الطغيان الأموي انتهك كل الحرمات، وتجاوز كل الخطوط الحمر، واستباح المقدسات، واستهتر بالدين الإسلامي، واستعد الأمة وأذلها، وبلغ الذروة في ذلك، وصل إلى درجة الاستباحة لكل المقدسات، ما فعله طغاة بني أمية في مكة بإحراقهم للكعبة لمرتين، واستباحتها، والاستباحة لمدينة النبي "صلوات الله عليه وعلى آله"، وقتل سكانها، والاستباحة لذرية وعترة رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، والسعي لإبادتهم، والاستباحة للأمة بشكلٍ عام، للأمة الإسلامية، واعتبار الأمة عبيداً وخولاً لهم، واستهتارهم بالدين الإسلامي، وسعيهم لتحريف مفاهيمه، والتلعب به، واستئثارهم بثروة الأمة، واستغلالها لشراء الذمم والولاءات، والاضطهاد للأمة من خلال ما مَكَّنوا به أنفسهم، استئثارهم بإمكانات الأمة، وبناء قوة عسكرية تخدمهم لتنفيذ أهدافهم ومصالحهم فيما يضر بالأمة، وصولاً إلى الاستهتار بالقرآن الكريم، طغاة بني أمية كانوا يستهترون ويستخفون حتى بالقرآن الكريم، نظرتهم إلى القرآن وتعاملهم معه بالاستخفاف، والاستهتار، والسخرية، والاستهزاء، والسعي لتحريف معانيه، والسعي أيضاً لتغيير مفاهيمه، بالافتراء والتزوير، وكذلك الاستخفاف بالرسول "صلوات الله عليه وعلى آله وسلم"، والإساءة إليه، واختلاق الكثير من المرويات التي تشوِّه رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، وتسيء إليه أبلغ الإساءة، وهذا حدث كثيراً في تاريخهم، وقائلهم يزيد الذي قال:
تلعَّب بالبرية هاشميٌ بلا وحيٍ أتاه ولا كتاب
فما فعله بنو أمية بالأمة، وما وصلوا إليه من الظلم لها، والاستعباد لها، والإذلال لها، جعل الأمة في وضعية صعبة جداً، وفي تلك المرحلة التي نهض فيها الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ "عليهما السلام"، كانت وضعية الأمة قاسية جداً؛ لأن السيطرة الأموية كانت قد استحكمت قبضتها على الأمة من جديد، كانت ثورة الإمام الحسين ونهضة الإمام الحسين "عليه السلام" ضد الانقلاب الأموي على الإسلام، أحدثت تأثيراً كبيراً في واقع الأمة، واهتزازاً كبيراً لطغيان بني أمية، ثم أتت نهضة الإمام الشهيد زيد بن علي حفيد الحسين "عليه السلام"، أتت باعتبارها امتداداً لنهضة جده الإمام الحسين "عليه السلام"، وباعتبارها أيضاً من منطلق القرآن الكريم، والمبادئ الإسلامية، فهي ضرورة دينية، وهي كذلك نهضةٌ تمثل الامتداد للإسلام المحمدي الأصيل، فهي بكل هذه الاعتبارات تقدِّم لنا النموذج، القدوة والأسوة الذي نقتدي به، ونتأسى به، وهي أعطت أيضاً للحق حيويةً في واقع الأمة، وامتداداً واستمراراً في مستقبل أجيالها، وهي أسهمت بشكلٍ كبير في إسقاط الكيان الأموي الطاغوتي فيما بعد؛ ولذلك لها أهميتها الكبيرة، ولها علاقتها بنا وبواقعنا، وهي غنية بالدروس والعبر، التي نستلهمها ونستفيدها منها.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد 1444هـ