مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع الإرشاد

الإدارة العامة للخطباء والمرشدين

--------------------------------

🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️

مراحل يوم القيامة

11/2/2022 _8/7/1443هـ

(45) لسنة 2022/1443هـ

 

خطبة الجمعة الثانية من شهر شعبان 1443هـ

(مراحل يوم القيامة)

الخطبة الأولى

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}، وأَشهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا الله الملكُ الحقُّ المُبين، الذي يقول: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين، اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأخيارِ المنتجبين، وعن سائرِ عِبَادِك الصالحين.

أمـا بـعـد/ أيها المؤمنون:

إن من أخطر الأشياء على الإنسان هي الذنوب والمعاصي، وكذا التفريط والتقصير، ومن أهم الأسباب لذلك هو الغفلة والإعراض والنسيان لليوم الآخر، مع أنه في القرآن الكريم نجد الحديث الكثير والمتنوع والمتعدد عن اليوم الآخر وأهواله وما سيحصل على الناس فيه.

وفي خطبة اليوم سيكون حديثنا مختصرًا عن مراحل اليوم الآخر، وهي:

المرحلة الأولى: بداية يوم القيامة وبعض الأهوال التي ستحصل فيه.

المرحلة الثانية: مرحلة الحساب والسؤال.

المرحلة الثالثة: مرحلة الجزاء.

عباد الله:

يبدأ يوم القيامة بحدثٍ هائل يُنهي وجود هذا العالم، ويدمّر هذا العالم بكله، وفي المقدمة هذه الأرض التي نعيش عليها، هذا الحدث هو الزلزال العظيم الذي به دمار هذه الأرض بكلها وليس دمار منطقة بسيطة منها، أو أن تكون نسبة هذا الزلزال لدرجة خراب المنازل وتضرر الممتلكات فقط، بل زلزال عظيم يصل إلى درجة التدمير لهذا العالم، ويصل إلى درجة النسف للجبال بكلها.

وحجم هذا الهول أمام ذلك الزلزال العظيم هو للدرجة التي عبّر عنها القرآن بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ . يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) فحالة الذهول وحالة الرهبة وحالة الخوف وحالة الفزع وحالة الدهشة لدرجة أن تذهل كل مرضعةٍ عما أرضعت، الأم المرضعة التي هي أكثر إشفاقاً وعلاقةً حميميةً ورأفةً في واقع البشر وفي واقع الكائنات الحية برضيعها الصغير التي هي عادةً عند الفزع أو عند القلق تبادر لاحتضانه، وتبادر لتفقده وتحرص على الانتباه له؛ لكنها أمام هذا الحدث العظيم، {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}.

لو نلحظ - على سبيل المثال - الآن في الدنيا حينما نرى في كثير من مشاهد القصف الجوي الذي يستهدف المنازل، وحتى في العدوان الأمريكي السعودي على بلدنا وشعبنا المسلم العزيز؛ نجد أن الأمهات عند الإحساس بهذا الخطر يبادرن إلى احتضان أطفالهن الصغار بالذات الرضع، لكن بالنسبة لهول زلزال القيامة وزلزلة الساعة نجد أن المسألة مختلفة تمامًا لدرجة أنه من الذهول والرهبة والفزع كل إنسان ينسى الآخرين، ويكون مشغولًا بنفسه، وتنسى حتى الأم رضيعها، وحتى كل ذات حمل من الحيوانات فإنها تسقط حملها من الدهشة والرعب والرهبة الشديدة.

كما أن الناس في أول هذا الحدث المهيب والعظيم يكونون في مستوى رهيب من الذهول وكأنهم سكارى فقدوا عقولهم وتركيزهم، {وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}.

يقول الله سبحانه وتعالى أيضًا: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا) زُلزلت الأرض بكلها وليس فقط منطقة معينة، (زِلْزَالَهَا) الذي ينسف جبالها الكثيرة جداً والهائلة والعظيمة، (زِلْزَالَهَا) الذي يحول تلك الصخور الصلبة في تلك الجبال إلى فتاتٍ وإلى ذرات متناثرة وإلى غبار يتطاير في الجو (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا . وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا) يندهش ولا يستوعب ما يحدث أبداً، وفي آية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) أي: الحادثة الرهيبة والكبيرة والعظيمة جداً: القيامة (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ) أمرٌ لابد منه (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) يتغير

 

الناس كثيراً وكثيراً جداً، فينخفض قومٌ وينخفض أناس وتنخفض شخصيات، ويرتفع آخرون.

ويقول أيضًا: (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا . وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا . فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا) الأرض بكلها تشهد حالة من الاهتزاز والارتجاج العنيف جداً الذي يصل بالجبال التي هي أثقل شيء وأكبر شيء وأصلب شيء في الأرض إلى درجة أن تكون كالهباءة، والهباءة تعني تلك الذرات الصغيرة التي تراها حينما تدخل أشعة الشمس إلى غرفتك.

ونحن هنا في الدنيا إذا جئنا لنضرب المثل في ثبات أي شيء فإننا نضرب المثل بالجبال؛ فنقول: ثابت كثبات الجبال، وفي أثناء هذا العدوان نقول: شعبنا اليمني ثابتٌ كثبات جبل نقم وعطان، هذه الجبال الصلبة؛ تتفتت وتتحول إلى ترابٍ مسحوقٍ وناعمٍ ينتشر في الهواء، ولذلك يقول في آية أخرى (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) ويقول: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ) تنطلق في الأجواء متناثرة؛ لأنها قد سحقت بدرجة هائلة جداً وقوية للغاية وعنيفة جداً ثم طارت في الهواء وكأنها سحاب.

ويقول الله سبحانه وتعالى في آية أخرى (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ . وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً . فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ . وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ).

ويقول أيضا عن الجبال نفسها: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ) البعض سألوا رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله عن مصير هذه الجبال يوم القيامة؛ فكان الجواب: (فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا) ينسفها نهائيا {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا . لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} يعني: قاعًا مستويا تماما ليس فيه أي منخفضات ولا أي مرتفعات وليس فيه أي شيء آخر من مظاهر الحياة، وتتحول الأرض إلى ساحة مستوية للحساب.

ويقول الله أيضًا وهو يحكي عن أهوال يوم القيامة: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ . وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ . وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ . وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ . عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) ويقول: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ . وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ . وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ . وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ . وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ . وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} وبكل ذلك تنتهي الحياة البشرية من أول ما تقوم القيامة.

أيها المؤمنون:

هذا الحدث الهائل (يوم القيامة) يجب أن يحسب الإنسان حسابه؛ لأن هذا الحدث نحن قادمون عليه، وهذه الأحداث المهولة هي ترتيبات تمهد لدخول عالم الحساب وعالم الجزاء، وهنا على الإنسان أن يحسب حسابه وأن يسعى لأن يكون آمناً يوم الفزع الأكبر، وأن يكون ممن قال الله عنهم: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}.

ويقول الله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} وهنا تبدأ المرحلة الثانية، وهي مرحلة الحساب التي تبدأ بتجميع الناس كما قال الله: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} لا يختفي أحد، ولا يغيب أحدٌ عن ذلك المشهد؛ الجميع يحضر والجميع يُحشر والجميع يأتي به الله إلى ساحة القيامة.

ويقول الله سبحانه وتعالى عن ذلك: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) الكل آتٍ بصفته الحقيقية كعبد مملوك لله تحت سلطان الله وقهره وقوته وقدرته، ولا أحد أبداً - كائنًا من كان - يستطيع أن يفلت أو يخرج من تحت سلطان الله سبحانه وتعالى وملكه: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} ولا أحد سيأتي بصفة الملك الفلاني، أو يأتي بجنوده ليشكلوا حمايةً لهُ.

{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا . لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا . وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} الإحصاء والحصر الإلهي والعد لكل واحد، وليس بإمكان أحدٍ أن يغيب أو يختفي أو يضيع، والجميع يأتي بصفة العبودية وبحالة فردية، ولن يكون لأحدٍ أعوان ولا أنصار، ولا أحد يمكن أن يفيدهُ بشيء، ولا يمكن لأحد أن يقف إلى جانبه، (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ) (إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ) الجميع في محضر الله للحساب والجزاء {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، وفي هذه الساحة تنزل أفواج الملائكة التي لها أدوار كبيرة في تنظيم البشر وترتيب حالة الحساب والجزاء، وتسود الأجواء هناك حالة من الصمت والذهول رغم المليارات الكثيرة المحتشدة من البشر:

 

يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}.

وفي عملية الحساب يقول الله سبحانه وتعالى (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا) بنور العدل الإلهي، وهناك يفرق الله بين المحسن والمسيء، وبين المطيع والعاصي، وكلٌ ينال جزاءه، وهناك يقضي الله وينصف بين عباده في مظالمهم وفي نزاعاتهم، ولاحظوا كم حصل في هذه الدنيا من مظالم: مظالم لشعوب بأكملها، مظالم لفئات بأجمعها، مظالم لأشخاص، وكثير من الناس عانوا بشدة من الظلم في هذه الحياة؛ فيأتي الإنصاف الإلهي، {بِنُورِ رَبِّهَا} نور العدالة، نور الرحمة، نور الحكمة، نور الفصل بين العباد بالحق، والقضاء بالحق، والحكم بالحق: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).

قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل: (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا . اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.

أمـا بـعـد/ عباد الله:

في مرحلة الحساب تحصل بعض المؤشرات التي يستطيع الإنسان من خلالها أن يعرف جزاءه ومصيره كما قال الله: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ . فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا . وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا . وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ . فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا . وَيَصْلَى سَعِيرًا) وهنا تبدأ عملية الجزاء والفصل بين الناس، ويذهب أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} وذهاب أهل الجنة إلى الجنة سيكون برعاية وتكريم: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} أما أهل جهنم فسيحاولون الامتناع لكن ذلك لن ينفعهم: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا . هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}.

وهكذا يحكي الله لنا الكثير من الحقائق التي ستحصل في يوم القيامة لكي نحاسب أنفسنا اليوم، ولكي نصلح أوضاعنا ونتوب إلى الله ونحن ما زلنا هنا في الدنيا حيث سينفعنا ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} ولا بد من الحذر من أن نكون ممن قال الله عنهم: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى . يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي . فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ . وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ}.

أيها المؤمنون:

لا يمكن أن ننجوَ في يوم القيامة، ولا أن نكون من أهل الجنة إلا بالجهاد في سبيل الله، يقول الله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} ويقول: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.

وفي هذا السياق، وفي ظل تصعيد العدوان واستمرار الحصار الخانق واشتداده: تم إطلاق حملة (إعصار اليمن)، وهذه الحملة تعتبر خيارًا استراتيجيًا بالنسبة لنا في هذه المرحلة الحساسة والخطرة، ونحن في هذه الحملة نعلن عن نفيرنا وجهادنا في سبيل الله لكي نحظى بالخير والرضوان في الدنيا والآخرة، كما قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} أما بدون الجهاد فإن عاقبتنا ستكون

 

ووخيمةً في الدنيا والآخرة، كما قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ . إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

وفي هذه المرحلة نحتاج أيضًا إلى أن نتحلى بالوعي والبصيرة تجاه مؤامرات الأعداء التي يحاولون من خلالها زعزعة الصف الداخلي، كمحاولة استغلال أزمة المشتقات النفطية ومحاولة توجيه السخط نحو الداخل في الوقت الذي جميعنا نعلم أن المتسبب الرئيسي لهذه الأزمة هو تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الذي يحاصرنا بحرًا وبرًا وجوًا، ومن الأدلة الدامغة على ذلك أنه حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة تحالف العدوان يعاني المواطنون فيها من أزمة خانقة في الوقود والغاز والمشتقات النفطية.

وبالتالي لن يكون سخطنا ولن نوجه بوصلة عدائنا إلا نحو ذلك العدو اللئيم، وسيكون ردنا في جبهات القتال، وعبر صواريخنا البالستية وطائراتنا المسيرة، وهذا يحتم علينا أن نتفاعل مع حملة (إعصار اليمن) وأن نستمر في رفد الجبهات بالمال والرجال تحت إطار هذه الحملة، وتزامنًا مع مناسبة صمود سبعة أعوام ونحن في أعتاب دخول العام الثامن من الصمود الأسطوري في وجه تحالف العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي السعودي الإماراتي.

أيها المؤمنون الأكارم :

إن محصول البن الذي مثل ركيزة أساسية لليمنيين ليسودوا العالم في الألف السنة الماضية والذي أعاد لليمنين امجادهم في الزراعة والتجارة ونشر زراعته في العالم ويقتات من ريعه اليوم مئات الملابين من البشر كمصدر وحيد لدخلهم وأمنهم الغذائي وهذا بفضل من الله عز وجل فكم هو الأجر والثواب الذي يعود لليمنين في إبتكار هذا المحصول ليكون الثاني في العائدات المالية بعد البترول في العالم هذا الحجم من المال الذي تعمر به الأرض كان السبب به بعد الله تعالى هم اليمنيين

ولأن أرض اليمن هي أرض مباركة بموقعها وأهلها وأجوائها ومناخها، فيها عاش أجدادنا ، وعليها درج الصالحون والأولياء، فاستحقت أن تكون رياضا خضراء، ومعاشا للأحفاد والأبناء.

فحق لنا أن نفخر بهذا البلد من المحافظه على زراعة البن لأنها هويتنا وفخرنا وتسخير من الله لنا اليمنيين لنكتشفها وننشرها في العالم...فلنكن عند هذه الأمانة.

عباد الله :

لقد شكلت الأوقاف في تاريخ الإسلام مصدرا رئيسيا في تقديم العديد من الخدمات الإجتماعية والإنسانية والدينية والصحية والتعليمية والمائية وخدمات أخرى لا يسعنا في هذا المقام حصرها وذكر جميعها وكان من قبلنا من الأباء والأجداد يلمسون أثرها في الواقع وعلى سبيل المثال فإن عددا كبيرا من علماء اليمن الكبار الذين تخرجوا من الجامع الكبير في صنعاء وجامع الإمام الهادي في صعدة وجامع الجند في تعز وغيرهم من الجوامع التي شكلت هجرا علمية كبرى تخرج منها أكابر العلماء كانت قائمة على الأوقاف التي خصصها الواقفون للجانب التعليمي وهناك الكثير من الأمثلة في مختلف الجوانب ولكننا اليوم لا نرى ذلك ولا نلمس إلا ما ندر، لقد نهبت الأوقاف وضيعت وغاب دورها منذ أكثر من ثلاثين عاما وغابت معها كل تلك المنافع والخدمات واستأثر بها النافذون والتجار والمحتالون وعمد النظام السابق إلى توزيعها كهبات للمشائخ والمسؤولين وغيرهم وكثير من الناس ممن هم أجراء في أراضي الوقف لم يسددوا لسنين طويله ومنعوا مصارفها بانتهابهم لها ولكن ذلك الطمع أردى بالكثير منهم في مصائب عاجلة في الدنيا فالخيانة للوقف مما يجلب المصائب والتي اشتهر كثير منها كهلاك الذرية وخسارة الأموال وإصابة الأبناء بالجنون والأمراض وغير ذلك 

عباد الله:

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.

ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في مختلف الجبهات، اللهم سدد رميتهم، وكن لهم حافظاً وناصراً ومعيناً يا

 

م الأكرمين، {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.

عباد الله:

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}...

 

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين

 بديـوان عــام الــوزارة.

-----------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر