تميزت به كرمزٍ عظيمٍ من رموز الإسلام بإجماع الأمة الإسلامية على ذلك، فله مكانته ومقامه بين أوساط الأمة جمعاء باختلاف أطيافها، فهو "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ"، من سلالة بيت النبوة، أبوه الإمام زين العابدين "عَلَيهِ السَّلَامُ"، وجدُّه الإمام الحسين سبط رسول اللّٰه "عَلَيهِ السَّلَامُ"، وأخوه الإمام الباقر باقر علم الأنبياء "عَلَيهِ السَّلَامُ"، وهو بما عرفته الأمة به، في مستوى عالٍ وعظيمٍ من الإيمان، والوعي، والرشد، والهداية، إلى درجة أنه كان يُلقَّب في أوساط الأمة بحليف القرآن، فأن يكون هو قائدًا لنهضةٍ معينة، وقائمًا في حركةٍ وثورةٍ مهمة، بما يمتلكه من مؤهلات، وما يحمله من قيمٍ ومبادئ، هو في موقع القدوة، وفي موقع الهداية، وفي الموقع الذي تستلهم منه الأمة ما تحتاج إليه من الدروس والعبر، كما أن لنهضته التأثير الكبير الممتد فيما بعد ذلك في أوساط الأمة جيلًا بعد جيل.
كما أنه تحرك بأهدافٍ عظيمة، ذات علاقةٍ بالأمة في كل زمان ومكان، فهو انطلق من منطلق غيرته على دين اللّٰه، وعلى أمة جده رسول اللّٰه "صَلَوَاتُ اللّٰه عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ"، هو الذي كان يقول: (واللهِ مَا يَدَعُنِي كِتَابُ اللّهِ أنْ أسكُت، كيفَ أسكُت؟ وقد خُولِفَ كِتَابُ اللهِ، وَتُحُوكِمَ إلَى الجِبتِ وَالطَّاغُوت)، هو الذي كان لشدة اهتمامه وعظيم اهتمامه بأمر أمة جده يقول: (لَوَدِدتُ أنَّ يَدِي مُلصَقَةٌ بِالثُّرَيَّا ثُمَّ أَقَعُ إلَى الأرضِ، أو حَيثُ أقَعُ، فَأتَقَطَّعَ قِطعَةًً قِطعَة، وَأنَّ اللّهَ يُصلِحُ بِذَلِكَ أَمرَ أُمَّةِ مُحَمَّد)، "صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ"، يحمل هذا الاهتمام تجاه أمة جده، فهو تحرك حريصًا على إنقاذها، وعلى هدايتها، وعلى إصلاح أمرها، هو الذي كان يقول: (أَعِينُونَا عَلَى مَن أَخرَبَ أَمَانَتَنَا، وَاسْتَعبَدَ أُمَّتَنَا، وَعَطَّلَ كِتَابَنَا).
بهذه الأهداف بهذه القضية المهمة والعظيمة والمقدسة، تحرك الإمام الشهيد زيد بن علي " عَلَيهِما السَّلَامُ "، وسعى في نهضته تلك إلى إعادة الأمة إلى المسار الصحيح، الذي انحرف بها عنه طغاة بني أمية، الذين اتخذوا دين اللّٰه دَغَلًا، وعملوا بكل ما يستطيعون وعبر علماء السوء إلى تحريف مفاهيم الدين الإسلامي، ليسهل عليهم من خلال ذلك السيطرة على الأمة بشكل تام، والاستعباد لها؛ بعد أن يغيروا فكرها، وقناعتها، وثقافتها، وتصورها للدين الإسلامي، وبالذات المبادئ ذات الأهمية الكبيرة، التي يترتب عليها إقامة الحق، إقامة القسط، إقامة العدل، إنقاذ الأمة، إصلاح واقع الأمة، والتي لها أهمية كبيرة في تحصين الأمة، وفي إكسابها المنَعَة التي تساعدها على الاحتماء من الطغاة والظالمين، ومن سيطرة المجرمين، فعملوا على تحريف تلك المفاهيم، وسعى الإمام زيد "عَلَيهِ السَّلَامُ" إلى إنقاذ الأمة مما تعانيه، من طغيان طغاة بني أمية، الذي وصل إلى درجةٍ رهيبة من انتهاك الحرمات، والتعدي على المقدسات، والاستباحة للأمة، فهم لم يرعوا أي حرمةٍ من الحُرُمات، ولم يعطوا أي شيءٍ من مقدسات المسلمين، ومن المبادئ الإسلامية أي قيمة أبدًا.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد1445هـ