مثلاً: في مقدِّمة تلك الالتزامات الواضحة في هذا السياق، وفي هذا المسار الذي تحرَّكوا فيه:
- أولها: القبول بتصفية وإنهاء القضية الفلسطينية، والتفريط بها:
وهذه قضية أساسية، وتجلَّت- فعلاً- في مواقف بعض الأنظمة العربية على مدى عامين، وصل الحال إلى أنهم لم يقطعوا حتَّى العلاقة الدبلوماسية مع العدو الإسرائيلي، مع أنَّ هناك أنظمة غير إسلامية، بدافع الضمير الإنساني، قطعت علاقتها الدبلوماسية مع العدو الإسرائيلي؛ تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وأيضاً من باب الجانب الأخلاقي، والضمير الإنساني.
من المعيب تستمر دولة تحترم نفسها، وتعتبر نفسها ذات قيم، ذات مبادئ، حتَّى إنسانية، حتَّى بالمستوى الإنساني، ثم تقبل بعلاقة مع كيان مجرم، مغتصب، عصابات دموية، إجرامية، ظالمة، بمثل ما هو العدو الإسرائيلي في مستوى إجرامه، ووحشيته، وطغيانه.
فكان في مقدِّمة ما يعملون له، وهو الهدف الأساس، ومعه أيضاً التوسُّع على مستوى المنطقة، هو: القبول بتصفية وإنهاء القضية الفلسطينية والتفريط بها، وهذا يعني كارثة كبيرة في واقع الأُمَّة؛ لأنه يعني التفريط بقضية لها أولاً: اعتبارها الديني، قضية مقدَّسة، قضية ذات جذور دينية، قضية مرتبطة بالدين، المسجد الأقصى، المقدَّسات في فلسطين، وحتَّى فيما يتعلَّق بالشعب الفلسطيني، حتَّى فيما يتعلَّق بفلسطين كجغرافيا من بلاد الإسلام، هناك التزامات إنسانية، التزامات دينية وأخلاقية، التزامات حتَّى بمعيار المصالح القومية لهذه الأُمَّة تتعلَّق بفلسطين، تتعلق بهذه القضية.
فلذلك القبول بالتفريط بها، والتصفية لها لصالح العدو الإسرائيلي، معناه: ظلم كبير جــدًّا للشعب الفلسطيني، لشعب كامل من هذه الأُمَّة، منتهى الظلم، مصادرة حقوقه بالكامل، معناه: التفريط بالمقدَّسات في موقعها المهم من الدين، من الدين الإسلامي، من دين هذه الأُمَّة، من كرامة هذه الأُمَّة، من شرف هذه الأُمَّة، من عِزَّة هذه الأُمَّة، ومعناه أيضاً التفريط بالالتزامات هذه، الَّتي هي التزامات إيمانية، إنسانية، أخلاقية، قيمية، وكل هذا لمصلحة مَنْ؟ لمصلحة عدوٍ مجرمٍ، سيءٍ، ظالمٍ، هو المستفيد من ذلك، والأُمَّة هي الخاسرة في مقابل ذلك، فكانت صفقة خسران لكل الأنظمة العربية، في منتهى الخسران، خسران للدين، وخسران بكل الاعتبارات: خسران للكرامة، للاستقلال، للحُرِّيَّة، للشرف، للضمير... خسران لكل شيء، بكل المعايير هي خسارة رهيبة جــدًّا.
كان من ضمن تلك الالتزامات، وبدأ التحرك فيها على الفور من جهة الأنظمة الَّتي دخلت في ذلك المسار:
- تغيير المناهج الدراسية الرسمية العربية، بما يضمن تربية الجيل الناشئ، والشباب والشابات من أبناء هذه الأُمَّة، على الولاء للعدو الإسرائيلي، والتعظيم له، والقبول بسيطرته:
وهذه كارثة كبرى، وكان هذا- ولا يزال- من أكبر وأخطر وأسوأ المسارات الَّتي يعمل عليها الأمريكي والإسرائيلي معاً، وبدعمٍ غربي، لفرضها على بلداننا، على شعوبنا، من خلال الجهات الرسمية والأنظمة والحكومات؛ لأن هذا استهداف للهوية، للثقافة، للفكر، احتلال للعقول، احتلال للقلوب، احتلال في تغيير الولاءات، واحتلال حتَّى في توجيه العداوات في اتِّجاهٍ آخر، يخدم العدو الإسرائيلي والأمريكي.
وهناك أعمال غريبة جــدًّا حدثت في هذا المسار، تحاول- فعلاً- تقديم العدو الإسرائيلي بصورة تُحبِّبه حتَّى إلى الجيل، حتَّى في المناهج الابتدائية، حصل في بعض البلدان العربية أنَّه حتَّى في المناهج الابتدائية، يعني: يربُّون الطفل حتَّى من مرحلة الطفولة على النظرة الإيجابية للعدو الإسرائيلي، على التعظيم لليهود الصهاينة، على نظرة الانبهار بهم، التعظيم لهم، التهيئة النفسية والذهنية والفكرية والثقافية للقبول بسيطرتهم، وحتَّى التعظيم لهم، وحتَّى التعظيم لهم، وهذا مسار يعملون عليه.
- ومعه أيضاً مسار الخطاب الديني:
تقديم حتَّى ما هو محسوبٌ على الدين، وصلت المسألة- في هذا السياق نفسه- إلى إزاحة آيات من كتاب الله من المناهج الدراسية، يزيحونها، آية قرآنية في المنهج الدراسي يزيحونها؛ لأن وجودها في المنهج الدراسي لا يرضي اليهود، يسيء لليهود الصهاينة، الذين لا يقبلون بذلك، يطلبون إزاحتها فتزاح، أن يصل الحال إلى أن يسقط احترام القرآن الكريم أقدس المقدَّسات لدى المسلمين، هذا يكشف مدى فعلاً التهور، والخيانة العظمى، والاتِّجاه المنحرف للغاية في ذلك المسار؛ لأنه حتَّى على حساب القرآن الكريم، وفي بعض الحالات: محاولة التحريف لمفاهيم ومعاني الآيات القرآنية تحت هذا العنوان، وهكذا عملوا فيما يتعلَّق بالخطاب الديني في المساجد.
- عملوا فيما يتعلَّق بالإعلام:
أن يتغيَّر اتِّجاه الإعلام إلى اتِّجاه يُحَبِّب العدو الإسرائيلي لهذه الشعوب، يقدِّمه كصاحب حق في أن يكون موجوداً في إطار احتلاله لفلسطين، وأن تقبل به هذه الشعوب، وأن تدخل معه في علاقات على كل المستويات، وأن تنظر لاحتلاله وسيطرته على فلسطين كحالة طبيعية...وإلخ.
وفي المقابل، هجمة إعلامية مكثَّفة في الإساءة المستمرة للشعب الفلسطيني، وهذا شاهدناه وسمعناه، في وسائل إعلام لأنظمة عربية اتَّجهت هذا الاتِّجاه، كانت لا تنفك عن هجماتها المسيئة جــدًّا إلى الشعب الفلسطيني، وإلى مجاهديه، إلى فصائله الحُرَّة والمجاهدة، المتمسِّكة بحقوق الشعب الفلسطيني.
وحدثت- في هذا السياق أيضاً- زيارات، فتح للمجال السياحي، فتح للأجواء... أشياء كثيرة حصلت في إطار هذا السياق.
- كذلك اتَّجهوا- وكان مساراً ولا يزال مساراً خطيراً جــدًّا فيما يتعلَّق بالاقتصاد- إلى ربط الاقتصاد العربي بالعدو الإسرائيلي؛ ليتمحور حوله، وليكون هو المسيطر والمتحكِّم في الاقتصاد في المنطقة بشكلٍ عام:
وبدأت الهندسة لذلك؛ إنما عندما أتت عملية طوفان الأقصى أخَّرت كل ذلك المسار.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
أخر التطورات والمستجدات الأسبوعية
الخميس 17 ربيع الآخر 1447هـ 9 أكتوبر 2025م