الجمهورية اليمنية
هيئة الأوقـاف والإرشاد
قطاع الإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
خطبة الجمعة الثالثة من شهر ربيع الآخر 1447هـ
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
عنوان الخطبة:(عامان على طوفان الأقصى)
التاريخ: 18/4/1447هـ 10/10/2025م
الرقم: (16)
➖➖➖➖➖➖
🔹 *أولاً: نقاط الجمعة*
1️⃣-في ذكرى طوفان الأقصى يجب التذكير أنه جاء كرد على الإجرام الصهيوني لـ 75 عاما وقبله البريطاني لـ 30عاما وامتداد لجهاد الشعب الفلسطيني ضد العدو.
2️⃣-استطاع طوفان الأقصى أن يعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث العالمية ويحيي في ضمير العالم مظلومية كاد أن ينساها.
3️⃣-طوفان الأقصى خلال ساعات كشف واقع الكيان الضعيف، ولولا دعم الغرب وأوربا وخونة العرب للكيان المؤقت لانهار وتلاشى.
4️⃣-طوفان الأقصى أشعل السخط في العالم ضدالعدو وأحيا ثقافة الجهاد في الأمة وأدخل العدو في حرب استنزاف طويلة وأظهر صمود الشعب الفلسطيني ووحد المجاهدين من أبناء الأمة رغم التآمر والخذلان وغربل هذه الأمة بل والإنسانية جمعا.
5️⃣-في طوفان الأقصى تميز موقف الشعب اليمني المساند لفلسطين فقد أحرق هيبة أمريكا في جولتين وضرب حاملات طائراتها وشرد بها وأسقط طائراتها وضرب مئات السفن الداعمة للكيان وكل هذا بفضل الله وبفضل قيادة علم الهدى السيد عبدالملك الذي بيض بموقفه ووجه كل يمني وعربي حر.
6️⃣-موقفنا مستمر في سبيل الله رغم كل الصعوبات والتضحيات حتى يتحقق وعد الله بزوال الكيان المؤقت.
➖➖➖➖➖➖
🔹ثانياً:خطبة الجمعة
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للهِ العليِّ عن شَبَهِ المخلوقين، والظاهِرِ بِعجائبِ تدبيرِهِ للناظرين، والباطِنِ بجلالِ عِزَّتِهِ عن فِكْرِ المُتَوَهِّمِين، مُذِلُّ مَنْ نَاوَاهُ، وَغَالِبُ مَنْ عَادَاهُ، القائل في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}، ونَشْهَدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، قوة كل ضعيف، وغنى كل فقير، ونصير كل مظلوم، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونَصَحَ الأمة، وكَشَفَ اللهُ به الظُلمة، وجاهد الظالمين والمجرمين، والطغاةَ والمستبدين، حتى أتاهُ اليقين، اللهم صل وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته المنتجبين الأخيار.
أما بعد/ أيها الإخوة المؤمنون:
أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله تعالى وطاعته، القائل في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، والقائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}.
عباد الله:
مرّ عامان على عملية طوفان الأقصى الذي انطلق من واقع المظلومية الكبيرة التي يعانيها الشعب الفلسطيني لعقود طويلة، عامان من الإجرام والقتل والفساد الصهيوني الأمريكي، قابله عامان من الصمود، عامان من الجهاد، عامان من الثبات، عامان من الصبر العظيم للشعب الفلسطيني ومجاهديه أمام جريمة القرن، وترافق معه عامان من الثبات اليمني الإيماني في الإسناد للشعب الفلسطيني، عامان من العزة والكرامة، عامان ونحن في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس في سبيل الله ضد (اليهود) أشدّ وألدّ أعداء الأمة والإنسانية الذين قال الله عنهم: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ}، ولو عدنا إلى تاريخ الشعب الفلسطيني لوجدنا أنه أكثر شعب مسلم ظُلم - ولا زال - في هذا العصر، شعب تآمر عليه اليهود والنصارى، وخذله إخوانه وتفرجوا عليه في سابقة لم تحدث في الأمة والعالم، ولكي نتذكر من أي جرح انطلق طوفان الأقصى فلا بدّ أن نستعرض معاناة الشعب الفلسطيني ما قبل طوفان الأقصى؛ لأنه كان عبارة عن صرخة ألم ووجع وقهر كبير، فما قبل مائة وثمان سنوات احتل البريطانيون فلسطين في العام 1917م، وقدموا لليهود وعدًا بأن يعطوهم أرض فلسطين ليقيموا عليها كيانهم الغاصب، في أقبح مؤامرة على شعب بأكمله؛ ليشكل اليهود معسكرًا استعماريًا متقدما للغرب الكافر في قلب الأمة، وخنجرًا مسمومًا يمزق الأمة ويفرقها ويفقدها الأمن والاستقرار والحضارة والحرية، وعلى مدى ثلاثين عامًا كان الشغل الشاغل للبريطانيين هو تسهيل وصول اليهود من أصقاع الأرض إلى فلسطين، وتشكيلهم في مغتصبات، وتدريبهم وتسليحهم وتجهيزهم لقتل الأمة واحتلال أرضها، حتى أصبح عدد اليهود مئات الآلاف، وعندها انسحب البريطانيون وأعلن اليهود قيام كيان لقتلة الأنبياء في أرض الأنبياء ومسرى خاتمهم محمد صلى الله عليه وآله، ودخل العرب بعد أن خلعوا الإسلام من صدورهم لمواجهة اليهود،
واستبشر الفلسطينيون، ولكن كانت النتيجة نكبة أُخرج فيها قرابة مليون فلسطيني من أرضهم وديارهم، وبعد تسعة عشر عاما عاد العرب ليخوضوا حربا مع اليهود فكانت النتيجة نكسة هُزمت فيها عدة جيوش عربية في ستة أيام، وسيطر اليهود على القدس وبقية فلسطين وأجزاء من مصر وسوريا.
عباد الله:
بعد سنوات فقط من الصراع مع اليهود وصل العرب إلى حالة اليأس والإحباط، وترسخ في تفكيرهم أن الجيش الصهيوني لا يقهر؛ فبدأ الاستسلام بعد أن روضهم اليهود، وتخلوا عن فلسطين والفلسطينيين على الرغم من أنّ القتل والأسر والتعذيب مستمر على الفلسطينيين ولم يتوقف يومًا واحدًا على مدى عشرات السنين، وقد قُتلوا في دير ياسين وكفر الشيخ وجنين ويافا وحيفا وصبرا وشاتيلا، وقُتلوا في القدس والضفة وغزة، وقتلوا في بيوتهم وفي مساجدهم وفي أسواقهم وفي مزارعهم، واحتلت بيوتهم وأخذت مزارعهم وأهينوا وأذلوا، واستمر القتل والتعذيب والتهجير، ويكفي أن نعرف أنه استشهد على يد اليهود منذ احتلال فلسطين إلى ما قبل طوفان الأقصى أكثر من مائة وخمسين ألف فلسطيني، وأكثر من مليون جريح وأكثر من عشرة مليون نازح، ومئات الآلاف تعرضوا للاعتقال، والآلاف قبعوا - ولا زالوا - في السجون، وفيهم المئات من النساء والأطفال، والمئات ماتوا تحت التعذيب، والمئات حُكم عليهم بالأحكام المؤبدة، وهكذا بلا توقف، ودُنّس الأقصى وأحرق وتعرض للهدم، وسُبَّ رسول الله وأحرق القرآن، وليس هناك أي ردة فعل من قِبل العرب والمسلمين، وحينها أدرك الفلسطينيون أنهم يجب أن يعتمدوا على الله وعلى أنفسهم؛ فانطلقت الانتفاضة الفلسطينية الأولى ثم الثانية، ثم جاءت مرحلة أخرى من المؤامرة على القضية الفلسطينية حين جاءت ما يسمى بصفقة القرن وانخرط العملاء من أبناء الأمة في التطبيع، وكان هدف اليهود: أن يُقتل الفلسطينيون بصمت وبالتدريج، وأراد اليهود أن يمسحوا من ذاكرة العالم شيئا اسمه: فلسطين والقدس والأقصى وقضية فلسطين والمقدسات، واستمر القتل، وتصاعد الاحتلال والانتهاك والإذلال والتدنيس والتعذيب والتنكيل، لكن بلا صوت يُسمع؛ فما كان من أحرار فلسطين إلا أن يتوكلوا على الله ويتحركوا بعملية كبرى ضد العدو الصهيوني في السابع من أكتوبر؛ ليحركوا العالم ويلفتوا نظره إلى جريمة مستمرة لأكثر من مائة عام، وخلال ساعات وأمام فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى تهاوى الكيان الصهيوني كبيت العنكبوت، وضاعت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وكُشفت عورة الموساد والشاباك وكل جوانب الكيان المؤقت، ولولا التدخل الأمريكي والغربي بالإضافة إلى التدخل العربي - وللأسف - لكانت هناك فضيحة كبرى لحقت بكيان طالما تغنى أنه الأقوى في المنطقة.
أيها المؤمنون:
لقد كانت معركة طوفان الأقصى ضرورة أتت في إطار الحق المشروع للشعب الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني المجرم الغاصب الذي لا يمتلك أي شرعية، طوفان جاء امتدادا للجهاد والصمود الفلسطيني والمقاومة التي تبلورت في الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، ومما حققه هذا الطوفان أنه أخرج القضية الفلسطينية من نفق النسيان المظلم الذي رسمه لها العدو، وأعاد القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث العالمية كقضية إنسانية حركت المظاهرات في كل أصقاع الدنيا من أجلها، وأظهرت العدو الصهيوني على حقيقته كعدو مجرم لا يرعى أي حرمة ولا إنسانية ولا مبادئ ولا أخلاق، بعكس ما كان يصوره الإعلام المتصهين من أنه كيان يؤمن بالإنسانية، وأنه أمة محترمة مسالمة لديها قابلية العيش مع الآخرين، وأصبح اليهود بعد الطوفان مكروهين منبوذين في كل الدنيا، حتى صدرت القوانين بمحاكمة قادته ومقاطعته دبلوماسيا واقتصاديا من بعض الدول غير الإسلامية في العالم.
ومما حققه طوفان الأقصى هو أنه أعاد ثقافة الجهاد في سبيل الله في أوساط الأمة، وألّا يحصل أي ضعف أو استسلام مهما كانت التضحيات؛ فبعد أن كانت الجيوش العربية تنهار أمام العدو في غضون أيام وجدنا المجاهدين في فلسطين يواجهون في أحلك وأصعب الظروف على مدى عامين، والضربات على العدو مستمرة، وتم إدخال العدو في حرب استنزاف ومواجهة طويلة وخسائر مستمرة، وظهر صمود المجاهدين والأهالي في فلسطين، وتجلّى الصمود رغم الخذلان والتآمر الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ صراع العرب جميعا مع اليهود.
ومما حققه طوفان الأقصى أنه غربل العالم كله؛ فأظهر من لا يزال يحمل الإنسانية حتى من غير المسلمين، وغربل المسلمين فتميز الخبيث من الطيب، وعُرف الصادق من الكاذب، وتحقق قول الله تعالى: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} والتقى الأحرار في فلسطين وإيران ولبنان والعراق واليمن على عدو واحد: هو عدو الأمة وعدو الإسلام وعدو الله ورسوله، وتميزت الأمة بين أشداء على الكفار وأذلاء أمام الكفار، وظهرت الخيانة لدى البعض الذين لم يكتفوا بالصمت تجاه ما يحدث؛ بل تعاونوا ودعموا الصهاينة في وضعية تدعوهم فيها نخوتهم وإسلامهم وعروبتهم
أن يقفوا مع إخوانهم، ووحد طوفان الأقصى الأحرار المجاهدين من أبناء الأمة، ومهما كانت التضحيات خلال العامين من القادة العظماء فهم أحياء عند الله، وقد أحيوا بدمائهم القضية والمنهج، وأحيوا أمة ستبقى سائرة على دربهم إلى يوم القيامة، وتبين للأمة أنه لن يجدي مع اليهود لا تطبيع ولا استسلام كما حصل في استباحة سوريا، ونقض العهد في لبنان، والعدوان على قطر، وتبين أنّ العدو لا ولن يرقب لأحد عهدًا ولا ذمة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، إنه تعالى جواد برٌ رؤوف رحيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولكافة المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورَضِيَ اللهُ عن أصحابه الأخيار المنتجبين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
من الأشياء العظيمة التي جلاها وأظهرها طوفان الأقصى هو معدن الشعب اليمني وهويته وشجاعته وكرامته وإباؤه وأخوته التي لا تحكمها الجغرافيا ولا المذهبية ولا الحزبية ولا المصالح؛ بل وقف مع إخوانه الفلسطينيين يوم خذلتهم الأمة، ووقف مع إخوانه في غزة على الرغم من أننا لا نزال تحت العدوان والحصار، ورغم بعد المسافة كان هو الأقرب إلى قلوب الفلسطينيين، وإلى أرضهم، وقد تحققت عدة أشياء في الشعب اليمني خلال عملية طوفان الأقصى منها: توحد أبناء الشعب اليمني أكثر، وظهور الهوية اليمنية الإيمانية، التي تثمر مواقف عملية، وجهادا مقدسًا في سبيل الله، وتحررًا من الأعداء، ووقوفًا مع الأحرار، وعرف العالم كله من هو الشعب اليمني الذي تميز بشجاعته في زمن الذلة، وبنخوته في زمن الخسة، وتميز بحريته في زمن الاستعباد، وتميز بإيمانه في زمن باع الكثير من أبناء الأمة إيمانهم، وأصبح الشعب اليمني قدوة ونموذجا للأحرار في العالم، وظهر المرتزقة على حقيقتهم، وأنهم عبارة عن أدوات لأدوات الصهاينة.
