مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

عبدالفتاح حيدرة 
" لا تثبت قوة الدولة مهما كان حجمها إلا بمبادرة عسكرية خارج أراضيها، ولا يسبق نفوذ وتأثير دولة ما على الإقليم الجغرافي والسياسي الذي تتواجد فيه قبل سيطرتها أو نفوذها على البحار والممرات الحيوية الهامة" ، هذه المقولة للمستشار العسكري البريطاني ليدل هارت ، في كتابه ( الطريق للانتصار في الحروب) المنشور قبل ما يزيد عن سبعين عاما ، والذي تناول في بدايته حسرة الخروج البريطاني من مدينة عدن ومضيق باب المندب ، واستعرض في مجمل محتوى الكتاب حول إمكانيات القوة العسكرية المتنامية بسرعة للولايات المتحدة آنذاك ، وخاصة بما يتعلق بورثتها لدور بريطانيا فيما يخص الهيمنة البحرية، والتي رأى أن لها مردود في ميزان القوة الدولية والنفوذ العسكري والاقتصادي والسياسي كقوة عظمى داعمة لإسرائيل.. 

إرسال امريكا قواتها واساطيلها إلى البحر الأحمر وخليج عدن ، يؤكد إن التحولات الجيوسياسية الخطيرة هذه الايام و الخاصة بالملاحة لا تعني تبدل الموقع الجغرافي للدول المطلة على مسطح مائي والمعنية بالملاحة فيه، ولكن تعني مقدرة دولة أو أكثر، بسط نفوذها عليه كجزء من تجلي تحولها لقوة إقليمية أو دولية، فبداية من اسبانيا والبرتغال في عصر الاستكشاف، مرورا ببريطانيا وفرنسا وباقي الدول الأوربية في مرحلة التوسع الاستعماري، وصولا لروسيا وامريكا إبان الحرب الباردة ومؤخرا دخول الصين وايران واسرائيل في معارك السيطرة و النفوذ على الممرات المائية والمضائق البحرية الهامة والحيوية .. 

امريكا وبريطانيا والسعودية والامارات ومعهم كيان العدو الاسرائيلي، يأكدوا كل يوم ان الحرب والعدوان والحصار على اليمن وإحتلال أراضية خلال السنوات القليلة الماضية ، هدفها الأول والأخير هو السيطرة و النفوذ على مضيق باب المندب (المخرج والمدخل الجنوبي) للبحر الأحمر، الذي بات يشكل محورا أساسيا من محاور التناقض والتقاطع بين مختلف القوى الدولية والإقليمية، والتي تسعى كل منها لتوسيع نفوذها بوسائل اقتصادية أو حتى عسكرية من خلال اقامة القواعد العسكرية على سواحل البحر الاحمر الجنوبية، اي في (اليمن) ، للإمساك بزمام النفوذ والسيطرة على خطوط النفط والاحزمة الامنية وطريق سلاسل الإمدادات الدولية ، او ما يمكن تسميته في سياق الملاحة الدولية بـ(رسم خطوط إمدادات الحياة).. 

في يناير الماضي من هذا العام كشفت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية أن أهم خط أنابيب نفط كانت تسعى اليه تل أبيب ، قد حصلت عليه من التطبيع مع الامارات ، لتكون النتيجة هو سيطرة اسرائيل على مشروع خط أنابيب إيران الشاه السري الذي يمتد من رأس كل دول الخليج إلى السواحل اليمنية مرورا بمحافظتي المهرة وحضرموت وصولا إلى خليج عدن وميناء ومصفاة عدن ، ومن هنا جاء الإتفاق الإماراتي الإسرائيلي، شاملا العديد من البنود ذات الأبعاد الأمنية والعسكرية والاقتصادية ، مع تأكيد الاستفادة الإسرائيلية من القواعد العسكرية التي بأسم الإمارات ، سواء في سواحل الخليج المحاذية لايران ، أو مخرج ومدخل البحر الاحمر في باب المندب وسواحل خليج عدن ، وصولا لأن تنشئ إسرائيل قاعدة عسكرية اسرائيلية كبرى عبر الامارات بهذا المسار في جزيرة سقطرى وجزيرة ميون اليمنيتين، وصولا للسيطرة وبسط النفوذ على مضيق باب المندب.. 

بعد اليوم سوف يظهر للعلن صراع الدول العظمى مثل امريكا والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا أو دول اقليمية مثل تركيا وإيران ، وفيما بينها جميعا هناك كيان استعماري صهيوني لقيط على التاريخ والجغرافيا ، يستخدم اموال وأدوات ودول وممالك لقيطة على التاريخ والجغرافيا ، تحث الكل للتسابق بشدة على بسط النفوذ في مخرج ومدخل البحر الأحمر الجنوبي - مضيق باب المندب -  الذي صار همزة الوصل الأساسية بثلاث قارات ، فبينما يبدو الصراع الدولي محتدما، تبدو إسرائيل في هذه الهمزة مجرد عضو حصته لا تتعدى الجزء ، جزء تشكل في محور تحالف تقوده السعودية والامارات بشكل تراكمي بدعم أميركي بريطاني ، لكن في الواقع فان هذه الحصة الصهيونية هي على حساب آخر ركائز ما يسمى بالأمن القومي العربي والإسلامي، والانقلاب الحقيقي على الأمن القومي العربي والإسلامي في البحر الأحمر جاء أخيرا من خلال اعلان اتفاقية التطبيع بين الدولة العبرية والدولة الاماراتية العربية ، اللتان إتفاقتا على بناء صلة وثيقة تمنح اسرائيل مداخل ومخارج البحر الأحمر الجنوبية في اليمن ، يبدو التطبيع مع دويلات الخليج يعطية الاولية للطابع الاقتصادي ، ولكنه يعطي اسرائيل طابعا عسكريا و أمنيا استراتيجيا.. 

في المحصلة هناك معركة سوف تحدد الحق لمن يبسط النفوذ والسيطرة على خطوط النفط والاحزمة الامنية وطريق سلاسل الإمدادات الدولية ، و كل دول العالم تعلم جيدا - كانت عظمى او غير عظمى - انه وبمجرد إغلاق البحر الأحمر من بوابته الجنوبية اليمنية ، اي من باب المندب ، سوف يتحول البحر الأحمر إلى بحيرة مغلقة تستطيع إلحاق الضرر بحوالي 12% من حجم التجارة العالمية و40% من حركة الحاويات والسفن في العالم ، وقبل معرفة دول العالم او عدم معرفتها بهذا الأمر ، فإن الحرب والحصار والاحتلال والعدوان على اليمن جعل كل مواطن يمني صغيرا او كبيرا يدرك جيدا وبوعي تام ان التطبيع الخليجي بقيادة الامارات والسعودية مع اسرائيل كان التطبيع السري او المعلن ، كان من أجل قيام إسرائيل بإنشاء قواعد اسرائيلية جنوب البحر الأحمر ، والتي من ضمنها شراء قواعد جوية في جزر حالب وفاطمة بالقرب من مضيق باب المندب، واستئجار جزيرة دهلك من إريتريا وأقامت فيها قاعدة بحرية، وإحتلال الساحل الغربي اليمني وجزيرة ميون اليمنية في عنق مضيق باب المندب وتهيأتها عسكريا وامنيا لتكون أكبر جهاز اسرائيلي يكشف الأمن القومي العربي ، وإحتلال جزيرة سقطرى لتكون أكبر قاعدة ومحطة تزود إسرائيلية لضرب وتهديد الأمن القومي الإسلامي..


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر