مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

كثيرا ما يتحدث البشر عن ثقة الإنسان بنفسه، وأنها أمر ضروري حتى يحقق النّجاح، وينسون أو يتناسون أن نظرة الإنسان إلى نفسه بعجب تورث الكبر والغرور، ونتيجة ذلك الهلاك دون شك، ولربّما البعض لا يعجبه هذا الطرح ومن حقّه أن نناقش ذلك معا بهدوء من خلال العديد من الأمثلة على مدار التاريخ، دون تعصّب يعمي صاحبه عن إدراك الحقيقة، ومن ذلك أنه عندما اعتمد آدم (عليه السلام) على نفسه، ونسي توجيهات الله تعالى له بالامتناع عن الأكل من الشّجرة، وطمع فيما منّاه به الشّيطان من الملك والخلود، كانت عاقبته التعب بعد الراحة، والشقاء بعد النعيم، ولولا توبته إلى الله لكان من الخاسرين.

 

وبالمقابل عندما استسلم إبراهيم (عليه السلام) لأمر الله وترك زوجته وهي حبلى

 

ـ بوادٍ غير ذي زرع ـ تكفّل الله تعالى بحفظ زوجته وابنه حتى صار الولد نبيّا عظيمًا ممن ورد الحديث عنهم في القرآن الكريم.

 

ومما يمكننا الاستفادة منه في تاريخنا الحديث أنه عندما اعتمد ادولف هتلر القائد الألماني الشّهير على نفسه ووثّق بها بعيدا عن الثّقة بالله تعالى كانت انتكاسته درسّا للطّواغيت لو كانوا يعقلون؛ فقد بنى خططه بدهاء شديد، واستطاع بناء جيش من الصعب جدا على أي محاربين الصّمود في وجهه طويلا، وبالفعل تحقّق له ما أراد واستطاع اكتساح عدة دول في أوروبا في وقت يصعب على غيره فعل ذلك، ولكنه بحكم أنّه من بني البشر أساء التقدير في آخر محطّات المعركة، بعد أن كاد أن ينتصر ليصل إلى ما تمناه من السيطرة على العالم، وبذلك انقلبت موازين الحرب، ودخل الجيش الأحمر الروسي برلين، ومما يروى ان هتلر الذي أراد ان يحكم العالم انتحر بطلقة من مسدسه الشخصي.

 

ومن قبل ذلك سخر فرعون من موسى (عليه السلام)، وأذاق قوم موسى أنواع التعذيب والهوان، بعد أن أوحى الله إلى موسى (عليه السلام) فجاءه منذرا له ومحذّرا عساه يؤمن بالله تعالى فاستكبر فرعون، بل وقام بملاحقة موسى وقومه بعد ان رأى من الآيات ما يجعله يؤمن بالله، إلا أن نظرته إلى نفسه بأنه عظيم، وأنه لا حدود لقدراته وإمكانياته، منعته من أن يستجيب؛ فكانت العاقبة أن أهلكه الله تعالى غرقا، في لحظة لم يكن يتوقّع فيها أن يهلك.

 

وعلى الجانب الآخر يأتي موسى (عليه السلام) الذي وقف يتأمّل!، فرعون وجنوده يكادون أن يلحقوا به وبقومه، وقومه في حالة من الذّعر والهلع وهم يرددون: إنّا لمدركون، وفي تلك اللحظات العصيبة يتجلى الإيمان الحقيقي، الإيمان الواعي الذي يتمتّع به موسى (عليه السلام) فيردّ وهو يثق بالله تعالى كما يجب ان يثق به المؤمنون الصادقون فيما يدّعونه من الإيمان قائلا: "كلا إن معي ربّي سيهدين"

 

وعلى عكس مصير فرعون الذي أهلكه الله كان مصير موسى (عليه السلام) النّجاة والنّصر، وعن ذلك تتحدث آية من الآيات التي تحيي استشعار عظمة الله تعالى وأنك عندما تثق به ستكون بمأمن من كل سوء، وستنال من الخير ما لم تكن تتخيّله وذلك في قول الله تعالى:

 

(وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ)[سورة طه 77]

 

وبالفعل، لم يتردد موسى الذي كانت ثقته بالله تعالى بلا حدود، فانطلق مستجيبا لأمر الله، بعيدا عن ترددنا وارتباكنا عندما يكون في اتّباع توجيهات الله احتمال أن نتعرض لخطر ما.

 

من كل ذلك يرى المتأمّل في كل تلك الاحداث أن الثقة بالنّفس لا تكون إلا عند من يثقون بالله تعالى، ويتحرّكون وفق توجيهاته ويجتنبون نواهيه.

 

واليوم في الصراع القائم حاليا بين أحرار اليمن من جهة وتحالف دول العدوان من جهة هناك فئتان تقتتلان، فئة أحرار اليمن، المؤمنين الذين يثقون بالله ويتوجّهون بالشكر إلى الله بعد كل انتصار يحققونه، وبين المنافقين الذين باعوا أنفسهم للشيطان المتمثل في حلف يتزعمه الشيطان الأكبر(أمريكا) ويشنه عبر أداته في المنطقة (قرن الشيطان) النّظام السّعودي المجرم، وكل من فيه يعلنون ثقتهم بأمريكا وبرئيسها المعتوه (دونالد ترامب) ويتقدّمون له بالشّكر على أن أودى بهم في طريق الهلاك والخسران، ومما لا شك فيه أن العاقبة للمتّقين، وأن الثّقة بالله طريق الفوز والنّجاة والتمكين.      

 

وإلى كل اولئك الذين يبتعدون بالنّاس عن طريق الحق تحت عناوين برّاقة، فيجعلونهم يتحرّكون في هذه الحياة بعيد عن هدى الله تعالى فتكون عاقبتهم الضياع والخسران أوجّه حديثي قائلا:

 

سياتي اليوم الذي تحاسبون فيه على كل ما قدّمتموه للنّاس، وأنتم بين أن تكونوا دليلا لهم إلى الرشاد، أو ــ والعياذ بالله ــ دليلا إلى الفساد، ولكم ان تنظروا إلى غيركم ممن ملا صيتهم الآفاق، هلكوا كما هو المفترض بكل مخلوق في هذا الكون، ولم يبق منهم إلا آثارهم، ولا شك في انّهم حتى بعد رحيلهم مسؤولون عن كل فكرة اقتنع بها من تأثروا بهم وصدّقوهم وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدّموا وآثارهم)، فاحرصوا على تثقيف المجتمع بما ينفعكم أنتم قبل أن ينفعهم حتى لا يأتي يوم لا بد منه تندمون فيه على كل ما كتبتم وكل ما قلتم وكل ما فعلتم، ولست هنا أبرئ نفسي فأنا كما أنتم معنيٌّ بهذا القول ولا بد لنا جميعا من وقفة مع انفسنا بعيدا عن تزكية النفس لنرى أين هو موقعنا بالفعل، وهل نحن حقا ممن يدعون إلى الله تعالى ام ممن يصدّون عن سبيل الله تعالى، وليكن هذا الدعاء مما نردده ونسعى إلى أن نحظى بالقبول والإجابة:

 

(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [سورة الفرقان 74]

 

 

 

 

 

وعن موضوع الثقة يتحدث السيد الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي عليه السلام قائلا:

 

 

 

(نبي الله موسى، يأتي في آيات كثيرة، يذكر الله له أشياء كثيرة، إنسان إيمانه بالله بشكل كبير، وبشكل متميز، يعني: إنسان لا يثق بنفسه هو، ليس متكلاً على نفسه؛ لأنه قد صار نبياً!

 

دائماً يعرف بأنه لو يكله الله إلى نفسه طرفة عين لهلك، كان دائماً حذراً، ويفهم تماماً معنى الإيمان، ومقتضى الإيمان). دروس رمضان: الدرس التاسع والعشرون 

ــــــــــــــــ 

بقلم / عبد الفتاح علي شمار 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر