مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

هذا الاهتمام هو من تجليات ومصاديق الحديث النبوي الشريف: ((الإيمان يمان، والحكمة يمانية))؛ لأن الصلة برسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، والعلاقة به لأمته، هي صلةٌ إيمانية، وعلاقةٌ إيمانية، منطلقها وأساسها الإيمان به، وبرسالته، وبعظيم منزلته عند الله "سبحانه وتعالى"، وبمهمته المقدَّسة، ودوره العظيم، وبأنه صلةٌ للأمة بالله "سبحانه وتعالى"، وبهديه، وبنوره؛ ولـــذلك عندما اهتم شعبنا هذا الاهتمام الكبير، وتصدَّر بقية الشعوب، وبرز في عنايته بهذه المناسبة بشكلٍ كبير، فغير غريبٍ على هذا الشعب، الذي هو شعبٌ يجسِّد إيمانه برسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" بكل هذا الالتزام، والاهتمام، والجوانب العملية، والاقتداء، والتأسي، والإتِّباع، والاهتداء، كما يجسِّد ذلك بهذا التعظيم والتوقير لرسول الله "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله".

غير غريبٍ على أحفاد الأنصار، الذين نصروا رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، وآووا رسول الله، والمهاجرين معه في صدر الإسلام، وحملوا راية الإسلام، وجاهدوا مع رسول الله "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله"، فسمَّاهم الله في كتابه بالأنصار، أحفاد الأنصار هم اليوم يتحركون كأنصار، كما كان آباؤهم وأجدادهم، يحملون الراية (راية الإسلام)، يسيرون في إطار الاقتداء برسول الله "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله".

كـــذلك شاهدنا في الآونة الأخيرة، والأعوام الماضية، حضوراً جديداً، بل كذلك استعادة هذه المناسبة لحضورها في الساحة الإسلامية في عددٍ من البلدان الإسلامية، في شرق آسيا، وفي باكستان، وفي الدول العربية في لبنان، وفي الجمهورية الإسلامية في إيران، في دول المغرب العربي، في عددٍ من بلدان العالم الإسلامي، عادت هذه المناسبة بشكلٍ جيد، وعاد الاهتمام بإحيائها بشكلٍ بارز.

وهذه المناسبة كانت تحظى في الماضي باهتمامٍ كبير في العالم الإسلامي، وفي أوساط المسلمين، وكانت مناسبة ذكرى مولد النبي "صلوات الله عليه وعلى آله" يوماً مميزاً في العالم الإسلامي، في الاهتمام بها، في إحيائها بالمحاضرات الدينية، والندوات، والخطابات، ومظاهر الابتهاج والسرور، والزيارات للأرحام... وغير ذلك.

ثم في عقودٍ زمنية معينة، في الآونة والمرحلة الماضية، والآونة الأخيرة كانت قد غابت من كثيرٍ من البلدان الإسلامية؛ بفعل النشاط السلبي التكفيري، الذي يحارب المناسبات الدينية المهمة، ويصفها بالبدعة، وفي مقدِّمتها: ذكرى مولد الرسول "صلوات الله عليه وعلى آله"، بل يحارب كل مظاهر التعظيم والتوقير والتعزير لرسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، حتى مفردة (التعظيم للنبي) يعتبرونها من الشرك، من الكفر، من الخروج من الملة، مما يبنون عليه مواقفهم العدائية الشديدة لمن يحمل هذا التوجه، ويكون له هذا المنطق، في إطار دورهم التخريبي الهدَّام في الساحة الإسلامية في واقع المسلمين من الداخل، إضافةً إلى الهجمة الغربية، الهجمة الغربية المعادية للإسلام، والحرب الشيطانية الناعمة الغربية على مبادئ الإسلام، ورموز الإسلام، ونبي الإسلام، والقرآن الكريم، ومعالم الإسلام البارزة والأساسية، والحرب التكفيرية، كلاهما توأمان، وكلاهما يمثل توجهاً يتحرك نحو أهدافٍ واحدة، وإن تنوعت الوسائل والأساليب، وإن تنوعت الساحات والميادين، أولئك من خارج الأمة، وأولئك من داخل الأمة.

لكن بفضل الله "سبحانه وتعالى"، بتوفيقه، بهدايته، استعادة هذه المناسبة حضورها، بدءاً من بلدنا العزيز، الذي كان رائداً في إحياء هذه المناسبة، ثم يتنامى الاهتمام بها، والاستعادة لهذه المناسبة في قدسيتها، وفي العناية بها في بقية البلدان الإسلامية، ويتفاوت هذا الحال من بلدٍ إلى آخر.

على كل حال، هذه المناسبة العظيمة هي من المناسبات المهمة والمفيدة، والتي تحتاج إليها الأمة، وتزايدت أهميتها بالنظر إلى واقعنا كأمةٍ إسلامية، واقع يحتاج إلى الالتفاتة والعناية الكبيرة، والعمل الجاد لكل ما يساهم في إعادة انتعاش الأمة، وإحياء مبادئها العظيمة، وإحياء قيمها المهمة والأساسية، التي بها تحيا الأمة، تستعيد حضورها بين الأمم، حضورها بمبادئها، بأخلاقها، بقيمها، برسالتها، بدورها الذي أراده الله لها، هذه الأمة التي شرَّفها الله بالإسلام، وأنعم عليها برسول الإسلام، وبالقرآن الكريم، وصلت إلى ما وصلت إليه من تدنٍ، وشتاتٍ، وفرقةٍ، وضعفٍ، نتيجةً لغياب كثيرٍ من المبادئ والقيم المهمة من واقعها، أثَّر ذلك عليها تأثيراً بالغاً، ولكن عندما تعود إلى مصادر مجدها، ومصادر عزتها، ومصادر إحياء دورها الرائد بين الأمم، دورها العظيم، دورها المميز، الذي شرَّفها الله به، مسؤوليتها المقدَّسة التي حمَّلها الله إياها، فهي بشكلٍ تلقائي ستحظى برعاية الله، بمعونة الله، بتوفيق الله "سبحانه وتعالى"، وفي ذلك إنقاذٌ لها أولاً، إنقاذٌ لأمتنا، هي بحاجة إلى الإنقاذ، وإنقاذٌ للبشرية من حولها؛ لأن طريق الفلاح، والخير، والرشد، والسمو الإنساني، ومعالجة المشاكل الكبيرة المتفاقمة في الواقع البشري، لا يتأتى ولن يكون إلَّا بالعودة إلى الله "سبحانه وتعالى"، العودة الواعية، العودة إلى منهجه، إلى هديه، إلى كتبه ورسله وأنبيائه، إلى وريث رسله وأنبيائه: خاتم النبيين رسول الله محمد "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله"، وإلى كتاب الله المهيمن على كل كتبه، الذي تضمَّن هدي الله الكافي لعباده، نور الله، الذي يخرج عباده من الظلمات، وهو القرآن الكريم.

من أهم ما نعبِّر به في إحيائنا لهذه المناسبة، وفي الفعاليات التي هي تحضيرية للمناسبة الرئيسية، هو: النظرة إلى رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" كنعمةٍ عظيمةٍ من الله، فنظهر التقدير لهذه النعمة، الابتهاج بهذه النعمة، الفرح بهذه النعمة، التعظيم لهذه النعمة، وهذه مسألة مهمة جدًّا، الله "سبحانه وتعالى" ذكَّرنا في القرآن الكريم بعظمة وأهمية هذه النعمة؛ لكي تكون نظرتنا إليها على هذه الأساس، أعظم نعمة أنعم الله بها على البشرية هي نعمة الهداية، الهداية بالرسول وبالكتاب، فنعمة الهدى هي أعظم النعم على الإطلاق، أعظم من النعم المادية ومن غيرها، وهي المفتاح الذي من خلاله تحظى البشرية بالتنعم ببقية نعم الله "سبحانه وتعالى"، ويتحقق لها الخير في حياتها، تحظى بالحياة الطيِّبة، بالعزة، بالكرامة، بما أراده الله لها من الخير العظيم، والفلاح، والنجاح في الدنيا والآخرة.

والله "سبحانه وتعالى" قال في القرآن الكريم: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[آل عمران: الآية164].

هكذا يأتي هذا التعبير القرآني: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ}، هي نعمةٌ عظيمة من الله "سبحانه وتعالى"، عندما بعث رسوله خاتم أنبيائه "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله"، بهذه المهمة المقدَّسة، التي أهَّله الله لها، واصطفاه لها، وأعدَّه لها، فكان في أداء مهمته هو القدوة، هو الأسوة، هو الهادي، هو المربي، هو المعلم، فأتى ليصلنا بهدي الله، بنور الله، بتعليمات الله، بما يعلِّمنا الله به من العلم، من الحقائق، من البصائر.

{يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ}، يصلنا بنور الله، بهدي الله، بتعليمات الله، بكلمات الله "سبحانه وتعالى"، بالحق من عند الله "جلَّ شأنه"، مهمة عظيمة، مهمة مقدَّسة، البشرية بدون هذه الصلة بنور الله "سبحانه وتعالى"، تعيش في حالة جاهليةٍ جهلاء، تغرق في الظلمات، تتبنى الكثير من المفاهيم الخاطئة والظلامية، التي تعتمد عليها فتتيه من خلالها في حياتها، وتشقى في حياتها.

{إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ}، وما أحوج البشرية إلى الزكاء، ما أحوج كل إنسانٍ منا إلى أن يتزكى، وإلى ما يزكيه، وكان من المهام الرئيسية لرسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، وهو يتلو آيات الله، وهو يتحرك على أساس هدى الله "سبحانه وتعالى"، وهو يقدِّم التعليمات لكل المؤمنين، ولكل البشرية من خلفهم، وهو يتحرك بكل الوسائل فيما يقدِّمه من ارشادات وتعليمات، من أجل أن يزكي هذه النفس البشرية، التي لا يتحقق لها سموها الإنساني، وكمالها الإنساني، إلَّا بالتزكية، وإلَّا تدنست، وخسرت قيمتها الإنسانية، وهذا ما يعاني منه الناس إلى حدٍ كبير، كلما فقدوا زكاء النفوس، كلما تدنست النفوس؛ كلما ساءت التصرفات والأعمال، ويكون لذلك تأثيراته السلبية في واقع الحياة، في واقع حياة الناس.

{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، فهذه النعمة العظيمة، النعمة التي ترتقي بنا، ترتقي بنا في كمالنا الإنساني، تستعيد لنا قيمتنا الإنسانية، فنحظى بنور الله، بتعليمات الله، بتوجيهات الله "سبحانه وتعالى"، التي بها نتزكى، وبها تستقيم حياتنا، بها يتحقق لنا الرشد في فكرنا، في ثقافتنا، ويتحقق لنا الصلاح في أعمالنا، والاستقامة في سلوكنا وتصرفاتنا ومواقفنا، ونحظى من خلالها بالحكمة، لنكون أمةً حكيمة، حكيمةً في ثقافتها، في فكرها، في سلوكها، في تصرفاتها، في مواقفها، في أفعالها، في أقوالها، وما أحوجنا إلى الحكمة! فهي نعمةٌ عظيمة، نعمةٌ تتجه إلى أنفسنا، تتجه إلى واقعنا، لفلاحنا في الدنيا، ولإنقاذنا في مستقبلنا الكبير والأبدي في الآخرة، لنجاتنا من عذاب الله "سبحانه وتعالى"، ولنجاتنا من الشقاء، والخزي، والهوان، لنجاتنا من الضلال، وآثار الضلال، ونتائج الضلال في الدنيا، وعواقبه الوخيمة في الآخرة.

{وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، بدون هذه الرسالة، بدون رسول الله محمد "صلوات الله عليه وعلى آله"، كان مستقبل البشرية هو الاستمرار في ذلك الضلال المبين، والضياع، والتيه، وكانت الظلمات والأباطيل والمفاسد والرذائل ستتنامى في الواقع البشري، وتكبر، وتستمر، وتشتد؛ لأن هناك من قوى الطاغوت، والضلال، والباطل، والكفر، من ينميها، من يحميها، من يتحرك بها، من يجعل منها منهجاً وسياسةً، من ينشط لفرضها على الناس... إلى آخر ذلك.

فهذه النعمة الكبيرة علينا أن نقدِّرها، أن نعي أهميتها؛ ولـــذلك عندما قال الله "سبحانه وتعالى" في القرآن الكريم: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: الآية58]، (بِفَضْلِ اللَّهِ)، وما له من أثرٍ علينا في أنفسنا، في السمو بنا في حياتنا، في عزتنا، في كرامتنا، في فلاحنا، في نجاتنا، فيما نفوز به من رضوان الله، والمنزلة عند الله، والعاقبة الحسنة عند الله "سبحانه وتعالى"، والجنة، والسلامة من عذاب الله، (وَبِرَحْمَتِهِ)، رحمة الله في كل آثارها، في أنفسنا، في حياتنا، في واقعنا، في مستقبلنا الأبدي عند الله، هذا شيءٌ يجب أن نقدِّره، أن نعي قيمته، أن ننظر إليه كنعمةٍ عظيمة، أن نبتهج به، أن نسرَّ به، أن نستبشر به، وأن نتفاعل معه بكل رغبة، بكل إقبال، بكل سرور، من واقع الإدراك أنه نعمةٌ عظيمة، أنه شرفٌ كبير، أنه فضلٌ عظيم، أنَّ به كل الشرف، وأسمى مستوى من الشرف، هذا ما يجب أن نتحرك على أساسه.

 

 [الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاه السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة تدشين فعاليات المولد النبوي الشريف1444 هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر