مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

أحمد الضبيبي
في الذكرى السنوية الأولى لرحيلك العظيم، نقفُ بقلوبٍ تفيضُ حُبًّا، وعيونٍ تُبرِقُ فخرًا، وصدورٍ تعتصرُ شوقًا، كنت وما زلت القامةَ التي لا تُطال، والمدرسةَ التي لا تَنضب.

شهدتْ ساحاتُ الوغى وميادينُ الجهاد لـجهادك المُضني الذي لم يعرفْ كلالًا، ورأتْ خطبُ الأيّام فيك الصبر الذي لا يلين، والثباتَ الذي تتضاءلُ أمامَه الجبال، يا من جسّدتُ معنى الوفاء لدينك ولقضيتك وَلأمتك، ويا من كان الصدقُ سِمَتَك والتاجَ الذي تُوِّجت به مواقفك، ويا من أشرقتْ روحُك بـالإخلاص المُطلق لوجه الله وحده، لقد زرعت فينا بدمائك الطاهرة شجرةَ الكرامة، ورسمت بنور بصيرتِك طريقَ العزة.

وفي سجلِّ مآثرِ سيد شهداء الأُمَّــة رضوان الله عليه، يبرزُ موقفٌ خالدٌ كشمسِ النهار، موقفُه المُشرِّف تجاه اليمن الصابر والشعب اليمني المُستضعف، في زمنٍ عزَّ فيه المُعين وكثُرَ فيه الخاذل.. لقد تجلّى صدقُ موقفه الشريف ونُبلُ معدنه الأصيل عندما انقضَّتْ قوى البغي من الأعراب تُدمّـر وتقتلُ وتُحاصر، وعندما خذلَ القريبُ والبعيد، وأسكتَ النفاقُ الكثيرَ من الأصوات، وبينما ارتفعتْ أصوات التخاذلِ والتبريرِ والمُساومة، كان صوتُه هدارًا وصادحًا بالحق، يُدينُ العدوانَ، ويُفضحُ المؤامرة، ويُعلنُ التضامنَ المطلقَ مع شعبٍ يُواجهُ آلةَ القتلِ والتجويع كان صوتُه نارًا على المعتدين ونورًا للمُستضعفين في لحظةٍ تاريخيةٍ فاضتْ بـالنفاق السياسي والتخاذل الإنساني من قِبَلِ مَن يُفترضُ بهم الأخوةُ والجوار، كان خيرَ أخٍ وخيرَ ناصر لم يُقدّم الدعمَ المشروطَ أَو النُصرةَ المتردّدة، بل كان موقفه مبدأً عقائديًا وإنسانيًا خالصًا لوجه الله، يشهدُ له الميدانُ والبيانُ، لم يكتفي بالقول، بل كان موقفُه ترجمةً للوفاء والإخلاص لقضية الأُمَّــة ووحدةِ صفوفها رأى في نُصرةِ اليمن نُصرةً لمبدأ الحقِّ والعدلِ الذي جاهد لأجله، وموقفَه هذا سيبقى محفورًا في ذاكرةِ الشعب اليمني كـشاهدٍ على العزة في زمن الذلّ.

لقد رحل سيد شهداء الأُمَّــة رضوان الله عليه وصفيه الهاشمي وتركا لنا سيرةً تُعلِّمُنا أنَّ المبادئَ تُصانُ بالتضحيةِ لا بالمُساومة، وأنَّ الأخوةَ الحقيقيةَ تتجلّى في أصعب الظروف، وأن الأُخوَّة الإيمَـانية تتجلّى في ميادين العزة والكرامة معلنا النُصرةَ بدمائه قبل لسانه، وفاءً للمظلوم في زمنِ الخيانة.

كلامك الذي قلته في إحدى خطاباتك "يا ليتني كنت معكم، يا ليتني كنت مجاهدًا تحت راية قائدكم العزيز والشجاع" لم يكن كلامًا عابرًا بل موقف سند ومدد بالحاج أبو صالح رضوان الله عليه والحاج باسل شكر والعديد من رجال الرضوان، موقف ثابت كالرواسي في ميادين الجهاد، وأصعب المواقع وأخطر الثغور، لم تكنْ تضاريسُ الأرض القاسية ولا وعورةُ الظروفِ قادرةً على ثنيه عن أداء واجبه المُقدَّس في نصرة يمن الإيمَـان والحكمة.

كلُّ خطوةٍ خَطَاها، وكلُّ قطرةِ عرقٍ سُكِبت من جبينه الطاهر في خطابات التضامن مع اليمن، وكلُّ رصاصةٍ أطلقت من بنادق مجاهدي اليمن، كان سيد شهداء الأُمَّــة سماحة العشق على يقين تام بأن اتّجاهها نحو القدس وفلسطين وكان يرى في كُـلّ جبهات القتال في اليمن خندقًا جديدًا يُقرِّب الأُمَّــة ومحور المقاومة من فكِّ قيدِ المسجد الأقصى وإسناد غزة والقسام لم ينسى يومًا قط أنَّ النصرَ الحقيقيَّ لليمن ومجاهدي اليمن وهزيمة محمد بن سلمان ومرتزِقته في اليمن هو الذي يُعيدُ للأُمَّـة مجدها وعنوانها الأقدس.

لقد علَّمنا سماحة العشق رضوان الله عليه أنَّ طريقَ القدس ليس من مكان واحد على ثغور وحدود فلسطين، بل هو دربُ المُصابرة والمُرابطة، في كُـلّ جبهات العزة والكرامة في اليمن والتي نرى نتيجة ذلك الصبر والصمود اليوم جليًّا يحقّق النصر لدين الله وعباد الله المستضعفين في غزة والقدس ويخنق العدوّ الصهيوني في البحر الأحمر والعربي، ويسحقه في أوكارة بالصواريخ الفرط صوتية والمسيرات.

اليومَ تأتي ذكرى رحيلك يا سماحة العشق، لا نحتفلُ بذكرى غياب، بل نُعلِن ميلادَ إرادَة متجددةٍ وعزمٍ لا يعرفُ التراجع، نقفُ أمام عظمةِ تضحياتك لنُجدّدَ العهد ونُطلقَ الوعدَ الذي لا يَنقضي، قَسَمًا بروحك الزكية ودماءِ الشهادة المطهرة، لن نحيد قيد أُنملةٍ عن دربِك الذي سُقيتُه بدمائك الزكية، وإنَّ دربَك هو طريقُ الحقِّ والنصر لدين الله، ولن يهُزَّنا ريحٌ، ولن يُثنينا مُتخاذل وأنا سنمضي على ذاتِ الجِهاد، ونتسلّحُ بذاتِ الصبر، ونحملُ ذاتَ الوفاء، حتى نُحقّق الغايةَ الكبرى التي استشهدت أنت وصفيك الهاشمي لأجلها.. الدمُ بالدمِ، والعزمُ بالعزمِ، حتى يَرِفَّ لواءُ النصرِ مُعلِنًا إقامة الحقِّ وزوالَ الباطل لم ترحل يا سماحة العشق إلا لتُشرِقا فينا نورًا، ولم تسقُط وترتقي إلا لتُقِيم صرحًا.

لن يخيب ظنك يا سماحة العشق في يمن الإيمَـان والحكمة لك العهد بأنا سنظلُّ الدرعَ الحصينَ واليدَ الأمينةَ على إرثك المُقدَّس العهدُ عهدُنا، والوعدُ وعدُنا بالمضيُّ للأمام، حتى النصرُ المؤزرُ لدينِ الله.. وسلامٌ الله ورضوانه عليك وعلى صفيك الهاشمي يوم وُلدتما ويوم جاهدتما ويوم استشهدتما ويوم تُبعثا أحياءً.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر