مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
(أبناؤنا أمانة في أعناقنا)
خطبة الجمعة الثانية من شهر شوال 1445هـ
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
التاريخ: 10/ شوال/ 1445هـ
19/ 4 / 2024م
الرقم: (41)
➖➖➖➖➖➖➖➖
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
🔹أولاً:نقاط خطبة الجمعة
1-من أعظم النعم الإلهية علينا هي الذرية الصالحة وهي مطلب الأنبياء والمؤمنين (ربنا هب لنا من أزواجنا..)
2-أبناؤنا سيقدمون الشهادة لنا بتربيتهم فإما أن يذكرنا الناس بالخير أو بالسوء وليس من التربية أن نغفل عنهم ونتركهم أمام الهواتف الذكية ومواقع الإنترنت وقرناء السوء
3-أولادنا أمانة في أعناقنا (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) فلا بد من الاهتمام بتربيتهم ومن أهم ما يعيننا على ذلك القرآن الكريم وثقافته وإلحاقهم بالمدارس الصيفية المنتشرة في عموم المحافظات لتعلم قراءة القرآن وعلومه ولترسيخ الهوية الإيمانية بدلا من الضياع
4- لا بد من السعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في كل الجوانب وبالذات القوت الضروري والزراعة والثروة الحيوانية ودعم وتشجيع المنتج المحلي من الدولة والتجار والمستهلكين وتقوى الله في منع استيراد واستخدام المبيدات الضارة 
5- انقضى العيد على إخواننا في غزة واستمر العدو الصهيوني والأمريكي في جرائمه وقد خذلهم القريب والبعيد فلا بد أن نستمر في مناصرتهم والمشاركة في المظاهرات وسيخذلنا الله إن خذلناهم.
▪️ ثانياً:خطبة الجمعة 
خطبة الجمعة الثانية من شهر شوال 1445هـ
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِهِ وَسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ وَدَلِيلًا عَلَى آلَائِهِ وَعَظَمَتِهِ، القائل في كتابه الحكيم: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
ونشهد أن لا إله إلا الله الواحد بلا شريك، والملك بلا تمليك، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله إلى خلقه، صلوات الله عليه ما تعاقب الليل والنهار، وعلى آله الأطهار، ورضي الله عن أصحابه الأخيار.
أمـا بـعـد/ أيها الأكارم المؤمنون:
من أعظم النعم الإلهية على الإنسان هي نعمة الذرية الصالحة، وكل إنسان لديه حرص على الحصول على هذه النعمة؛ فهذا نبي الله زكريا (عليه السلام) عندما تكفل بتربية مريم ورأى فيها الصلاح والإيمان بالله، تمنى أن يرزقه الله بذرية تكون صالحة مثل مريم؛ فاتجه إلى الله ليدعوه بأن يرزقه الذرية الصالحة: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ . هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} فوهب الله له (يحيى) ولداً صالحاً مباركاً، وهذا نبي الله إبراهيم (عليه السلام) يطلب من الله الذرية الصالحة فيقول: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} فيقول الله: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ}، وبعد أن رزقه الله بإسماعيل وإسحاق اتجه إلى الله بالحمد على هذه النعمة: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء}، فالأولاد نعمة من الله وهم كالشجرة التي تحتاج إلى رعاية وسقي وتهذيب، ولذا نجد أنبياء الله ـ النماذج البشرية الكاملة ـ يهتمون بتربية الأبناء وتوصيتهم حتى عند الموت، و تحذيرهم من الضلال والانحراف عن خط الله؛ فهذا نبي الله إبراهيم يوصي ذريته بالتمسك بدين الله والحذر من الضلال الذي قد يُخرج الإنسان من حالة الإسلام: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}، وهذا نبي الله يعقوب يوصي ذريته عند الموت بمثل ذلك: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. فكيف هو اهتمامنا بتربية أولادنا، والنبي صلوات الله عليه وآله يقول: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول)؟ وكفى به ضياعاً أن يضيع أخلاق أبنائه وفطرتهم.

أيها المؤمنون:
أبناؤنا سيقدمون الشهادة مستقبلاً في أرض الواقع على تربيتنا لهم؛ فإما أن يذكرنا الناس بالخير ويترحموا علينا إذا ربيناهم تربية صالحة، أو سيذكرونا بالسوء إن ضيعناهم، وليس من التربية ولا من الأمانة ولا من الإحسان أن يترك الإنسانُ أولادَه يقضون عطلتهم الصيفية فوق التلفونات التي تتلف بصرهم وبصائرهم، وتقتل إبداعهم ومواهبهم، وتفسدهم بما تحويه من مقاطع سيئة أو ألعاب إلكترونية أو منشورات مضلة؛ وليس من التربية أن يترك الإنسانُ أولادَه على مواقع التواصل الاجتماعي التي كسرت حاجز الحياء وامتلأت بالتضليل والكذب والبهتان والصور الفاحشة والمقاطع الخليعة، وليس من التربية أن يترك الإنسانُ أولادَه يقضون عطلتهم في محلات الإنترنت، أو على الشاشات في متابعة الأفلام والمسلسلات التي امتلأت بالفساد والإفساد؛ فهذا طفل شنق نفسه أو شنق غيره لأنه رأى ذلك في فيلم، وهناك أطفال يعتدون على بعضهم بقسوة لأنهم تعلموا ذلك من خلال الألعاب الإلكترونية، وطفل أصبح يكذب ويفتري لأنه تعلم ذلك من مسلسل؛ بل وصل الحال أن يُدْخِلَ الأعداء في الأفلام الكرتونية ما يحرف الطفل عن فطرته من طقوس عبادة الشيطان والأوثان وحتى الإيحاءات الجنسية والفاحشة الشنيعة (المثلية)، وليس من التربية أن يترك الإنسانُ أبناءَه يقضون عطلتهم الصيفية مع قرناء السوء الذين يفسدون أخلاقهم وفطرتهم ويفصلونهم عن الله وعن هداه ويقتدون بهم: كما قال الشاعر
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه     فكل قرين بالمقارن يقتدي
ويصبح الحال كما حذر القرآن الكريم: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}، ويصبح الحال عند الله يوم القيامة بينه وبين قرينه كما قال الله: {حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} ويكون المسؤول الأول عند الله هو الأب والأم اللذين تركا الابن عرضة  لقرين السوء وللانحراف في زمنٍ وصل الضلال فيه ذروته، وقد حذر الله المؤمنين في زمن النبي صلوات الله عليه وآله من ضلال اليهود الذين يستطيعون إخراج الناس من الإيمان إلى الكفر وهم في ذلك الزمن الذي لم يكن لديهم فيه وسائل تضليل كما هي اليوم، حيث يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} فكيف يمكن أن يأمن الناسُ على أولادهم من التضليل في هذا الزمن الذي وصلت فيه وسائل التضليل منتهى الخطورة؟! حيث قد وصل التضليل إلى كل شخص بمختلف الوسائل، وأبدع الشيطان في خطواته التي يجرجر بها الناس إلى الرذيلة والفاحشة من خلال العناوين المخادعة التي تهدف إلى تجريد الناس من فطرتهم الإنسانية ومن شرفهم وكرامتهم، وتسعى لإيصالهم إلى الخسارة في الدنيا والأخرى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
أيها المؤمنون الأكارم:
أولادنا محتاجون للتربية والمتابعة دائماً، والقرآن وثقافته هو خير من يربيهم على الصلاح والأدب والأخلاق، والمدارس الصيفية هي خير من يحفظهم من الانحراف والضياع في العطلة الصيفية؛ ليتشربوا قيم القرآن، ومبادئ وأخلاق وثقافة الإسلام، ومعرفة الله وكتابه وأنبيائه، وليعرفوا أحكام الطهارة والصلاة، وليتعلموا قراءة القرآن وثقافته، وأولادنا محتاجون إلى العلم، فكم من طالبٍ قضى سنوات دراسية ولكنه لم يستطع إجادة القراءة والكتابة، والمدارس الصيفية تمثل نقلة في تربيتهم وتعليمهم في مختلف المجالات الأخلاقية والمعرفية واللغوية والتاريخية والمهارية وغيرها، وليس هناك من يستغني عن العلم أبدا؛ فالله سبحانه يقول للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً}، وما وصلت الأمة إلى ما وصلت إليه إلا عندما أعرضت عن العلم والبصيرة، وليس هناك أي مبرر للآباء ليخافوا على أولادهم من الالتحاق بالمدارس الصيفية فهي تحت إشراف وتنفيذ ومتابعة من الدولة وليست مثل مراكز التكفيريين، بل إنّ كلما يقدم فيها هو كفيل بأن يجعل من ولدك رجلا قويا وفردا صالحا يعرف حق الله وحق والديه وحق دينه وأمته، ويتشرب ثقافة الإسلام في عصر الغزو الثقافي والفكري والحرب الناعمة، ويتمسك بالهوية الإيمانية، ويعرف خطورة أعداء الأمة، وأنت كأبٍ عليك مسؤولية في أن تعلمه الفروسية والجهاد كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل) وهذا يشمل المهارات الفروسية والمهارات الحربية للبر والبحر؛ فلماذا يخاف البعض على أولاده مِن أن يكونوا رجالا يحملون هموم أمتهم وقضايا دينهم وشعبهم؟ بل إنّما يجب أن

يخاف الآباء على أولادهم منه هو قرناء السوء، وتربية الشوارع، والفراغ القاتل، ومن شبكة الإنترنت وأجهزة التلفونات وشاشات التلفاز التي تريد إفسادهم وتعليمهم الرذيلة وتدنيس فطرتهم الطاهرة، أما المدارس الصيفية فهي تصنع الرجال، وتبني العقول، وتغذي الأرواح بالقرآن الكريم وعلومه، ويجب أن نحمد الله على أنّ لنا قائدا مؤمنا يهتم بشد الكبار والصغار إلى كتاب الله، ويحرص على أن تُستغل العطلة فيما يفيد وينفع الأولاد والشباب، ويعين الآباء على تربية أولادهم، بينما الآخرون يريدون أن يتعلق الأبناء بالقطط والحيوانات، وأن يصبحوا مدمنين على الأجهزة الإلكترونية، ومن العجيب والمؤسف أن نرى بعض الآباء لا يهتم بتعليم ولده أمور الدين والقرآن الكريم، بينما يدفع المبالغ الباهظة ليتعلم اللغة الأجنبية أو الحاسوب، وهذا شيء لا مانع منه، لكنّ المشكلة أنه قبل ذلك لم يحصنه ويعلمه القرآن الكريم ولا أمور الدين، ولم يخشَ عليه من الاختلاط  وقرناء السوء، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (المولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه أو يمجسانه)، وقال: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ويقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
وستبدأ الدراسة في المدارس الصيفية من يوم غدٍ السبت بإذن الله؛ فلندفع بأبنائنا وبناتنا للالتحاق بها، ولنهتم بمتابعتهم في حضورها والاستمرار فيها حتى انتهائها كما هو اهتمامنا بمتابعتهم في المدارس التربوية، حيث لا يقبل ولا يرضى أي واحدٍ منا أن يترك أولاده الدراسة، والعطلة الصيفية مدتها قصيرة فلنحرص على استغلالها. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيم لي ولكم ولكافةِ المؤمنينَ والمؤمناتِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.

▪️الخطبة الثانية▪️
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين، ونشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له، ونشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.
