واقعة كربلاء، وحادثة عاشوراء لم تكن مجرد حدثٍ تاريخيٍ يختص فيما يتعلق به من ظروفٍ، وملابساتٍ، وأسبابٍ، وحيثياتٍ بمرحلته فقط، وبزمنه ووقته فقط، بل كان حدثاً كبيراً ومهماً، ومأساوياً، وأهميته كبيرةٌ تتعلق بالأمة بشكلٍ كبير، وتتعلق بدينها، وتتعلق بماضيها وبحاضرها وبمستقبلها.
ولأهمية الواقعة فقد سبق أن تحدَّث عنها رسول الله "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله" قبل وقوعها بزمن، وكان حديثه عنها حديثاً مهماً، لم يكن مجرد إخبارٍ عن حدثٍ من الأحداث بشكلٍ عادي، بل تحدث عنها كحادثةٍ مؤلمةٍ وكبيرةٍ وخطيرةٍ، ذات علاقةٍ بالرسول والرسالة والإسلام، ورمزٍ عظيمٍ من رموز الإسلام، ولها دلالاتها الكبيرة، وأسبابها الكبيرة، وتأثيراتها الممتدة في واقع الأمة.
فرسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، وما بعد ولادة الإمام الحسين "عليه السلام"، أُخْبِرَ عن طريق الوحي من الله "سبحانه وتعالى"، بمقتل الإمام الحسين "عليه السلام"، واستشهاده، وحتى عن الأرض التي سيستشهد فيها، وكانت الطريقة التي نُقِل له الخبر بها، طريقةً تدلنا على عِظَم هذه الواقعة، وكبر هذه الحادثة، وتأثيراتها الكبيرة جداً، وحتى تدُّلنا وتكشف لنا مدى وقعها وتأثيرها حتى على رسول الله "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله".
فرسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" أُتِيَ بتربةٍ، أتى بها جبرائيل "عليه السلام"- كما في الروايات- من كربلاء، وسمَّاها رسول الله: (أرض كربٍ وبلاء)، قال أنَّ جبرائيل "عليه السلام" أخبره أنها أرض كربٍ وبلاء، وأتى بتربةٍ منها، من تلك الأرض التي سيقتل فيها الإمام الحسين "عليه السلام"، وتلك التربة التي أُتِيَ بها إلى رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، وضعت عند أم سلمة أم المؤمنين "رضوان الله عليها"، وقال الرسول "صلوات الله عليه وعلى آله" عن تلك التربة أنها متى غلت وسالت دماً عبيطاً فذلك اليوم الذي قتل فيه الإمام الحسين "عليه السلام"، وبقيت تلك التربة عند أم سلمة "رضوان الله عليها"، وفعلاً في يوم استشهاد الإمام الحسين "عليه السلام" غلت وسالت دماً عبيطاً، وعرفت أم سلمة "رضوان الله عليها" أنَّ ذلك اليوم هو اليوم الذي استشهد فيه الإمام الحسين "عليه السلام".
رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" بكى الإمام الحسين في محطاتٍ متعددة، نزل عليه الوحي بشأن استشهاده، ومظلوميته، ومأساته، وما يواجهه في واقع الأمة من معاناةٍ كبيرة، في إطار الموقف العظيم الذي سينهض به، الإمام الحسين "عليه السلام" بكل ما يمثِّله من امتدادٍ للإسلام الأصيل، من امتدادٍ لرسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، في العمل على هداية الأمة، وإصلاح واقعها، والقيام بالعمل على إنقاذها من أعدائها، من المنافقين، المنقلبين، المنحرفين على منهج الحق، وعلى الرسالة الإلهية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى عاشوراء 1444هـ