يعتبر الرّبا من أهمّ العوامل المؤثّرة في ضرب الأمم والشّعوب, وفي ضرب الاقتصاد, وإفساد المال, وتدمير العلاقات العامّة بين النّاس, وإنهاكهم وإضعافهم اقتصاديّاً ومعيشيّاً, وللأسف الشّديد أنّ الأمّة الآن غارقة في الرّبا, ومصبوغةٌ حياتها به, ممّا جعلها في حرب مباشرة مع الله سبحانه وتعالى ورسوله, وقد بيّن السّيد في الدّروس والمحاضرات خطورة الرّبا على النّاس أنفسهم, وعلى واقع حياتهم, وعلى اقتصادهم, ومعيشتهم, وقدّم الرّؤية القرآنيّة في موضوع المال والاقتصاد.
الرّبا يضرب الأمّة ويحطّم الإقتصاد
يبيّن السّيد أنّ الرّبا من أخطر العوامل المؤثّرة والمدّمرة للاقتصاد, والمال, والنّفوس, والأمّة, وأنّه يؤدّي إلى تحطيم وتدمير الصّناعة والحضارة, ويؤدّي لغلاء الأسعار, والفساد التّجاري, ويبيّن السّيد أنّ الهبوط في الجودة الصّناعية والتكنلوجيّة سببه التعامل بالرّبا والذّوبان فيه, ويأتي هذا الهبوط في الجودة والمادّة الصّناعيّة نزولاً عند القدرة الشّرائيّة لدى النّاس, الّتي هبطت وتدنّت بسبب الرّبا والتّجار المرابين, ممّا جعل النّاس يُواجَهُون بحرب شديدة من قبل الله سبحانه وتعالى, فيقول: (أليس العالم الآن غارقاً في الربا؟ العالم غارق في الربا، والعالم في حرب مع الله ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾[البقرة: من الآية279].
وتجد من مظاهر هذه الحرب فساداً تجارياً، غلاء أسعار بشكل رهيب، هبوطاً حتى في مواصفات التصنيع من أجل مواكبة القدرة الشرائية لدى المستهلكين، المنتجات الجيدة ألم تغب عن الأسواق؟ منتجات جيدة من الإلكترونيات وغيرها من الصناعات، والأقمشة، وكثير من الآليات.. ألم تغب عن الأسواق؟ لماذا؟ ألم تهبط الصناعات، وتهبط المواصفات؟ تهبط وكل عام ترى الصناعات تهبط قليلاً قليلاً في مواصفاتها، في جودتها، لماذا؟ نزولاً عند رغبة المشتري، أو تبعاً لقدرته الشرائية؟.
الربا هو ضرب الناس حتى ضرب الصناعات فأصبحنا بدل أن كنا نتمتع بكثير من الصناعات الجيدة، ذات المواصفات الجيدة، في مختلف المجالات، ها نحن تغلب على أسواقنا منتجات مواصفاتها رديئة، ومتى ما رأينا قطعة جيدة [أصلية] من أي منتج، ورأينا سعرها مرتفعاً ألسنا نخرج من المعارض؟ ونقول: هذا سعره مرتفع، الحقيقة أنها أصلي لكنها سعرها مرتفع، والآخر قال: جيدة لكنها غالي، والرَّجال صاحب المحل في الأخير لا يستورد منها، صاحب المصنع في الأخير لا يعد ينتجها، يحاول أن ينتج إنتاجا آخر يتمشى مع حالة الناس.
فنحن في حرب مع الله، والله في حرب معنا بسبب المرابين، بسبب التجارة التي تقوم على الربا؛ لأن أولئك المرابين ليسوا ممن يتذكرون نعمة الله، وليسوا ممن ينطلقون في شكره؛ لأن من يتذكر بأن ما يتقلب فيه من أموال التجارة هو نعمة من الله عليه، سيحاول أن يبتعد عن المحرمات في التعامل، سيبتعد عن الربا) معرفة الله نعم الله الدرس الخامس.
الرّبا يؤدّي لغلاء الأسعار وضرب الصّناعات
وفي محاضرة معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر يبيّن السّيد الآثار المدمّرة للرّبا على الاقتصاد, وعلى الصّناعات, وعلى العملة والقدرة الشّرائية لدى النّاس, لأنّ الأمّة عندما دخلت في الرّبا, دخلت في حرب شديدة مع الله وشاملة, شملت كلّ شئون وجوانب حياتهم, ومعاملاتهم, ومعيشتهم, يقول السيد: (يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾[البقرة: من الآية279] ماذا يعني هذا؟ عقوبة في الدنيا أليس كذلك؟ بل حرب الله سبحانه وتعالى سيتجه إلى طرف يحارب عباده إذا لم يدعوا الربا، إذا لم يذروا الربا.
﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا﴾[البقرة: من الآية279] بعباراتنا: [الوجه ابيض، إشعار، نحيطكم علما بأننا سندخل في حرب معكم]. وحرب الله إذا ما دخل في حرب مع الناس له جنود السماوات والأرض، يحاربك من كل جهة، من حيث تشعر ومن حيث لا تشعر، يحاربك في نفسك، يحاربك في داخل أسرتك، يحاربك في سيارتك، يحاربك في مضختك، يحاربك في مزرعتك، يحاربك داخل مصنعك، يحاربك في كل شيء، ألسنا نرى آثار الربا حتى فيما يتعلق بالتصنيع؟ ألم يهبط مستوى الإنتاج، مستوى الجودة؟ هبطت مستوى الجودة في الإنتاج فأصبح ما في أسواقنا منتجات مما نسميها تقليد، مما كان قد لا يقبله الإنسان قبل زمان ولا بالمجان، غابت المنتجات الجيدة، وتدنت مواصفات المصنوعات في مختلف المجالات، والغلاء أصبح منتشرا في الدنيا كلها، غلاء منتشر، لم يفهموا ما هي أسبابه؟) معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر.
ويضيف السّيد مبيّناً أنّ حالة الناّس الاقتصاديّة والمادّية في تدنٍ وهبوطٍ مستمرّ, وأنّ الغلاء في الأسعار ينتشر بشكل فاحش في كلّ الدنيا, والعملة والقدرة الشّرائية لدى النّاس تضعف وتدهور بشكل فظيع جداً, والجودة الصناعية في المنتجات تختفي من الأسواق من عامٍ إلى آخر, كلّ هذا بسبب الرّبا والتّعامل به, حتّى أصبحت حياتنا وأموالنا كلّها مصبوغة بالرّبا بطريقة أو بأخرى, يقول السّيد: (في [اليابان] نفسه التي هي من الدول المصنعة الكبرى، يقال إن الغلاء في [طوكيو] نفسها في العاصمة وصل ببعض البلدان الضعيفة أو الصغيرة أنها لم تستطع أن تستأجر لأنفسها سفارات داخل طوكيو وإنما خارج، غلاء شديد في كل بقعة في العالم, وعندنا أليس هناك غلاء؟ وكل سنة ترتفع الأسعار لماذا؟ من أين جاء هذا؟ والمعيشة تتدنى، ألم نر الأشياء تصغر؟ ألم تصغر علب الحليب؟ تحول إلى قراطيس صغيرة، علب الشامبو كثير من المنتجات صغرت، صغرت أليس كذلك؟ والصابون بدأ في قراطيس صغيرة وهكذا تصغر، تصغر فنصبح كما كان زمان يوم لم يكن هناك في الأسواق مشمعات، كان يذهب الشخص يأخذ له [المعوي] من عند [الجزار] ويعبيه قاز، ويعود إلى البيت هل أحد منكم يذكر هذه؟.
كنا قد وصلنا إلى أن نشتري القاز أو نشتري المحروقات بمختلف أنواعها في [جراكل] الآن الأشياء تتدنى إلى أسفل! كان الناس زمان يأخذون شوالات البر, من يأخذ خمسة أكياس، عشرة أكياس دفعة واحدة، أليس كذلك؟ ثم كيساً واحداً رغماً عنا، ثم نصف كيس، وكانوا يستحيون من أن يأخذوا نصف كيس أليس كذلك قبل فترة؟ أصبح هو السائد نصف كيس، ثم نزل أيضاً فأصبح ربع كيس، والآن بدأ بيع الدقيق بالكيلو, يشتري كل وجبة [قٌبَالَها..] ألسنا في حرب؟ لأن كل المنتجات يمول شراؤها بأموال مدنسة بالربا.
وكما يقال بأنه: في آخر الزمان لا تجد درهماً حلالاً, فالنقود التي في جيوبنا من أين تأتي؟ من البنوك، البنوك هي من تتعامل بالربا, تتعامل في الداخل وتتعامل في الخارج بالربا, كل ما نأكل مصبوغ بالربا، كل النقود التي في جيوبنا مصبوغة بالربا كيف نعمل؟ ماذا نعمل؟) معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر.
الرّبا من أعمال اليهود
يبيّن السّيد أنّ كلّ هذه الآثار والنّتائج السّيئة والمدمّرة للحياة تدلّ على أنّنا في حربٍ شديدة مع الله بسبب استساغتنا للرّبا, وتعاملنا به, مبيّناً أنّ الرّبا من أعمال اليهود وصنائعهم, وجاء وانتشر على أيديهم, وهم من يعملون الآن بطريقة خبيثة على صبغ الحياة بالرّبا, ونشره, والعمل والتعامل به, فيقول: (تأملوا جيداً لنرى الحرب التي يشنها الله على الناس؛ لأنهم استساغوا الربا، المسلمون أنفسهم استساغوا الربا، وهذا من آثار عمل اليهود، اليهود بخبثهم، اليهود هم المعروفون بالربا من مئات السنين، لكن بطريقتهم الخبيثة بالإضلال: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾ [النساء:44].
لكن هكذا بطريقتهم الخبيثة حتى يصبح الربا مستساغاً في أوساط المسلمين، ومستساغاً في التعامل بين تجار المسلمين وفي بنوك أموال المسلمين، ويصبح طبيعياً ولا حتى الاستنكار الكثير من جانب علمائنا، من جانبنا كطلاب علم أيضاً، لم يعد هناك قضية تدفعنا على الاهتمام أن نستنكرها، والربا شديد جداً، الربا من أكبر الجرائم) معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر.
ويوضّح السّيد أنّ من المعروف عن بني إسرائيل هو تعاملهم بالرّبا كما حكى الله عنهم في القرآن الكريم, وأنّهم من يعملون الآن على صبغ الحياة بالرّبا, حتّى أصبح تعاملاً اقتصاديّاً طبيعيّاً داخل البلدان العربيّة والإسلاميّة, يقول السيد: (الربا أليس من المعروف أن بني إسرائيل هم كانوا من المشهورين بالتعامل بالربا؟ التعامل بالربا الآن أصبح طبيعياً وأصبح تعاملاً اقتصادياً طبيعياً داخل البلدان العربية كلها، البنوك في البلدان العربية تتعامل بالربا بالمكشوف، والشركات تتعامل بالربا بالمكشوف. ألم يُفسِد بنو إسرائيل حتى العربَ أنفسَهم؟ وحتى جعلوا الربا الذي قال الله في القرآن الكريم وهو يحذر من الربا: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة الآية 278 - 279] يتهدد بحرب من جهته وبحرب من جهة رسوله لمن يتعاملون بالربا، ثم يصبح الربا شيئاً طبيعياً) محاضرة لا عذر للجميع أمام الله.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.