أيها الأخوة المؤمنون:
انقضى رمضان شهر العبادة، وشهر الصيام والصلاة، وشهر الصدقة والبر والإحسان، وشهر التزكية والطهارة، وشهر الدعاء والذكر لله تعالى وقراءة القرآن، ولكن للأسف أنّ البعض يهتم بكل ذلك في رمضان ثم يعزف عنه أو يقصر فيه بعد رمضان، والمفترض أن يبقى رمضان نقطة انطلاقة لشحذ العزيمة والهمة نحو الله وعبادته، ولن يفيد الإنسان أن يهتم بالعبادة في رمضان ثم يضيعها سائر العام؛ فرمضان كان محطة للتزود بالتقوى التي تساعده على الاستقامة خلال العام، وليس من اللائق بالمؤمن أن ينتهي وقود رمضان بانتهائه؛ لأن الله يراقب الإنسان في شوال وفي رمضان، والإنسان في حالة سفر نحو لقاء الله في كل لحظة وساعة، وعليه أن يُعد الزاد دائماً، ويتوقع لقاء الله بشكل مستمر: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ} لكي تكون النتيجة: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ}، وقد كان رمضان موسما للتجارة مع الله ولا بد أن تستمر تلك التجارة: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}، وكذا حمل مسؤولية الجهاد في سبيل الله، والتصدي للمجرمين، والاهتمام بالمبادرات الاجتماعية والخيرية، وإنشاء الجمعيات التعاونية، وتفعيل الجمعيات التي تم تشكيلها، ولا يمنعنا عن ذلك إخفاق بعضها أو تعثرها، بل يجب تكرار المحاولة، ومعالجة الإشكالات، والعزم على إنجاح الجمعيات التعاونية المنتخبة التي يمكن أن تنهض بالزراعة والاقتصاد، ويمكن أن توحد الجهود لإحداث نهضة زراعية في كل القرى والعزل والمدن والوديان والمحافظات.
أيها المؤمنون:
من المسائل التي يجب أن نحمل الوعي الكافي عنها وأن نحمل روح المسؤولية تجاهها هو العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي لبلدنا في كافة الجوانب، وبالذات في جانب القوت الضروري والاحتياجات الأساسية؛ فقد أنعم الله علينا بالمساحات الواسعة الصالحة للزراعة التي تجعلنا أمة قوية، لكننا لمّا فقدنا التقدير للنعم الإلهية؛ غابت عنا الرؤية الصحيحة للتعامل مع هذه النعم، وللأسف أنّ المسلمين لم يحملوا من الوعي مثلما حمله الصينيون واليابانيون والكوريون وغيرهم من الشعوب ـ غير المسلمة أصلاً ـ التي تحرص جميعها على أن تكون شعوبًا قوية ومنتجة وتوفر احتياجاتها بنفسها، بل وتصدرها إلى الخارج.

واليوم لابد أن نحمل جميعاً روح المسؤولية تجاه الزراعة، واغتنام موسم الأمطار - الذي ينعم الله به على بلدنا هذه الأيام - ببناء الحواجز المائية وزراعة كل شبر من الأرض بدلا من الهجرة من الأرياف الى المدن؛ فقد كان أجدادنا أكثر نشاطا منا، والأراضي التي زرعوها هي أكثر من الأراضي المزروعة الآن، على الرغم من قلّتهم، وعدم وجود الآلات الحديثة معهم؛ فيجب أن نهتم بما يكفل حصول نهضة في الجانب الزراعي، وفي تربية الحيوانات وإنتاج العسل، وعلى المزارعين أن يهتموا بزراعة الحبوب التي تمثل القوت الضروري، وأن يبتعدوا عن التصرفات العشوائية عند قطف الثمار وحصاد المحاصيل وعند تسويقها، وأن يرتبطوا في أعمالهم بطرق منظمة وسليمة وصحيحة، وأن يركزوا على الأمانة والجودة وحسن الإنتاج والسلامة من الغش؛ سواء مزارعي الحبوب والفواكه والخضروات أو مزارعي النحل؛ لأن هذه الأشياء هي التي ستحقق لهم الربح في الدنيا والآخرة، كما أنّ على التجار أن يتقوا الله وأن يهتموا بالإنتاج المحلي، وأن يحرصوا على العناية بالمنتج المحلي بدلًا من استيراد كل شيءٍ من الخارج، وكذا الحرص على عدم استيراد المبيدات الضارة، أو استعمالها من قبل المزارعين؛ فمن يبيع أو يستخدم المبيدات الضارة ربما يعتبر عند الله قاتلا للنفس المحرمة، وهناك البدائل من الأسمدة والمبيدات الطبيعية كالأتربة ومخلفات الأبقار والأغنام بدلا من المبيدات الضارة التي تقضي على البشر وليس على الحشرات فقط، ومنها ما يسبب السرطان وفيروس الكبد والأمراض الخبيثة، فهل يرضى واحد من المزارعين أو التجار أن يلقى الله يوم القيامة قاتلا للنفس المحرمة بما استخدمه من مبيدات ضارة وقاتلة في القات والخضروات والفواكه؟ وعلى مزارعي الثروة الحيوانية الحرص على تربية صغار المواشي والإناث منها وعدم ذبحها، وعلى الشعب كله أن يحمل روح المسؤولية في تشجيع المنتج المحلي، وأن تكون الأولوية لدى الجميع ـ وخاصة المستهلك ـ هي للمنتج المحلي؛ فعلينا أن نحمل هذا الاهتمام الذي تحمله كل شعوب العالم نحو منتجاتها؛ فكل الشعوب تعطي الأولوية في الاهتمام بمنتجاتها المحلية ولا تأخذ من منتجات الخارج إلا ما ليس متوفرا محلياً، بينما الحاصل عندنا – وللأسف – أنه ليس لدينا اهتمام وحرص على شراء المنتجات المحلية، والله المستعان.
أيها المؤمنون:
مضى رمضان والعيد وإخواننا في غزة وفلسطين لم يعرفوا للعيد فرحته وكسوته، ولا لرمضان حرمته وهدوءه، بل كان العيد ورمضان عندهم مليئًا بالآلام والمآسي والدماء المسفوكة والأيتام والنساء المشردة والجائعة والمقتولة، وهم جزء منا وإخوة لنا جار عليهم اليهود والأمريكان، وخذلهم القريب والبعيد، حتى أنه في أيام العيد استمرت مجازر الصهاينة والأمريكيين بحق إخواننا في غزة دون مراعاة لمشاعر كل المسلمين، ونحن أمام مظلوميتهم الكبرى والعظمى في ابتلاء وامتحان بين يدي الله سبحانه إن خذلناهم وتركناهم ومللنا عن مناصرتهم؛ فإن الله سيخذلنا وسيعذبنا، ولن تنفعنا صلاتنا وزكاتنا وصيامنا، وإن نصرناهم وأيدناهم واستنكرنا ما يقع عليهم من ظلم؛ فإننا أبرأنا ذمتنا، وأدينا واجبنا، وأرضينا ربنا، ونلنا الأجر والثواب، فقد قال صلى الله عليه وآله: (أفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر) وهل هناك أكثر جورا من أمريكا وإسرائيل. فالله الله يا عباد الله، ندعوكم بدعوة الله، ودعوة كتابه، ودعوة الأخوة الإسلامية، ودعوة القدس وغزة وفلسطين، ودعوة أطفال غزة ونسائها المظلومين للخروج عصر اليوم في المسيرات والمظاهرات فإنها من الجهاد في سبيل الله. وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله, والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً},اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجاً، ومن كلِ ضيقٍ مخرجاً، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكلَ من حالفهم وعاونهم، وانصر إخواننا في غزة وفلسطين وجميع المجاهدين يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا

وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

.
➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
 بديـوان عــام الــوزارة.
----------------------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر