العدو الإسرائيلي، من خلال مصائد الموت في هندسته للجوع، وأساليبه العدائية المتوحِّشة، يستهدفهم ويقتل منهم باستمرار، في كل يوم هناك حصيلة وعدد معيَّن من الشهداء، يستهدفهم أثناء سعيهم للحصول على الغذاء، وأضاف إلى ذلك أيضاً وسيلة أخرى، هي وسيلة كذلك يستخدمها بهدف الإضرار بهم والاستهداف لهم من جهة، ومن جهة أخرى لخداع العالم، لخداع الرأي العالمي؛ لأن هناك في هذا الأسبوع ضجَّة عالمية تجاه مستوى التجويع، وهذا الظلم الرهيب جدًّا، والمشاهد المأساوية للغاية، لمجاعة الشعب الفلسطيني، المجوَّع في قطاع غزَّة، مشاهد رهيبة للأطفال في هياكلهم العظمية، للناس، للكبار، للصغار، مشاهد رهيبة جدًّا، مخزية للمجتمع البشري، مخزية للناس في هذا العصر، الذين يقدِّمون أنفسهم أنهم في عالم الحضارة والتَّقَدُّم والرُّقي، مخزية للمجتمع الغربي، الذي يقدِّم نفسه على أنه يقود الإنسانية، ويقود المجتمع البشري تحت راية الحضارة، وفي إطار القيم الليبرالية، هي تكشف حقيقته؛ لأنه ضالعٌ في كل ما يرتكبه العدو الإسرائيلي من إجرام ضد الشعب الفلسطيني، فأمام كل ذلك حاول العدو اسرائيلي أن يقدِّم خدعةً جديدة، هي عنوان: إنزال المساعدات جوّاً، وماذا فعل؟ ثلاث عمليات إنزال، معظمها ذهب إلى ما يسمِّيها العدو الإسرائيلي بمناطق حمراء، يعني: مناطق أي فلسطيني يذهب إليها يقتل على الفور، وفعلاً البعض جرَّبوا وحاولوا أن يذهبوا، وضغط عليهم التجويع والمعاناة؛ فقتلهم العدو الإسرائيلي مباشرةً، بإطلاق النار عليهم.
العملية (عملية إنزال المساعدات جوّاً) قد تكون سائغة كطريقة، في بعض المناطق من العالم، التي لا يتهيأ فيها إيصال المواد الغذائية إلى الناس، هذا ليس موجوداً فيما يتعلَّق بقطاع غزَّة، لا يمكن أن يكون هناك أي مبرِّر لاستخدام هذه الطريقة، التي الهدف منها الخداع من جهة، واللعب بكرامة وحياة الناس في قطاع غزَّة من جهةٍ أخرى، في قطاع غزَّة من المتاح جدًّا أن يتم إدخال المواد الغذائية، والمساعدات الإنسانية، ومستلزمات الحياة الإنسانية برّاً، والإيصال لها إلى من يقوم بتوزيعها، من العاملين في الأمم المتَّحدة، في منظماتها، والمنظمات الأخرى، والهلال الأحمر الفلسطيني، هذا متاح، العائق الوحيد هو: المنع من جهة العدو الإسرائيلي فقط، ليس هناك عوائق أخرى تَحُوْل دون دخولها ووصولها، ولكنَّ العدو الإسرائيلي يتعمَّد التَّهَرُّب من الاستحقاق الإنساني والأخلاقي، في فتح المجال لدخول المواد الغذائية إلى الناس، إلى اللجوء إلى هذا الأسلوب، الذي يلعب فيه كمثل ما فعله في مصائد الموت مع الأمريكي تماماً، كلاهما اشترك في تلك الجريمة، وتلك الطريقة، التي محصِّلتها واضحة في وجبات القتل اليومية.
