عبدالله عبدالعزيز الحمران
في زمنٍ تتنازع فيه المصالح وتختلط فيه الأصوات بين من يبيعون الحقائق ومن يشترون الوهم، يظلّ موقف حزب الله في الجهاد هو التاج الذي يعلو كُـلّ رأسٍ آمن بالقرآن الكريم، وأحبّ رسول الله ورسالته الخالدة.
جهاد الحزب ليس شعارًا عابرًا ولا ورقة ضغط سياسية، بل هو انتماء وجودي لخط الأنبياء، وموقف قرآني أصيل يرى أن الكرامة لا تُشترى، وأن الحق لا يُساوم عليه، وأن الدم حين يسيل في سبيل الله يكتب صفحات التاريخ بأمانة.
وفي الذكرى الأولى لاستشهاد القائد المجاهد السيد حسن نصر الله، نستحضر مواقفه التي لم تكن محصورة في جبهة بعينها، بل كانت شاملة لكل ساحات الأُمَّــة.
لقد كان حاضرًا في فلسطين، حاملًا همّها وقضيتها، مؤكّـداً أنّ القدس ليست شعارًا يُرفع في المزايدات، بل قبلة الجهاد وبوصلة الأُمَّــة.
ومن يقف مع فلسطين بحقّ لا بد أن يقف ضد كُـلّ خيانة وتطبيع، وأن يحمل السلاح، حَيثُ ينبغي أن يُحمل.
وكان للشهيد موقف لا يقل وضوحًا تجاه اليمن؛ إذ رأى فيه قلعةً للصمود ومحرابًا يتجلّى فيه إيمان المستضعفين حين يواجهون أعتى عدوان عالمي.
لقد أيّد صمود الشعب اليمني وأشاد ببطولات المجاهدين الذين حولوا الحصار إلى فرصة قوة، وجعلوا من مواقفهم الجهادية امتدادًا طبيعيًّا لخط المقاومة في لبنان وفلسطين.
فاليمن في وعي الشهيد لم يكن ساحةً بعيدة، بل جزءًا من جبهة واحدة، ومعركة واحدة، ضد مشروعٍ واحد يقوده الاستكبار العالمي والصهيونية.
لقد علّمنا الشهيد أنّ الانتماء لحزب الله ليس بطاقة عضوية ولا هوية حزبية ضيقة، بل هو موقف حضاري وروحي ينحاز فيه المرء للحق ضد الباطل، وللحرية ضد الطغيان، وللمستضعفين ضد المستكبرين.
ومن لم يكن من حزب الله بهذا المعنى، فأي شرف بعد يبحث عنه؟ وأي مكانة يظنّها تعلو على مقام أن تكون جنديًّا في جيش محمد، أَو نصيرًا لرسالة القرآن، أَو تابعًا لنهج الحسين؟
في ذكراك الأولى، يا سيد العزّة وشهيد الإنسانية، نقول لك: كنت لنا قائدًا حاضرًا، وبعد رحيلك صرت في أرواحنا قبسًا لا ينطفئ، وفي وجداننا نبضًا يتجدّد مع كُـلّ نداء جهاد.
وهكذا يمضي حزب الله، رجالًا ودماءً وأرواحا، شاهدًا على أن هذا الدرب هو درب النصر، وأن الأُمَّــة التي تنجب قادة بحجمك لا تعرف الهزيمة.