في مقدِّمة هذا الاستهداف: هو الاستهداف العسكري؛ بهدف السيطرة عسكرياً، مثلما حصل مثلاً: أمريكا اجتاحت آنذاك العراق عسكرياً، قبله اجتاحت أفغانستان عسكرياً، فهي تجتاح بعض البلدان بشكل اجتياح عسكري، وبعض البلدان لا تحتاج في السيطرة العسكرية عليها إلى عملية اجتياح، بل تخضِع السلطة في ذلك البلد، أو المكونات الموجودة في ذلك البلد إلى القبول تلقائياً بالسيطرة العسكرية الأمريكية، وحينها تقوم أمريكا بإنشاء قواعد عسكرية لها، تختار لها أهم الأماكن الاستراتيجية في البلد، التي تضمن لها السيطرة العسكرية، وهذا ما حصل بالنسبة لليمن، السلطة خضعت وأذعنت ووافقت على أن تفتح البلد للسيطرة العسكرية بهذه الطريقة: من خلال التواجد العسكري الأمريكي تحت عنوان تدريب الجيش، فأتى الأمريكيون بأعداد كبيرة باسم مدربين، وباسم مستشارين، ثم بقواعد عسكرية، وصل الحال في سنوات معينة أن أصبح لهم قاعدة عسكرية في وسط صنعاء، بجوار السفارة الأمريكية، بجوارها قاعدة عسكرية لهم، وكانوا يتجهون إلى التوسع في ذلك، يعني: اتفقوا على قاعدة عسكرية أمريكية في العند، ويبدأ الأمريكيون وفق أسلوبهم المعروف بالتدريج، ثم يتزايد انتشار قواعدهم؛ حتى يضمنوا السيطرة الكاملة على المستوى العسكري على البلد بكله، فكان لديهم برنامج طويل عريض ليسيطروا من خلاله على اليمن بكله عسكرياً من خلال تلك القواعد العسكرية.
ليس هذا فحسب، السيطرة العسكرية من جانبهم هي تتجه أيضاً للسيطرة على الجيش، ليس فقط السيطرة بإنشاء قواعد موزعة بشكل مدروس عسكري، إنما تتجه للسيطرة على الجيش نفسه تحت عنوان التدريب، ثم بعد ذلك تحت عنوان الهيكلة... وما إلى ذلك، تتم عملية شراء ولاءات ضباط الجيش، وكبار قادته، والتأثير عليهم، والأخطر من ذلك: تغيير العقيدة القتالية للجيش، وتحديد من هو العدو وفق السياسة الأمريكية، وليس وفق الانتماء الوطني والهوية الإيمانية للجيش، وليس وفق التحديات المخاطر الحقيقية على البلد، بل وفق ما يخدم أمريكا، يتحول من تعاديه أمريكا وإسرائيل هو العدو، ويتوجه العداء بشكل رئيسي إلى الداخل، وعلى المستوى الإقليمي وفق الرؤية الأمريكية والإسرائيلية، كما هو الآن ظاهر يعني في كثير من بلدان شعوبنا العربية.
أيضاً استغلال الجيش كأداة في اليد لتنفيذ عمليات عسكرية تقي الجانب الأمريكي تقديم الخسائر في جنوده وضباطه، فيمكن أن تدفع بالجيش ليخوض أي معركة، ويكون هو من يقدِّم الخسائر الكبيرة، ويبقي الأمريكي من هناك يعد الخطط، ويقدم التعليمات والتوجيهات...إلخ.
من ضمن السيطرة العسكرية: التحكم في القدرات العسكرية، وتحديد ما يسمح باقتنائه للجيش، وما لا يسمح، مثلاً: اتجهوا عندنا في اليمن إلى تجريد الجيش من كل الإمكانات والقدرات للتصدي لأي هجوم خارجي، ومن ضمن ذلك: الدفاع الجوي، ودمَّروا صواريخ ومعدات معينة للدفاع الجوي، ومن ضمن ذلك: القوة البحرية اضعفوها حتى أوصلوها إلى نقطة الصفر، ومن ضمن ذلك: بدأوا برنامجاً للسيطرة على الصواريخ وتدميرها، الصواريخ بعيدة المدى، التي يمكن أن يتصدى بها اليمن لأي عدوان خارجي، وبدأ البعض من المسؤولين يتحدث أنه: [لا حاجة لأي قدرات لمواجهة خطر خارجي أو عدو خارجي؛ إنما يتم الاكتفاء بما يتم التصدي به لأي شيء في الداخل]. وهذا موثق أيضاً إعلامياً.
