نحن في هذه المرحلة كأمةٍ مسلمة بحاجة إلى عمل كبير، وعمل أساسي لتعزيز وترسيخ هويتنا الإيمانية، وركائز هذه الهوية الإيمانية تبدأ من تعزيز الصلة بشكلٍ دائم بالله “سبحانه وتعالى”، برسوله وبكتابه، وكعمل أساسي؛ لأن هذا من المتطلبات الضرورية للبناء الإيماني، والارتقاء الإيماني، وللتربية الإيمانية، ونحن كمجتمعٍ مسلم من البديهي ومن الطبيعي أن يكون من أهم أولوياتنا التربية الإيمانية، والتنشئة الإيمانية، والارتقاء الإيماني في كل مسيرة حياتنا.
ونحن كشعبٍ يمني في المقدمة، يمن الإيمان والحكمة، يجب أن نكون في الصدارة، وأن نحوز السبق في اهتمامنا بهذا الجانب: التربية الإيمانية بركائزها الأساسية، وبقدر ما يكون لدينا من اهتمامات على كل المستويات: ثقافياً، وفكرياً، في مناهجنا التعليمية، في أنشطتنا العامة على ترسيخ هذه الهوية الإيمانية وهذه التربية الإيمانية، سنرى أثرها الكبير في واقع حياتنا، وستصحح لنا واقعنا إلى حدٍ كبير، وسيكون أثرها في كل مجالات الحياة أثراً مميزاً وعظيماً؛ لأن الإيمان قيمة إلهية عظيمة وسامية، وصلةٌ عظيمةٌ بالله “سبحانه وتعالى”، ارتبطت بها كل وعوده العظيمة بالرحمة والنصر والفلاح والفوز في الدنيا والآخرة، قيمة عالية للإنسان أن يكون إنساناً مؤمناً بالله، من المؤمنين الصادقين بالله “سبحانه وتعالى”، مرتبطاً بالأنبياء، ومتأسياً بهم، ومقتدياً بهم، وملتزماً بتعليمات الله “سبحانه وتعالى”، هو يحقق لنفسه إنسانيته والقيم الإنسانية الفطرية على أرقى مستوى، وهو يحقق لنفسه الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة.
ثم أيضاً لنحمي أنفسنا في مواجهة الهجمة التي تستهدفنا، نحن بحاجة بشكل تلقائي، بشكل طبيعي وبديهي في مسار اهتمامنا الإيماني إلى العناية بهذه المسألة، ولكن أيضاً نحتاج إليها في مواجهة هذه الهجمة، هناك في عالم اليوم هجمة صريحة تستهدفنا كأمةٍ مسلمة؛ لفصلنا عن ارتباطاتنا الإيمانية، هجمة مسيئة إلى الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله”، هجمة مسيئة إلى الإسلام، هجمة مسيئة إلى المسلمين، هجمة تستهدفنا أول ما تستهدفنا في ثقافتنا وفي فكرنا، في إيماننا وفي إسلامنا؛ بغية السيطرة الفكرية علينا، بغية السيطرة الثقافية علينا، بغية السيطرة على قلوبنا وعقولنا، ومشاعرنا، وتوجهاتنا، وأفكارنا؛ وبالتالي السيطرة علينا سيطرةً كاملة، هذه مسألة مهمة، مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت والقنوات الفضائية، وكل الوسائل ذات التأثير الثقافي والفكري والنفسي، والأعداء يشتغلون من خلالها شغلاً كبيراً وواسعاً، شغلاً للتشكيك بالعقائد، شغلاً لفصل الناس عن الرسول والقرآن، شغلاً مكثفاً للإساءة إلى الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله”، وسعياً لفصل الإنسان المسلم- بل البشر كافة- عن هذا الانتماء العظيم، عن هذه الصلة المهمة بمصدر الهداية الإلهية، هنا نحتاج إلى تعزيز الارتباط والصلة، وتوثيق هذه الصلة؛ حتى تكون وثيقةً بما يكفي في مواجهة كل الهجمات الثقافية والفكرية.
هناك نشاط واسع بكل الوسائل يعتمد عليه أعداؤنا كأمةٍ مسلمة، عنوانه ينحصر في مفردتين: (تضليل، وإفساد)، تضليل ممنهج وشامل على المستوى الثقافي والفكري والمفاهيم، وحتى في التأثير على الرأي تجاه كل مستجد، وتجاه مختلف القضايا، وهناك شغل كبير لإفساد الإنسان المؤمن، إفساد الإنسان المسلم رجلاً أو امرأة، إفساد الشاب المنتمي للإسلام في أخلاقه، في قيمه، في روحيته، في زكاء نفسه، سعي لتدمير قيمه وأخلاقه؛ حتى يتحول إلى إنسان تافه، مائع، ضائع، تسهل السيطرة عليه، يمكن التأثير عليه، يمكن التضليل له، يمكن الإغواء له، يمكن الاستغلال له، حتى يمكن أن يكون مجرد دمية بيد الاستعمار الغربي، إذا فقد كل هذه المقومات التي تحصنه، تحصنه في وعيه، في ثقافته، في أخلاقه، في قيمه، في اهتماماته.
هناك سعي ألَّا نكون أصحاب مشروع كأمة مسلمة، أن نكون نحن مشروعاً للآخرين: مشروعاً للأمريكي، مشروعاً للإسرائيلي، مشروعاً للغرب، أمة مستعمرة، مستعبدة، مستغلة، لا نكون أصحاب مشروع ذاتي بحكم انتمائنا، بحكم هويتنا، هذا الذي يريده أعداؤنا ويسعى له أعداؤنا: الاستهداف لنا في انتمائنا، في ثقافتنا، في هويتنا الإسلامية والإيمانية، السعي لفصلنا عن مصادر الهداية الإلهية، وفي مقدمتها الرسول والقرآن، هو سعيٌ للسيطرة علينا، سعيٌ لاستغلالنا، سعيٌ لاستعبادنا، سعيٌ للاستحواذ علينا في كل شيء، وهذا ما لا يجوز أن نرضى به، ولا أن نقبل به، ويجب أن نتحصن كلياً من خلال هذه الصلة الوثيقة بالهداية الإلهية، بالرحمة الإلهية، بفضل الله “سبحانه وتعالى”، بقرآنه ورسوله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، ثم سنرى كم سنكون أقوياء بالله “سبحانه وتعالى”، وبهذه الهوية التي نعزز صلتنا بها في مواجهة كل قوى الاستكبار، فلا تستطيع لا أمريكا، ولا كل الغرب، ولا إسرائيل، ولا أذيالهم، ولا عملاؤهم، أن يستغلونا، ولا أن يسيطروا علينا، ولا أن يتحكموا بنا، ولا أن يصادروا حرياتنا الحقيقية، ولا أن يهيمنوا علينا ولا على بلداننا، ولا أن ينهبوا ثرواتنا، حينها ستتحقق لنا الحرية في مفهومها الصحيح، الذي هو التحرر من كل أشكال العبودية، إلا لله “سبحانه وتعالى”؛ لأنه هو ربنا الحقيقي، المالك الحقيقي لنا، المنعم العظيم علينا، الذي يمتلك كل هذا العالم، فهو الملك والمالك، فنتحرر من كل أشكال العبودية لغيره من البشر ومن كل الطواغيت، هذه مسألة مهمة جدًّا، تعني لنا أن نتحصن من كل التأثيرات في الهجمة الصريحة التي تستهدفنا كمسلمين، وباتوا يتحدثون عن الإسلام بشكلٍ صريح بطريقة سلبية.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
في افتتاح الفعاليات والأنشطة التحضيرية لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1441