مئة ألف مسلم، وعشرين ألف مسلم، بدمٍ بارد، غير الذين قتلوا في مواجهةٍ، أو حرب، وعند موته كان في سجنه سبعون ألف إنسان، محجوزين للقتل بغير ذنب، وكان في سجنه ثلاثون ألف امرأة، منهن ستة عشر ألف امرأة سجينة عارية ومجرده من ملابسها في السجن، وكان يجمع كل عشرة من السجناء في سلسلة واحدة، ويبقون في داخل السجون بدون دورات مياه، أو حمامات، يتغوطون ويبولون في أماكنهم رجالاً ونساءً، ويتعرون أمام بعضهم البعض، وكان غيره من الولاة على نفس الطريقة، وإن اختلف مستوى العدد في القتل والسجناء، وكان الملك الأموي يهدر دم من يقول له: اتق اللّٰه، ويعلن ذلك للمسلمين في الحج فيقول: واللّٰه لا يأمرني أحدٌ بتقوى اللّٰه إلا ضربت عنقه، مصداق الآية المباركة، {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}[البقرة: 206]، إلى غير ما فعلوه فيما يتعلق بتحريف مفاهيم الدين، والاستئثار بالمال العام للأمة، وحرمانها من ثرواتها.
وقد وجدت الأمة في الأخير أنه لا خيار لها إلا التحرك الجاد، والثورة الحاسمة، للخلاص من الطغيان الأموي فتحقق ذلك بعد سلسلةٍ من الثورات، وكثيرٍ من التضحيات، نتيجةً لما كان قد وصل إليه الطغيان الأموي، من السيطرة والنفوذ، بسبب التخاذل، والتفريط من جهة، وهو ما كان عليه الكثير من أبناء الأمة، الذين كبلهم الخوف، والذين أيضًا استمالهم، وأقعدهم نقص الوعي، وضعف الإيمان، وكذلك من استمالهم طغاة بني أمية بالمال والمناصب، مع الاستغلال لحالة البؤس والفقر والحرمان، التي عانت منها الأمة، بسبب نهبهم لثرواتها، واستئثارهم بالمال العام.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى عاشوراء 1445هـ