من أيضاً أشكال السيطرة العسكرية التي حرصت عليها أمريكا: استباحة البلدان الإسلامية بشكل عام، وهذا حصل عندنا في اليمن عسكرياً، وإتاحة المجال وفتح المجال أمام الأمريكي لتنفيذ أي ضربات عسكرية: سواءً جوية أو برية، في أي منطقة داخل ذلك البلد أو ذلك البلد، في أي محافظة، في أي مديرية، في أي مكان، وحوَّلوا الموضوع إلى عادي، يضرب الأمريكي من يشاء، متى يشاء، وأين يشاء، استباحة عسكرية، ومعنى هذا: انتهاك للحرية والاستقلال والكرامة، هذه شواهد وعناوين للسيطرة العسكرية، هناك تفاصيل كثيرة تتعلق بها، نأمل- إن شاء الله- أن يعتني بها الإخوة في الجانب الإعلامي، يمكن أن ينتجوا الكثير من البرامج، ويقدموا الوقائع والحقائق، وأن يستفيدوا من الارشيف الرسمي، والارشيف الصحفي.
مع السيطرة العسكرية السيطرة الأمنية، السيطرة الأمنية تتم من خلال السيطرة على الأجهزة الأمنية، حدث عندنا في اليمن أن سيطروا على الأجهزة الأمنية كافة، وأنشأوا جهازاً جديداً آنذاك هو الجهاز المعروف بالأمن القومي، تحت تصرفهم المباشر، وسيطروا على الكثير من العناصر في الأجهزة الأمنية؛ ليشتغلوا كجواسيس لهم ولخدمتهم.
أضف إلى ذلك السيطرة على الوضع الأمني في البلد، يتحكمون هم في السياسة الأمنية، في الإجراءات الأمنية، في كثيرٍ من تفاصيل الوضع الأمني، بما يساعد على نشر الفوضى، والانفلات الأمني، وانتشار الجرائم، وكذلك الاغتيالات، وهذا لوحظ في الساحة اليمنية، ولوحظ بشكل متزايد، يعني: كان كلما زادت السيطرة الأمريكية على الدولة، وعلى مؤسساتها، وعلى أجهزتها الأمنية، وكلما نشط الأمريكيون في ذلك بخطط ببرامج تحت عناوين تقدَّم بشكل إيجابي، ولكن الواقع يختلف؛ كانت حالة التسيب الأمني تزداد، الفوضى تزداد، الانفلات الأمني يزداد، وتيرة الاغتيالات تزداد... وهكذا.
نشر القاعدة، وكان هذا ملحوظاً بشكل كبير جداً، في البداية قال الأمريكيون: [هناك خمسة من القاعدة في اليمن]، خمسة أشخاص! وأتى الأمريكيون تحت هذا العنوان، ثم قاموا بنشرهم إلى مختلف المحافظات، حتى إلى داخل صنعاء، حتى إلى الحي الذي تتواجد فيه السفارة الأمريكية كانوا يتواجدون بشعاراتهم وبشكل علني، وفي محيط صنعاء أصبح لهم معسكرات، منها: معسكر في أرحب... ومعسكرات في مناطق أخرى، وتواجدوا في عمران، وفي أطراف صعدة، وتواجدوا في مناطق من حجة، وتواجدوا في مناطق الجوف، ومناطق مأرب، هيَّأت لهم بيئة عجيبة للانتشار بشكل كبير، وكان من الواضح جداً أنَّ أمريكا تهيِّئ لهم هذا الانتشار، وترعاه من خلال الأجهزة الرسمية التي سيطرت عليها، وتهيِّئ لهم الظروف.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد القائد 1442هـ