وخلال طوفان الأقصى ضربت القوات المسلحة اليمنية بصواريخها وطائراتها المسيرة كل المناطق المحتلة داخل فلسطين، ولم يتبق للصهاينة منطقة آمنة، وأصبحت الصواريخ اليمنية كابوسًا يوميًا يقظ مضاجع الصهاينة ويحشرهم في الملاجئ بالملايين، وتم إغلاق ميناء أم الرشراش واستهداف مطارات العدو وأماكنه الحيوية، وخلال طوفان الأقصى تحقق البناء في التصنيع الحربي اليمني فصُنعت طائرة يافا التي ضربت قلب الكيان، وتم صناعة صواريخ فرط صوتية وانشطارية وزوارق حربية وغواصات بحرية وكل هذا بفضل الله وتأييده.
وفي طوفان الأقصى استطاع اليمن أن يكون أول دولة عربية مسلمة أحرقت هيبة أمريكا من خلال هزيمتها في جولتين، في عهد بايدن وفي عهد ترامب، وأسقطت في اليمن عشرات الطائرات المسيرة الأمريكية، واستهدفت القوات المسلحة أربع حاملات طائرات أمريكية، ومن على متنها أسقطنا ثلاث طائرات إف 18، واستهدفنا 228 سفينة كانت تدعم الكيان، وكل هذا بفضل الله، وبنعمة الله علينا بمشروع القرآن وبقرين القرآن السيد عبدالملك بدر الدين الذي لولاه بعد الله لما كان لليمن هذا الحضور المشرف، والموقف الذي بيض وجه كل يمني في زمن اسودت فيه الوجوه بمواقف الذلة والعار والتخاذل.
المؤمنون الأكارم:
خلال عامين ارتكب العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة أبشع الجرائم بكل طريقة، وكذلك في لبنان واليمن وسوريا، ولكن كل ذلك لن يوقف الجهاد، ولن يتوقف حتى يتحقق وعد الله بزوال هذا الكيان، وسنستمر جهادا في سبيل الله، في موقف يصلنا بالله، ورحمته، وفضله، وكرمه، وأجره، وموقفنا ليس موقفاً طائشاً، أو عبثياً، أو سخيفاً، بل في إطار تعليمات الله الحكيمة في كتابه الكريم، وفي إطار فرائضنا والتزاماتنا الإيمانية والدينية، وفي إطار ايماننا بوعد الله الحق، واقتدائنا برسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم"، الذي قال الله عنه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} وفي إطار الفطرة الإنسانية ومكارم الأخلاق والموقف الواعي لخطورة العدو الصهيوني، وحينما نقدِّم التضحيات؛ فإنها تضحيات في سبيل الله، ومثمرة عند الله.
والإنسان عندما يتحرَّك في سبيل الله وينفق ويضحِّي فهو موعودٌ من الله بالعوض العظيم: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، وكل أشكال المعاناة في إطار هذا الموقف هي محسوبةٌ عند الله كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ
عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ . وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
أخي المؤمن:
عندما تخرج في المظاهرات، أو تتحرَّك في ميدان القتال في سبيل الله، أو في مَوْطِئ يغيظ الكفار وفيه تعب نفسي أو بدني؛ فكل هذا مكتوب عند الله، وعلى مستوى التضحية بالنفس؛ فهي شهادة في سبيل الله وفوزٌ عظيم، قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ومع ذلك وعدنا الله بالنصر الذي هو في نهاية المطاف تتويجٌ لكل التضحيات والجهود: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.
وختاما: ندعوكم بدعوة الله ورسوله، ودعوة المستضعفين المظلومين في فلسطين للخروج في كل جمعة جهاداً في سبيل الله، ونصرة لدينه وعباده المؤمنين.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليما: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، اللهم صلِ وسلم وبارك وتحنن على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة ولبنان واليمن، وانصر مجاهدينا في البر والبحر، وفي كل الجبهات والثغور والميادين، وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الـهيئة.
----------