أم المختار مهدي
بعد أكثر من عام من المجازر الوحشية والجرائم المتتالية بشتى أنواعها، بعد أكثر عام وعزة تستنجد بمن بقي فيه ذرة من إيمان أو ضمير أو إنسانية، أكثر من عام ولم يمر يوم دون عشرات الشهداء والجرحى والدمار، جروح غائرة وقلوب مكلومة وأجساد مقطعة ومبانٍ مدمرة تشريد وحصار وتجويع، عام مر فيه من المظلومية ما لم يمر في عشرات السنوات في غير غزة من المظلومية.
وفي الصعيد الآخر في حركة المقاومة في غزة التي ثبتت رغم التضحيات الجسيمة التي قدمتها ومنها وأعظمها : القائدان المخلصان الشجاعان إسماعيل هنية ويحيى السنوار، ولكن المقاومة ازدادت صمودًا وصبرًا وثباتًا على موقفها الصحيح المحق العادل الذي أوصلها اليوم إلى النصر الكبير والمشرف، ورضوخ سادة الكفر والظلم والفساد الذين كانوا يهددون بمحو غزة من الخريطة الفلسطينية.
إنه وعد الله تعالى الذي لا يخلف الميعاد حيث قال وجلَّ وصدق من قائل :{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِـمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، ليس النصر يُقاس بميزان سياسيٍّ أو عسكري بل إيماني ديني، وما تحصده غزة اليوم من انتصار يرفع رأسها وينكس رأس العدو الإسرائيلي هو بفضل الله تعالى وبفضل الدماء الطاهرة والتضحيات العظيمة والصمود الكبير الذي لا نظير له.
طول أشهر الإبادة الجماعية على غزة لم يحرك أغلب المسلمين والأعراب ساكنًا لنصرتها، لا بكلمة ولا بمظاهرة ولا بدعم عسكري أو سياسي إنما وطدوا علاقتهم مع الكيان الغاصب ضد المظلومين المستضعفين، كانت غزة أعظم مقياس يُعرف به المؤمن من المنافق، والعدو من الصديق، ومن مازال حي الضمير ومن مات ضميره، ولا شكر إلا لله تعالى ولجنوده المخلصين من أبناء المحور المقاوم، ولأهالي غزة العظماء الذين صمدوا على أكبر مظلومية؛ جهادًا في سبيل الله، ودفاعًا عن أرضهم.
يجدر بنا التحدث عن دور اليمن البارز والقوي الذي كان له دورًا فعَّالًا في طلب العدو للهدنة من فصائل المقاومة، لقد أثبت الشعب اليمني قيادة وشعبًا موقفه المعلن والثابت مع غزة بالدم والروح والقوة وطوال أكثر من عام يخرج في مظاهرات أسبوعية تضامنية مع غزة دون كلل أو ملل رغم العدوان الأمريكي الصهيوني البريطاني عليه، كما أنه شارك في المواجهة العسكرية المباشرة مع غزة بكل ما مكنه الله من قوته إلى الساعات الأخيرة من إعلان وقف إطلاق النار رغم التهديد لهم، ولكنهم أصروا على موقفهم؛ لأنه موقف إيماني وأخلاقي وإنساني وهيهات التراجع عنه، وإن عاد العدو في طغيانه وإجرامه فإن موقف لن يتغير.
اليهود معروفين بنقضهم للمواثيق، وعدم التزامهم بالعهود لهذا يجب علينا اليقظة والحذر والتنبه وعدم الركون والركود.
في الختام النصر والغلبة لعباد الله الواثقين به، والهزيمة والخسران لليهود وأعوانهم، والعار والخزي والذلة لكل الساكتين عن الحق، الغاضين أبصارهم عن الظلم والمظلومية.