الدعاء أيضاً يعبِّر عن اهتمامات الإنسان، فالبعض من الناس مثلاً كل أدعيتهم، أو معظم أدعيتهم تتوجه نحو مطالب هذه الحياة، رغباتهم في هذه الحياة، لا تركز على الجوانب الإيمانية والدينية، ولا على مستقبلهم في الآخرة، فأكثر ما يطلبونه مثلاً: يطلبون الرزق، يطلبون ما يبتغونه من مطالب في هذه الحياة، وينسون ما عدا ذلك، ولذلك يقول الله “سبحانه وتعالى”: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة: 200-201]، فتتجه اهتمامات البعض كلها نحو هذه الدنيا، {مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا}، يطلب الرزق، يطلب الصحة، يطلب العافية، يطلب دفع الشر، دفع الضر، مطالب كلها دنيوية، ويقتصر على ذلك؛ لأن كل اهتماماته تتجه فقط إلى ذلك، هذه حالة خطيرة، {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}، ليس له أي نصيب في الآخرة، هو في الأساس لم يتجه في اهتماماته العملية، ولا النفسية، ولا في حتى دعائه، إلى مسألة الآخرة، كل ما يطلبه هو فقط من أمور هذه الحياة، ومتطلبات هذه الحياة فقط.
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً}، فهو يتجه إلى الله “سبحانه وتعالى” من واقع رؤيةٍ صحيحة، الاحتياج إلى الله “سبحانه وتعالى” في شؤون هذه الدنيا في حدود ما هو حسن، ما فيه الخير لنا في ديننا ودنيانا، {آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، أولئك قال عنهم: {مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا}، ما عاد بش حسنة، آتنا في الدنيا وبس، هؤلاء {آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً }، ما يحسن به حالنا، ما تستقيم به أمورنا، ما لا يؤثر على ديننا، ما نرتفق به في شؤون حياتنا، تحت سقف: {حَسَنَةً}، {وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، مع طلب الوقاية من عذاب الله، طلب الخير في الآخرة، {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا}[البقرة: من الآية202]؛ لأن الدعاء لا بدَّ أن يرتبط به عمل، لا بدَّ أن ينطلق من واقعٍ عملي؛ حتى يستجاب له، {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}[البقرة: الآية202].
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
المحاضرة الرمضانية الثامنة 1443