مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

والله "جَلَّ شَأنُهُ" جعل للإنسان في هذه النعمة، ما ليس لغيره من الحيوانات، مجال واسع جدًّا في هذه النعمة، في التعبير لغات كثيرة، وأيضًا قدرة على التعبير الواسع، يعني: عن كثيرٍ من الأمور، عن كل التفاصيل، عن... كم هي المفردات التي نستخدمها، لِنُعبِّر بها عن كل مجال من المجالات، ولنعبر بها في كل شؤون الحياة، ولنتحدث من خلالها عن كل الأمور، فهناك ثروة وَسَعَة، منح الله الإنسان:

  • أولًا: القدرة على الاستخدام لهذه النعمة: أن يعبِّر، أن ينطق، أن يتكلم، أو أن يكتب أيضًا تبعًا لذلك.
  • ومنحه المفردات الكثيرة، التي يعبِّر بها عن ذلك.
  • وهيّأه في القدرة الذهنية، والنفسية، والبدنية، وفي الوسائل ذات العلاقة المباشرة: اللسان، وما يتبع اللسان، التوابع التي تتبع اللسان في عملية النطق، وفي القيام بعملية النطق، وكذلك نعمة الكتابة، بالرغم من أنها حروف معدودة، لكن كم تتألف منها من المفردات والجمل، ثم كم اتصل بها في وسائل التعبير، وآداب التعبير، وبلاغة التعبير، على مستوى شيِّق، ومؤثر، وجذاب، عالم واسع، أصبح عالمًا واسعًا، في واقع الإنسان، وحياة الإنسان.

فيبقى أيضًا الاتساع مستمرًا في ذلك، في كل جيل تأتي المزيد أيضًا من الاستخدامات، والمفردات، وأسلوب التعبير، فأصبح هذا المجال واسعًا جدًّا في حياة الإنسان، ومن المجالات ذات الجاذبية، وذات الأهمية، في واقع الناس.

 ارتباط البيان (نطقًا وكتابةً) بشؤون الإنسان، واتساع وكثرة الاستعمال، وارتباطه ببقية الأعمال، بما هو أكثر من بقية الجوارح، الإنسان في استخدامه لجوارحه، وأعضائه، وقدراته التي منحه الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فعلى مستوى الجوارح، أكثر ما يستخدم، يستخدم لسانه، أكثر شيء استخدامًا عند الإنسان هو اللسان:

  • له علاقة ببقية المجالات؛ لأنه ترجمان، يعبِّر عمَّا في نفس الإنسان، عمَّا في مكنون صدره.
  • وله أيضًا علاقة ببقية الأعمال، صلة مع بقية الأعمال، هو حاضر مع بقية الجوارح في بقية الأعمال.
  • وله موارد في الاستخدام تخصه.

فلذلك هو الأكثر استخدامًا في جوارح الإنسان، وعملية ميسَّرة للإنسان، ليست عملية صعبة، النطق، عملية النطق عملية ميسرة للإنسان، فلذلك يحتاج إليها بكثرة، ويستخدمها بكثرة، فهي في نفس الوقت عملية ميسرة.

ثم دور هذه النعمة في الحياة دورٌ كبير، ومؤثر، (في الخير، أو في الشر)، والنتائج المترتبة على ذلك كثيرة، فهذه الوسيلة هي من أبرز الوسائل المؤثرة، التي ينتج عنها نتائج مهمة (إمَّا في الخير، وإمَّا في الشر).

ولذلك بهذه الأهمية الكبيرة لهذه النعمة، لكثرة استخدامها، لما يترتب عليها من نتائج في واقع الحياة، فهناك رقابةٌ كبيرةٌ على الإنسان، في طريقة استخدامه لهذه النعمة، ومسؤولية تجاه ذلك، يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَـمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ(16) إِذْ يَتَلَقَّى الْـمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ(17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: 16-18]، الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" خلق الإنسان، ويعلم ما توسوس به نفس الإنسان، ولذلك حينما يجعل رقابةً علينا، ليس ليطلَّع على ما نقول، هو يعلم حتى بما نوسوس، بما هو في ذات صدورنا، فما بالك بما ننطق، هو يعلم بما نسر وما نعلن، ولا يخفى على الله شيءٌ من أعمال الناس، ولَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، ولكن هذه الرقابة:

  • أولًا: لتكون حافزًا لنا على أن نتعامل بمسؤولية تجاه هذه النعمة، وفي بقية شؤوننا، وطريقة أعمالنا.
  • وأيضًا لتكون حجةً علينا يوم القيامة، من خلال عملية التوثيق الدقيق، لكل ما قلناه، في (الخير، أو في الشر)، مما يدخل في حيِّز الحساب والجزاء.

مَلَكان مخصصان لتوثيق أعمال الإنسان، وفي مقدمة ذلك ما يقوله، {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: الآية18]، حاضر، متنبِّه، جاهز للكتابة، جاهز للتوثيق لما يقوله، لا يفوت أي عبارة، أي مفردة، كل شيء سيتم توثيقه، وهو بحسبه: إن خيرًا فخيرٌ، في آثاره، في نتائجه على الإنسان، وإن شرًا فشر.

وأتت التعليمات في القرآن الكريم، في مثل هذه الآية وغيرها، وعن رسول الله "صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ"، التي تبيِّن أهمية أن نستشعر المسؤولية تجاه ما نقول، وأن نعي جيدًا أننا محاسبون، وأنه لابدَّ من الحساب والجزاء على ذلك، وفي الحديث النبوي المشهور، يقول رسول الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ" فيما رُوي عنه: ((رحم الله عبدًا تَكَلَّمَ فَغَنِمْ، أو سكت فسَلِمْ، إنَّ اللسانَ أملَكُ شيءٍ للإنسان، ألا وإنَّ كلام العبدِ كلَّه عليه، إلَّا ذِكرًا لله، أو أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكَر، أو إصلاحًا بين مؤمنِين))، وهنا تعجّب البعض، أن هناك جزاء على الكلام، وأن هناك حسابًا على الكلام، فقام إليه معاذ بن جبل، فقال: (يا رسول، أنؤاخذ بما نتكلم به؟)، فقال: ((وهل يَكُبّ الناسَ على مناخرهم في النار، إلا حصائدُ ألسنتهم، فمن أراد السلامة، فليحفظ ما جرى به لسانه، وليحرس ما انطوى عليه جَنانه، وليُحسِن عمله، وليُقَصِّر أمله)).

نلحظ في هذا الحديث النبوي: التأكيد على أهمية الكلام، وأن يدرك الإنسان أنه مسؤول تجاه ما يتكلم به، ومُجازى، فإذا تكلم، فليحرص على أن يكون كلامًا مفيدًا، يكسب به الأجر، يكسب به الثواب، ينتفع به، أو على الأقل أن يكون سليمًا من الإثم، إذا لم يكن في إطار أن تكسب به الأجر، أن تكسب به الخير، أن تكسب به رضوان الله، فلتحرص- في أقل الأحوال- أن يكون سليمًا، مما فيه إثم، مما يُحمِّلك الوزر، مما تكسب به الذنب، ولهذا يقول: ((رحم الله عبدًا تكلَّم فغَنِمْ))، عندما تتكلم بما هو خير، بما هو مفيد، ما ليس فيه إثم، وتكسب به الأجر، ((أو سكت فسَلِم))، لا داعي لكثرة الكلام، إذا كان الكلام سيحمِّلُك وزرًا، أو ذنبًا، أو إثمًا، فأنت غنيٌ عن ذلك، لا تحمِّل نفسك الإثم والوزر؛ بهدف أنك تريد أن تكثر من الكلام، وأن تتكلم في كل الأمور، وأن تكون فضوليًا في كل شيء، تتحدث عن كل شيء، حتى تحمِّل نفسك الإثم.

 ((إن اللسانَ أملَكُ شيءٍ للإنسان))، وفعلًا، كثرة استخدامه، ودوره في الحياة- فيما يتكلم به الإنسان، وله علاقةٌ بالحياة- واسعٌ جدًّا وكبيٌر جدًّا، ثم يقول: ((ألا وإنَّ كلامَ العبد كلَّه عليه، إلا ذكرًا لله))، ذِكر لله، من موارد استخدام اللسان بشكلٍ يفيدك، تتكلم فتغنم، فتكسب، عندما يكون الذكر لله باللسان، وبالقلب، وبالنفس، ((أو أمرًا بالمعروف، أو نهيًا عن منكر، أو إصلاحًا بين مؤمنِين))، كل هذه مجالاتٌ للسان فيها دور أساسي ومهم، والكلام فيها مهم، وعليه الأجر، وتكسب به رضوان الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

 معاذ بن جبل، حينما استغرب أن هناك محاسبة على الكلام، وسأل رسول الله: (أنؤاخذ بما نتكلم به؟)؛ لأنه يدرك أن الناس يكثرون من الكلام، فإذا كان هناك حساب وجزاء على الكلام، فالموضوع خطير، فقال: ((وهل يَكُبُّ الناسَ على مناخرهم في النار، إلا حصائدُ ألسنتهم))؛ لأن الذنوب الكثيرة التي ترتبط باللسان كثيرة وخطيرة، ((فمن أراد السلامة، فليحفظ ما جرى به لسانه، وليحرس ما انطوى عليه جَنانه، وليُحسِن عمله، وليُقَصِّر أمله)).

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم-

سلسلة المحاضرات الرمضانية

ألقاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

المحاضرة الحادية والعشرون للعام 1444

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر