مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

القرآن الكريم أيضاً هو كتاب الله الحكيم، وكلما فيه يتصل بأسمائه الحسنى كافة، كل أسماء الله الحسنى، نرى ما يشهد لها، وما هو نتاجٌ لها ومرتبطٌ بها في القرآن الكريم، والله هو أحكم الحاكمين، “سبحانه وتعالى” هو مصدر الحكمة، {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ}[البقرة: من الآية269]، فكلما في القرآن الكريم من هداية، من توجيهات، من أوامر، كلما يقدمه لنا من التزامات عملية، هو من حكمته “سبحانه وتعالى”، ولذلك لا يمكن أن ننظر إلى أي رؤية، أو فكرة، أو مقترحات، أو تنظيرات، أو تصورات، أو مفاهيم، مقدَّمة من عند أي أحد، تخالف القرآن الكريم في أي مجال من مجالات الحياة، على أنها حكمة، أبداً، كلما يأتي وهو مخالفٌ للقرآن الكريم ليس بحكمة، الحكمة نجدها في القرآن الكريم، وأيضاً هذه من المشاكل الكبيرة في الساحة الإسلامية: أنهم يتجهون ابتداءً في مجالات كثيرة من شؤون حياتهم إلى إنتاج بدائل عن القرآن الكريم، وعمَّا يقدِّمه القرآن الكريم.

 

فعندما نأتي إلى الشؤون السياسية، والتي تتصل بمجالات حياة الناس، بتنظيم شؤون حياتهم، يبحثون عن بدائل، إما من خارج الساحة الإسلامية بكلها، بدائل من عند الكافرين بالقرآن، ممن لا يؤمنون بالقرآن، ممن لا يؤمنون بالله ورسله وأنبيائه، فيأتي البعض ليبحث ماذا قدَّموا من آراء، من أفكار، من تصورات، من مفاهيم، تتعلق بالجوانب السياسية لحياة الناس، ثم يرى ذلك أنه هو الأجدر بالإتِّباع، والأنسب للحياة، والأكثر واقعيةً لحياة الناس، وأنه الأفضل، الذي يجب الالتزام به، فتأتي شخصيات تتبنى ذلك، أحزاب تتبنى ذلك، تيارات، اتجاهات تتبنى ذلك، وبإعجاب وانبهار أحياناً، انبهار بما هو من عند الآخرين، مما أنتجه الآخرون من أفكارهم القاصرة، وما قدَّموه من تصورات خاطئة، نتيجةً للإعجاب به، ونتيجةً للانبهار به، يقدَّم في الساحة الإسلامية وتتحرك لفرضه أحياناً، أو للترويج له في أحيان أخرى، حركات، أحزاب، توجهات، ويأتي من يتعصب له بشدة، ويأتي من يسعى إلى إقناع الآخرين به بكل إعجابٍ واغترار، وهذه مشكلة جلبت لنا الكثير من المشاكل في ساحتنا الإسلامية، وساهمت في الإعراض عن القرآن الكريم.

 

على المستوى الاقتصادي مثلاً، تأتي كذلك الكثير من الرؤى والمفاهيم من خارج الساحة الإسلامية، والتنظيرات والأفكار من خارج الساحة الإسلامية، وفيها ما يتعلق بكثيرٍ من الأمور في المسألة الاقتصادية: السياسات الاقتصادية، النظم الاقتصادية، الخطط الاقتصادية، ثم تأتي المصائب والكوارث الكبيرة علينا في الساحة الإسلامية نتيجةً لذلك، تصبح تلك التنظيرات الاقتصادية، والسياسات الاقتصادية، والنظم الاقتصادية، هي السائدة في حياتنا في الساحة الإسلامية، والتي تبنى عليها حياتنا في واقعنا الاقتصادي، في المجال الاقتصادي.

 

أكثر من ذلك: تمتد هذه المسألة إلى الجوانب الاجتماعية، إلى جوانب كثيرة في شؤون حياتنا، حتى تصبح مسألة التبعية لأعدائنا، والتبعية للكافرين بديننا، والكافرين بكتاب الله، والكافرين بالله ورسله وأنبيائه، تصبح مسألة التبعية لهم، التأثر بهم، التقليد لهم، ممتدة في كل شؤون حياة الناس، يصبح ما يأتينا من جانبهم حتى على مستوى الأزياء، على مستوى الملابس، على مستوى الشكليات، حتى في الأشياء الشكليات، من الأساسيات إلى الشكليات، تصبح مسألة التبعية لهم، والتأثر بهم، والإعجاب بما هم عليه، وما يأتي من عندهم، تصبح هي السائدة لدى الكثير من الناس، وتصبح هي الموضة، وتصبح- بنظر الكثير من الناس- هي ما يعبِّر عن الحضارة والرقي، وما ينبهر به الكثير من الناس، هذه مشكلة كبيرة علينا في ساحتنا الإسلامية.

 

ولذلك يجب أن نعي وأن ندرك ماذا تعنيه هذه المفاهيم المهمة: مفهوم أنَّ القرآن الكريم هو كتاب الله الحكيم، وكلما فيه هو الحكمة، ما يرشدنا إليه هو الحكمة، يعني: لا أصوب منه، ليس هناك رؤية أرقى ولا أسمى ولا أكثر حكمةً مما يقدِّمه الله لنا في القرآن الكريم، وأنَّ هذه الحكمة لا تختص بمجال في حياتنا دون سائر المجالات، الحكمة في المجال السياسي، الحكمة في المجال الاقتصادي، الحكمة في نظم أمورنا الاجتماعية، الحكمة في كل مسيرة حياتنا، في كل مجالاتها وشؤونها، ولذلك يجب ألَّا ننبهر بأي شيءٍ يخالف القرآن، ألَّا ننظر إليه نظرة الاغترار به، ولذلك الله “سبحانه وتعالى” قال عن القرآن الكريم: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}[الزمر: الآية1]، ووصفه بأنه القرآن الحكيم، وصفه بالحكمة أتى كثيراً في القرآن الكريم.

 

القرآن الكريم هو تنزيل الله “سبحانه وتعالى”، تنزيل ربنا الملك، رب العالمين، ملك السماوات والأرض، قال “جلَّ شأنه”: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، تنزيل من الله العزيز العليم، {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}[غافر: الآية2]، {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت: الآية2]، قال “جلَّ شأنه”: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: الآية9]، أي كتابٍ، وأي اطروحات، أو رؤى، أو أفكار، تقدم إلى الناس، يمكن أن تكون في مستوى كتاب الله؟ الذي أنزله “سبحانه وتعالى” عالم الغيب والشهادة، الذي يعلم السر في السماوات والأرض، الذي هو العليم بمصالح عباده، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ}[الملك: الآية14]، العليم بنفوسهم، بأمورهم، باحتياجاتهم، بما هو الأصلح لهم، بما هو الخير لهم، بما فيه صلاح حياتهم في كل مجالاتها، هو “جلَّ شأنه” العليم.

 

وهو الملك، نحن ملزمون باتباع كتابه، هو دستوره لعباده، هو دستوره لعباده، وأنزله ليتبع، أنزله حجةً على عباده ليتبع، أنزله، وإنزاله له إلى عباده جزءٌ من تدبيره الواسع لشؤون مملكته الكونية الكبرى، ولذلك قال “جلَّ شأنه”: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}[الإسراء: من الآية105].

 

إذا كنا قد ننظر إلى ما يأتينا من البعض إلى أنه من شخصيات مشهورة بمنزلتها العلمية، أو مكانتها العلمية، أو مشهورة بأنها تمتلك الرؤى والتصورات الحكيمة، أو مشهورة أنها ذات تخصص ومعرفة واسعة في مجال من المجالات، فهذا لا يقارن أبداً بالنسبة إلى علم الله، وحكمته، ورحمته، هذا شيء لا يقارن أبداً، ليس هناك أي مقارنة، فلا يساوي شيئاً ما يقدم من الناس، مهما كانت مكانتهم العلمية، مهما كانت تخصصاتهم، عندما يأتي منظر في المجال الساسي، أو يطلق عليه خبير في المجال السياسي، أو خبير في المجال الاقتصادي، فما يقدمه وكان مخالفاً للقرآن فلا يساوي شيئاً، ليس له أي قيمة نهائياً، لا شك في أنه خطأ، لا شك في أنه لا يصلح لحياة الناس أصلاً.

 

الله قال عن القرآن الكريم: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}، أنزله بالحق، مقتضى ملكه لعباده، قيامه بأمر عباده، بأمر مملكته، بشؤون خلقه، يقتضي أن يقدم لهم منهجاً ونظاماً لحياتهم، لمسيرة حياتهم، لشؤون حياتهم، تعليمات واضحة، منهج واضح.

 

 [الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي 

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الثانية 1442هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر