مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

شاهر أحمد عمير
في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيد القائد حسن نصر الله، فإننا لا نقف فقط عند حدثٍ جسيم هزّ الأُمَّــة، بل أمام محطةٍ تاريخيةٍ أفرزت دلالاتٍ عميقةً على مستوى الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، ورسّخت يقينًا بأن المقاومة خيارٌ لا يمكن تجاوزه أَو الالتفاف عليه.

لقد جسّد السيد القائد، سلام الله عليه، النموذجَ الأرقى للقائد المؤمن بقضيته، الثابت على مواقفه، الذي جعل من حياته جسرًا لعبور الأُمَّــة نحو الكرامة والحرية.

قال الإمام عليٍّ (عليه السلام): «نفوسُنا غاليةٌ علينا، ولا جزاءَ لها من الله إلا الجنة».

وهذه الكلمات تختصرُ معنى الشهادة وجوهرها؛ فالشهادة ليست نهايةَ حياةٍ، بل بدايةَ خلودٍ، وهي الطريق الذي اختاره الصفوةُ من عباد الله لرفع راية الحق ونصرة المستضعفين.

وقد أكّـد القرآن الكريم هذه الحقيقةَ الخالدةَ بقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًاۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.

واليوم، تحيي الأُمَّــة الإسلاميةُ الذكرى السنويةَ الأولى لاستشهاد السيد القائد حسن نصر الله، شهيدِ الإسلام والإنسانية، الذي ارتقى وهو في مواجهةٍ مباشرةٍ مع الاحتلال الإسرائيلي، ثابتًا على مواقفه الراسخة، مدافعًا عن القضية الفلسطينية وأبناء غزة، مؤكّـدًا أن الحق لا يُحفظ إلا بدماء الأحرار، وأن الحرية لا تُنتزع إلا بالتضحيات العظيمة.

لقد كان استشهاده حدثًا مفصليًّا في تاريخ الأُمَّــة، ترك أثرًا عميقًا على وجدان الشعوب العربية والإسلامية، وأعاد تعريف مفهوم القيادة المقاومة التي لا تساوم ولا تخضع لإملاءات الطغاة.

إن شخصيةَ السيد حسن نصر الله، بما حملته من إيمانٍ راسخٍ وفكرٍ ثاقبٍ وبصيرةٍ نافذةٍ، جسّدت النموذجَ الأرقى للقيادة التي امتلكت الشجاعة الكافية لمواجهة أعتى قوة احتلال عرفها التاريخ المعاصر، وفي الوقت نفسه لم تتخلَّ عن البُعد الإنساني والأخلاقي في خطاباتها وسلوكها.

فقد كان يوازن بين صرامة الموقف العسكري والسياسي وبين الرحمة والرأفة بالمستضعفين، وهذا ما جعله قائدًا استثنائيًّا تجاوزت مكانته حدودَ لبنان إلى فضاء الأُمَّــة العربية والإسلامية كلِّها.

لقد أدرك الشهيدُ القائدُ أن المعركةَ مع الاحتلال الإسرائيلي ليست مُجَـرّد صراع حدودٍ أَو نزاع مصالح ضيق، بل هي معركةُ وجودٍ وهويةٍ وكرامةٍ؛ لذلك كانت كلماته دائمًا تعبر عن وعيٍ استراتيجيٍّ يتجاوز اللحظةَ الآنية، ويضع الأُمَّــة أمام مسؤولياتها التاريخية.

ومن هنا فإن استشهاده لم يكن خسارةً لشخصيةٍ بارزةٍ فحسب، بل كان امتحانًا جديدًا لإرادَة الأُمَّــة وصدق انتمائها إلى قضاياها المصيرية.

لقد أثبتت مسيرةُ السيد حسن نصر الله أن المقاومةَ خيارٌ واقعيٌّ وضروريٌّ، وليست مُجَـرّد شعاراتٍ عاطفيةٍ.

فقد تحولت رؤيته إلى برنامج عمل، وصارت مواقفه مدرسةً سياسيةً وعسكريةً وفكريةً تستلهم منها الحركاتُ التحرّريةُ في المنطقة والعالم.

ومع رحيله شهيدًا، فإن إرثَه يظل حاضرًا، يلهم الأجيالَ ويغرسُ فيهم روحَ التضحية والعزة واليقين بأن العدوّ مهما بلغ من قوةٍ فإنه أوهن من بيت العنكبوت أمام إرادَة الشعوب الحرة.

إن إحياءَ هذه الذكرى ليس مُجَـرّد فعلٍ رمزيٍّ أَو مناسبةٍ للتذكّر، بل هو إعلان وفاءٍ لخط الجهاد والمقاومة، وتجديدُ عهدٍ على المضي في الطريق الذي خطّه بدمه الطاهر.

إنه دعوةٌ إلى وحدة الأُمَّــة على قاعدة نصرة فلسطين ورفض الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية التي تسعى لفرض الاستسلام والتبعية.

وإن الوفاءََ الحقيقيَّ للشهيد القائد يكون بالتمسّك بخياراته، وبالاستعداد الدائم للتضحية في سبيل الكرامة والحرية.

لقد كان السيدُ حسن نصر الله، سلام الله عليه، قائدًا حمل همومَ الأُمَّــة في قلبه وخطاباته، وربط مصيرَ لبنان بمصير فلسطين، ومصيرَ العرب بمصير غزة.

لذلك فإن ذكراه ستظلُّ باقيةً في وِجدان كُـلّ من يرفض الظلم ويبحث عن الحرية، وسيبقى شهيدُ الإسلام والإنسانية، عنوانًا مضيئًا يذكّرنا بأن القادة العظماء لا يرحلون حقًّا، بل يعيشون في قلوب شعوبهم، وفي صفحات التاريخ التي تُكتب بالدماء الزكية.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر