مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

محمد نبيل اليوسفي
اليمن في مواجهة التحالف الصهيو-أمريكي الجديد، والتاريخ يشهد أن محاولات الهيمنة أمام الأحرار مصيرُها الفشل مهما طال الزمن.

في خضم التطورات المصيرية التي شهدتها المنطقة بعد تحقيق المقاومة الفلسطينية انتصارا تاريخيًّا أجبر الكيان المحتلّ على القبول بشروطها لفك الحصار والانسحاب من غزة، برزت في المشهد الإقليمي والدولي معطيات جديدة تُشير إلى تحولات "جيوسياسية" عميقة تتجه نحو تعدد الأقطاب.

وقد أدركت القيادة الصهيو-أمريكية أن هذه التحولات حتمية ومصيرية؛ مما دفعها إلى السعي لتشكيل تحالفات إقليمية جديدة تتمحور حول دول مثل السعوديّة والإمارات وأدواتهما المحلية في جنوب اليمن.

لم تكن هذه التحالفات المحلية والإقليمية الأولى من نوعها التي تتحَرّك تحت الغطاء الأمريكي والإسرائيلي، فقد سبق لها أن خاضت تجربة مماثلة خلال عشر سنوات من الحرب والحصار البري والجوي والبحري على اليمن، في محاولة لاحتلال هذا البلد الاستراتيجي الذي يمثل قلب الأُمَّــة من حَيثُ الجغرافيا والديمغرافيا والحضارة والدين والأصالة.

إلا أن النتيجة كانت الفشل الذريع والهزيمة الدائمة التي ستدوم باستمرار.

جاءت التحَرّكات المحلية والإقليمية المشتركة الحالية بقيادة العدوين الأمريكي والإسرائيلي بعد أن شاهدوا عن قرب المشاهد التي كبّدت أدواتهم خسائر عسكرية واقتصادية وسياسية فادحة.

هذه الخسائر كانت كافية لتعريفهم بالقيمة والأصالة والحنكة السياسية والعسكرية التي يتمتع بها اليمنيون -شعبًا وحكومة- وإصرارهم على الثبات في الموقف والدفع بالباطل، سواء أتى من خونة الداخل أم الخارج، وهو ما وثّقته وسائل الإعلام العالمية بصورة لا تقبل الجدل.

بعد أن أدرك العدوّ الأمريكي والإسرائيلي أن مواجهة اليمن حتمية ومصيرية؛ باعتبَاره حافظ ماء وجه هذه الأُمَّــة، عاد لتصويب بوصلة عدائه نحو خصمه الحقيقي بجولة جديدة تختلف في أساليبها عن سابقاتها.

ورغم أن التحالف يتبع سيناريو مسبقًا، إلا أن الخطة تختلف هذه المرة؛ مما يتطلب منا كشعب وحكومة اليقظة والحذر الدائمين.

تهدف الخطة الصهيو-أمريكية الجديدة أولًا إلى عزل اليمن دوليًّا، ثم تحريك مرتزِقة الداخل في العديد من الجبهات، وأبرزها جبهة الساحل، مع العمل على تعميق الانقسامات المذهبية والمناطقية؛ بهَدفِ تفكيك الساحة الداخلية.

كما يتم تشغيل ديناميكية التحالف وأدواته المعادية عبر منصات التواصل الاجتماعي للترويج لسرديات طائفية بحتة، ونسب الادِّعاءات والأكاذيب إلى حكومة صنعاء، مقابل تصدير صورة ما يسمى بـ"الشرعية" كقوة مدافعة عن الأصالة السنية، في محاولة لتشجيع خطاب معادٍ للثقافة الإسلامية القرآنية.

عسكريًّا، هناك تحشُّدات لقوات موالية بدعم لوجستي مكثّـف تتجه نحو الجبهتين الشرقية والجنوبية وعلى امتداد الساحل الغربي.

كما تشهد الحدود تحَرّكات سعوديّة بغطاء أمريكي لنشر القوات والتكثيف الاستخباراتي والتدريبي المُستمرّ، وهي تحَرّكات تشمل استعدادات، كما يدّعون، لهجمات محتملة باتّجاه العاصمة صنعاء.

زعمت تقارير استخباراتية غربية أن الضربات الصهيونية الأخيرة التي استهدفت الشعب اليمني المساند لغزة قد أضعفت جزءًا كَبيرًا من القدرات الإنتاجية للصواريخ والطائرات المسيرة.

وتمثل هذه الضربات تمهيدًا بيئيًّا لتجهيز وتنفيذ عمليات عسكرية برية محتملة، خَاصَّة باتّجاه الساحل الغربي، في إطار استراتيجية متكاملة لاستنزاف القوة اليمنية.

يترافق ذلك مع تحَرّكات ومبادرات كبيرة مع مراكز البحوث العربية والأجنبية والمؤسّسات العاملة في الشأن اليمني، في محاولة متكرّرة لسد الفجوات المعلوماتية التي أعاقت التحليل والفهم الدقيق للأوضاع في الداخل اليمني.

ولم تقتصر هذه الجهود المشتركة على إنتاج دراسات متعمقة فحسب، بل شملت أَيْـضًا تحديث قواعد البيانات واختراع منتجات تحليلية جديدة تخدم الأجندة المعادية.

يعمل الذباب الإلكتروني بشكل ممنهج على زرع الشكوك وخلق الاضطرابات في الجبهة الداخلية، من خلال تحويل المشاكل البسيطة والقضايا الثانوية إلى نزاعات كبرى تخلق العداء والتفرقة بين مكونات المجتمع اليمني.

كما يسعون لتشويه صورة الإدارة العامة لحكومة صنعاء وتصويرها كمصدر رئيسي لمعاناة المواطن؛ بهَدفِ تعزيز حالة من التخلي الشعبي في اللحظات المصيرية للمواجهة.

تتطلب هذه المرحلة تعبئة إعلامية شاملة وتصديًا كَبيرًا ضد هذه الحملات الاستراتيجية الممنهجة، التي تهدف إلى اختراق الوعي الجمعي وتحويل الواقع إلى ساحة مفتوحة مهيأة لأية استباحة صهيونية.

فالمعركة الحقيقية اليوم هي معركة الوعي والإدراك قبل أن تكون معركة عسكرية أَو اقتصادية.

إن الصراع الحتمي مع أعتى قوى الاستكبار وأدواتهم في المنطقة اليوم هو صراع وجودي حقيقي، يتجاوز كُـلّ منظومات الخداع الإعلامي والاكتساح العسكري والحصار الاقتصادي الذي يسعى الأعداء لرسمه كمخطّطات استباقية، واهمين بأنها ستحقّق لهم ما يريدون.

فالتاريخ يشهد أن محاولات الهيمنة مصيرها الفشل مهما طال الزمن.

إن المرحلة الحالية، التي تُركّز على نزع السلاح واحتلال الأرض والمقدسات، هي المرحلة الأكثر خطورة في تاريخ الصراع.

ولا يمكن أن يسمح بهذا إلا أُولئك الذين هيّأوا أنفسهم للعمل لصالح الهيمنة والتبعية الأمريكية والإسرائيلية، متناسين أن العاقبة النهائية ستكون الخسارة الأبدية مهما تكاثرت معهم قوى التردّد والتخاذل من داخل الأُمَّــة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر