الذي تقوم به أمريكا وإسرائيل، من عدوان واستهداف لأُمَّتنا الإسلامية، في البلاد العربية وغيرها، سواءً بالحرب الصُلبة، أو الحرب الناعمة، كل ذلك ليس مجرد ردود أفعال، ولا حوادث وقتيَّة عابرة، في إطار مسمَّياتها وعناوينها، التي تُقَدَّم كغطاء لها، وكأسلوب خداع لهذه الأُمَّة، هي عناوين تبريرية مخادعة، ولكنَّ المسألة لهدف أكبر، بل هو في إطار استهداف شامل، وهجمة مستمرة، تهدف- في نهاية المطاف- إلى استكمال تنفيذ المخطط الصهيوني، اليهودي التدميري ضد أُمَّتنا الإسلامية، وعلى مراحل، كل مرحلة تُمَهِّد لما بعدها، وفي خطين واتجاهين متوازيين، كما قلنا:
- هجمة عسكرية صُلبة، تدميرية، قاتلة.
- وهجمة بالحرب الناعمة المُضِلَّة، المفسدة، التي هي أيضاً وسيلة من وسائل السيطرة، ومن وسائل احتواء ردة الفعل، وأساليب تقييد الأُمَّة وتكبيلها عن أي تَحَرُّكٍ مُضادٍ واعٍ.
الأعداء (اليهود الصهاينة)، وأذرعهم في أخطبوط الشر، المتمثل بـ (أمريكا، وإسرائيل، وبريطانيا، وقوى الغرب المتصهينة معهم)، يدركون ما تمتلكه أُمَّتنا الإسلامية من عوامل القوَّة، وعناصر القوَّة المعنوية والمادية، ومن المقومات الكبرى، التي تُؤَهِّلها لحماية نفسها، وتمنحها المَنَعَة في مواجهة أعدائها، وكل المؤامرات التي تستهدفها، بل وأكثر من ذلك، تؤهِّلها ليس فقط لحماية نفسها من شرِّهم، وإجرامهم، وخطرهم، وأطماعهم، وطغيانهم، وظلمهم، بل تؤهِّلها لتؤدِّي دورها في إطار مسؤوليتها الرسالة المقدَّسة: أن تكون هي الأُمَّة التي تحمل إرث الأنبياء والرسل، والرسالة الإلهية، تتحرك بالقرآن الكريم، لتكون هي أُمَّة الخير، تنشر الخير في هذا العالم، وتواجه شرَّهم وإجرامهم، والأُمَّة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتتصدَّى لفسادهم وضلالهم وشرِّهم.
كما أنهم كيهود يتحركون، ومن معهم، ومن يواليهم، بدورٍ عالميٍ في الإفساد والإضلال؛ بهدف السيطرة على الشعوب، واستعبادها، واستغلالها، ونهب ثرواتها وظلمها؛ فإن مسؤولية أُمَّتنا الإسلامية، في رسالتها العالمية: أن تقوم هي بدورٍ عالميٍ في الدعوة إلى الخير، والسعي لإقامة القسط، وحماية المستضعفين، وإرساء دعائم الحق في كل المعمورة، بالتحرُّك وفق هدى الله تعالى ومنهجه العظيم (القرآن الكريم)، وبالاقتداء برسول الله محمد "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وبالأخيار والصالحين من هذه الأُمَّة، الذين اقتفوا أثره؛ لتجسيد هذه المسؤولية التي بيَّنها الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:110]، وتستفيد من المقومات المادية، في الجغرافيا والموقع، والثروات، والإمكانات المتنوعة، وتحظى بالنصر من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، الذي وعدها بالنصر، إن نهضت بمسؤوليتها هذه، وبالتمكين، وعدها بذلك في آيات كثيرة في القرآن الكريم، منها حتى ما يتعلَّق بالمواجهة مع نفس هؤلاء الأعداء، الذين يُجَسِّدون هم قوى الشرّ والإجرام والطغيان، والامتداد للشيطان، هم أولياء الشيطان، يتحركون في ما هو امتداد للشيطان، من إضلال، من فساد، من ظلم... وغير ذلك.
الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قال في القرآن الكريم، في وعده لهذه الأُمَّة، إن نهضت بهذه المسؤولية، وقامت بهذا الدور: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا}[آل عمران 111-112]، يعني: في كل زمان ومكان، {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ}[آل عمران:112]، يُبَيِّن في هذه الآية المباركة أنه ضرب عليهم الذلة والمسكنة في كل زمانٍ ومكان؛ ولـذلك فهم يعتمدون فقط إمَّا على التسليط الإلهي، في مقابل ما هناك من خلل في واقع الأُمَّة؛ وإمَّا أيضاً بالاعتماد على حبلٍ من الناس، وهذا يشمل ما يؤديه معهم الغرب من دور، وفي العالم الإسلامي كذلك، حَبْلٌ من الناس، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}[آل عمران:112].
ولـذلك فهجمة الأعداء على أُمَّتنا الإسلامية هي هجمة تستهدفها في دورها، وفي رسالتها، وفي هُوِيَّتها، وكذلك تستهدفها في ثرواتها وموقعها، بالأطماع، والأطماع الكبيرة، الشهية الأمريكية الإسرائيلية مفتوحة بجشعٍ كبيرٍ جداً، في أوطان شعوبنا، في ثروات شعوبنا، في الموقع الجغرافي لأُمَّتنا، بكل ما له من مميزات، وبكل ما فيه من ثروات، وبحقدٍ شديدٍ في نفس الوقت، ليس فقط سعي لتحقيق الأهداف، دون حمل الضغينة، والبغض، والكره، والعداء الشديد، والحقد الشديد، تجاه هذه الأُمَّة؛ وإنما مع ذلك، وعلى نحوٍ رهيبٍ جداً، بعداءٍ كبير، بيَّنه الله في القرآن الكريم: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[المائدة:82]، {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}[آل عمران:118]، حالة من الحقد الشديد جداً، {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}[آل عمران:119].
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين وحول آخر التطورات والمستجدات
الخميس 3 ذو القعدة 1446هـ 1 مايو 2025م