وكذلك الانتهاك لحرمة القرآن الكريم، فبذلوا جهدًا كبيرًا على إبعاد الأمة عن الاتِّباع للقرآن، في العلاقة بالقرآن، وحرصوا على أن تكون طبيعة العلاقة بالقرآن الكريم في مستوى التلاوة؛ في أكبر الأحوال، وفي أعظم الأحوال، وعند الضرورة، على مستوى التلاوة لآياته، والقراءة لآياته، وعملوا على إبعاد مسألة الاتِّباع، والتمسك العملي من ذهنية الأمة إلى حدٍّ كبير، وبقيت التأثيرات لذلك ممتدة في أوساط الأمة جيلًا بعد جيل.
عملوا على تحريف المعاني والمفاهيم القرآنية، وذلك أيضًا عبر علماء السوء الذين اعتمدوا عليهم لفعل ذلك، وهم بذلك ارتكبوا جنايةً فظيعةً على الأمة، وحرموها من الاستفادة من كتاب اللّٰه الذي هو النور، الذي هو منبع الهداية للأمة. ووصل ما فعلوه في ذلك إلى درجة أن يقوم أحد ملوكهم؛ وهو في موقع السلطة في موقع القيادة في موقع التحكم بالأمة، يقوم بالاعتداء على المصحف الشريف، ورميه بالسهام، وتمزيقه، وهو الملك الأموي (الوليد)، وقال شعره المعروف في كتب التاريخ، وهو يخاطب القرآن الكريم، وكان استفتح في المصحف فطلع في تلك الصفحة التي استفتح فيها قول الله "تبارك وتعالى" وهو يتوعد الجبابرة: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ(15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ(16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ}[إبراهيم: 15-17]، فغضب عند ذلك غضبًا شديدًا، وجعل المصحف غرضًا للسهام، وقام برميه بالسهام ومزَّقه، ثم قال شعره المعروف في كتب التاريخ:
أَتُوعِــــــــــــــــــــدُنِي بِجَبَّـــــــــــــــــــارٍ عَنِيدِ فَهَــــــــــــــــــا أنَا ذَاكَ جَبَّارٌ عَنِيدُ
إذَا مَا جِئْتَ رَبَّكَ يَومَ حَشرٍ فَقُل يَا رَبِّ مَزَّقَنِي الوَلِيدُ
إلى هذا المستوى من الإساءة إلى مقدسٍ من أعظم مقدسات المسلمين، وهو كتاب اللّٰه القرآن الكريم، فيتجاسر عليه، ويمزقه، ويستهدفه بالسهام.
انتهكوا حرمة الكعبة المشرفة في حربين متتاليين، وكانوا يتعمدون الكعبة نفسها بالرمي بالمنجنيق لإحراقها، وكذلك لتهديمها، بدون أي مبرر، وليس هناك ما يمكن أن يقبل كمبرر لهدم الكعبة واستهدافها، مع قدسيتها، وأهميتها، وشرفها، ومكانتها العظيمة في نفوس المسلمين؛ إلا أنهم تجاسروا على فعل ذلك.
وكذلك الاستباحة لمكة المكرمة، واستباحتها بالاقتحام العسكري، وقتل الناس فيها، حتى في المسجد الحرام، وفي محيط المسجد الحرام، وكذلك الاستباحة للمدينة المنورة، والقتل الذريع للناس فيها، والاستباحة لمسجد رسول اللّٰه "صَلَوَاتُ اللّٰهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ"، والقتل للناس فيه، والقتل لهم حتى على قبر رسول الله "صَلَوَاتُ اللّٰهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ"، فلم يرعوا أي حرمةٍ لتلك المقدسات.
استباحوا الأمة بالقتل للصالحين فيها، من أخيارها، وعلمائها الربانيين، ومن عرفوه فيها من أهل الصلاح، من أهل الحق، من أهل الثبات على الحق والتمسك بالحق، فكان عندهم دائمًا مُهدَر الدم، من هو معروف بالخير بالصلاح، لأنه لا يقف معهم، لا ينسجم معهم، هو مستهدف من جانبهم، فقتلوا الآلاف من الصالحين، قتلوا مئات الآلاف من أبناء الأمة، قتلوا حتى من عامة الناس، كانوا يقتلون لأبسط وأتفه الأسباب، وأحيانًا بدون سبب، يقتلون الأعداد الكبيرة من المسلمين، بجرائم الإعدام بدمٍ بارد، قتلوا أعدادًا كبيرةً جدًّا من المسلمين، مئات الآلاف من المسلمين، من غير من قُتِلوا في حروب، حتى في غير الحروب، من كانوا يخرجونهم من السجون أو يعتدون عليهم ويأخذونهم من منازلهم ويذهبون بهم إلى الإعدام، أعداد كبيرة، وأعداد هائلة، وبشكل مروِّع ووحشي.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد 1445هـ