فالعدو الإسرائيلي بثلاث عمليات إنزال تساوي قريباً من حمولة شاحنتين، ماذا تفعل شاحنتان لمليوني إنسان؟! مليوني إنسان في قطاع غزَّة، ماذا تمثِّل هذه النسبة الضئيلة جدًّا جدًّا، والتي لم تصل حتى بكلها إلى مناطق آمنة؟! بل أكثرها إلى مناطق توغَّل فيها العدو الإسرائيلي، جنوده متواجدون فيها للقتل بشكلٍ مباشر، أي فلسطيني يتحرَّك وراء تلك المساعدات للحصول عليها في تلك المناطق، التي هي مناطق جعلوها مناطق نيران، واستهداف دائم، يُقْتَل على الفور، يقتلونه مباشرةً، فهذا ما يحصل.
العدو الإسرائيلي يستخدم أسلوب المخادعة، في الوقت الذي يُقَدَّر الاحتياج للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة بستمائة شاحنة يومياً، من المواد الغذائية، والمواد الطِّبِّيَّة، والمواد الأساسية، الوقود بينها محسوب، العدو الإسرائيلي يستخدم وسيلة غير مجدية، لا تفي بالاحتياج ولا بالقليل من الاحتياج، وبطريقة مخادعة، ثم القليل من القليل، الذي يمكن أن يصل، يصل في حالة قد يُصيب البعض، شُحنات صغيرة في صناديق خشبية قد تقتل من تصل عليه، وإذا وصلت، فمن الممنوع إسرائيلياً أن يكون هناك أي عملية تنظيم للتوزيع؛ لأن من أكثر ما يحاربه العدو الإسرائيلي، ويستهدفه في قطاع غزَّة، أي عملية تنظيم لتوزيع المساعدات، يريد أن تحكم الفوضى الواقع بكله؛ ليكون هناك اقتتال عليها، ليكون هناك تنازع عليها، على الشيء اليسير جدًّا جدًّا من المساعدات؛ لأنه يصنع كل أشكال المعاناة للشعب الفلسطيني، كل أنواع المعاناة يصنعها ويتلذذ بها، وهو متفنن، ولديه سعة في هذا المجال، يعني: يصنع كل أشكال المعاناة والظلم والإجرام، ويستمتع بذلك.
ولـذلك ينبغي ألَّا ينخدع أحدٌ أبداً، لا بما أعلنه من هدنةٍ إنسانية، وهو يقتل فيها بشكلٍ مستمر، يستهدف الشعب الفلسطيني فيها دون توقُّف، ولا بإعلانه هذه الطريقة، التي تثبت المشاهد التي تُنقل من قطاع غزَّة وتُنشر في وسائل الإعلام أنها لمجرَّد الخداع، وليست مجدية، ولم تَحُلّ شيئاً من المشكلة، ولم توفِّر أيضاً أي حل لمعاناة الشعب الفلسطيني، لم تسدّ شيئاً من جوعهم وعنائهم، الحالة مستمرَّة كما هي، المأساة مستمرَّة كما هي، والعدو الإسرائيلي مع الأمريكي يستمرُّون في الخداع للجميع.
العدو الإسرائيلي، في تعبير عن مستوى التَّوَحُّش والحقد، والتَّلَذُّذ بمعاناة الشعب الفلسطيني، معاناته من التجويع والقتل والتعطيش، وفي استفزازٍ واحتقارٍ للعرب وللمسلمين بشكلٍ عام، أرسل مجموعةً من اليهود الصهاينة من قطعان المغتصبين، الذين يسمُّونهم بالمستوطنين، لإقامة حفلة شواء قرب حدود غزَّة؛ للتعبير عن التَّلَذُّذ بمعاناة أهالي قطاع غزَّة، الذي يقبع تحت واحدة من أبشع جرائم الحصار والتجويع في العصر الحديث، وهذه هي الحالة القائمة في واقع العدو الإسرائيلي، يرتكب أبشع الجرائم وأفظع الجرائم، ويتلذَّذ، يتلذَّذ بمعاناة الضحية، بمعاناة المظلوم المضطهد، يتلذَّذ، ويُسَرّ، ويرتاح بما يفعله من إجرام ضد الأطفال حتى الرُّضَّع منهم، ضد الجميع كباراً وصغاراً، هذا يكشف عن وحشية من جهة، ثم هو يستهتر أيضاً بالمسلمين بشكلٍ عام.
كما أتلف جنود العدو الإسرائيلي- العصابات الإجرامية، التي تسمِّي نفسها بالجيش الإسرائيلي- كميات كبيرة من مواد المساعدات الإنسانية المخصصة لقطاع غزَّة، في معبر (كرم أبو سالم)، أكثر من ألف شاحنة من المواد الغذائية والطِّبِّيَّة، وزجاجات المياه، قام بإحراق البعض منها، وبدفن البقية منها في التراب، في الوقت الذي يتضوَّر أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة جوعاً، وتلك المساعدات هي لهم، هي حقٌّ لهم، ومرسلةٌ إليهم.
العدو الإسرائيلي ما قبل ذلك، ما قبل حربه على المساعدات، وسعيه لمنع وصولها للشعب الفلسطيني، دمَّر كل مقومات الحياة في قطاع غزَّة، استهدف الزراعة، حتى المزارع استهدفها بالقصف، استهدفها بالتجريف... بكل وسائل الاستهداف، عمل على إنهاء الزراعة في قطاع غزَّة بشكلٍ عام؛ حتى لا ينتج الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة أي مواد غذائية، أو يحصل على أي غذاء من الإنتاج الزراعي والمحاصيل الزراعية. استهدف الأسواق، المحلات التجارية، دمَّرها فيما دمَّر، دمَّر قطاع غزَّة في تدمير يستمر فيه، يريد أن يصل إلى أن يستكمل كل قطاع غزَّة بالتدمير والنسف لكل ما فيه من مبانٍ، دمَّر الأحياء والمدن، الأحياء السكنية والمدن، واستهدف كل الوحدات السكنية، وهو مستمرٌّ في ذلك حتى بمقاولين؛ لنسف ما تبقى من المباني.
ومع ذلك، العدو الإسرائيلي بعد أن أنهى كل مقومات الحياة هناك، اتَّجه إلى منع دخول المساعدات التي بقيت هي الشيء الوحيد، يعني: الطريقة الوحيدة التي يحصل من خلالها الشعب الفلسطيني على غذائه ودوائه، لم يعد لديه أي مقومات من خلالها يحصل على ما يحتاجه من غذاء، فالعدو الإسرائيلي بهذه الوحشية، بهذا الإجرام، حتى الصيد في البحر، يمنع الصيد في البحر، يستهدف الصيادين وبشكلٍ متكرِّر، كلَّما شاهد مجموعة تحاول أن تدخل من الصيادين يستهدفهم؛ ولـذلك هو يرتكب أبشع الإجرام.
العالم بمختلف بلدانه يشهد هذه المأساة والمظلومية، لم تعد مأساة الشعب الفلسطيني ومظلوميته، ولا حجم الإجرام الصهيوني اليهودي ضده، مسألة خافية على أحد في العالم، مشاهدها تُنشر في كل وسائل الإعلام، في كل أنحاء العالم، وتصدر الانتقادات من معظم البلدان، معظم البلدان في شرق الأرض وغربها، في القارات كلها، تصدر منها الانتقادات للعدو الإسرائيلي، وما يفعله من إجرام، تجاه هذا التجويع، تجاه هذه المأساة ومظلومية، تصدر بيانات، تصريحات، تعليقات، بل هناك صوتٌ للضمير الإنساني، للناشطين الأحرار، الذين يخرجون في مظاهرات، ووقفات، ومسيرات، مع أنهم في بعض البلدان يُقمعون بعنف وشِدَّة، كما يحصل في ألمانيا، وفي بعض البلدان الأوروبية، كما يحدث في أمريكا أيضاً.
و [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
حول آخر التطورات والمستجدات الأسبوعية
الخميس: 6 صفر 1447هـ 31 يوليو 2025م