حجم التأييد الإلهي، والمعونة من الله تعالى، فوق ما يتخيله الناس، أنا أؤكد على هذه الحقيقة، الذي منَّ الله به من المعونة، والنصر، والتأييد، في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس)، فوق ما يتخيله الناس، يحتاج استيعاب، إلى تأمل، إلى تفهم؛ لأن هناك حقائق واضحة، ووقائع، وقائع تثبت هذه الحقيقة، الأحداث من جهة، ما حصل ويحصل، واعترافات الضباط، والمسؤولين، والخبراء، والدراسات لدى الأعداء من جهة أخرى، يمكن للإنسان أن يتحقق من هذا، ويتَّضح له ذلك، فهزيمة القوة البحرية، وفشلها، وما حدث لحاملة الطائرات، التي كانت أعجوبة لدى الأمريكيين، والدول الغربية، فيما يمتلكه الأمريكي من قدرات عسكرية، كان يخيف بها الآخرين، يكفي عندما يتأزم الوضع بينه وبين الصين، أو أي دولة أخرى، أن يبعث حاملة الطائرات؛ ليرجف، ويخيف، وليحاول أن يزرع الهزيمة النفسية، وأن يضغط.
أمَّا حينما يبعث حاملة الطائرات ويرسلها للعرب، فهي الحالة الغريبة جداً، مستوى الرعب، والذعر، والانهزام، والضعف، إلى درجة رهيبة جداً، هذا واضح في الواقع العربي، ما إن تأتي حاملة الطائرات لتصل إلى الخليج، أو لتصل إلى البحر الأحمر، أو إلى البحر الأبيض المتوسط، إلَّا ويخضع الزعماء العرب بمعظمهم، ويخشعون، وترتعد فرائصهم، ويتراجعون عن أي شيءٍ لا تريده أمريكا، ويوافقون على أي شيءٍ تطلبه منهم أمريكا، يخضعون خضوعاً مطلقاً لأمريكا.
ففي إطار أن تأتي أمريكا بحاملة الطائرات، لتكون ضمن وسائلها، وما تعتمد عليه في مواجهتها، في عملية الإسناد: إسنادها للعدو الإسرائيلي ضد بلدنا، فإذا بها يتغير حالها تماماً؛ لأنها أصبحت مستهدفة بالنسبة لقواتنا المسلحة، جعلت منها هدفاً أساسياً، وصيداً ضخماً، وأصبحت مطاردةً بكل ما تعنيه الكلمة في البحر.
كان الإخوة الأعزاء المجاهدون في الصاروخية، والمسيَّرة، والبحرية، يبحثون عنها بحثاً، يحاولون أن يعرفوا أين هي بالتحديد؛ ليستهدفوها، وعندما يحصل أي استهداف يتوجه نحوها، كانت تهرب، ومن هروب إلى هروب، وهي تهرب من هنا إلى هناك، تحوَّلت مهمتها في البحر إلى مهمة هروب، بدلاً من مهمة الهجوم، وحالة الضغط النفسي، والرعب، والذعر، والخوف لدى طاقمها، والعاملين عليها، كانت واضحة، وهم يتحدثون هم عن ذلك، وصل الحال بكثيرٍ منهم إلى المرض النفسي، والأزمات النفسية الكبيرة جداً، والحالة- كذلك- مع بقية القطع الحربية، تقوم بمهمة الهروب بأكثر من أي مهمة أخرى.
كذلك فيما يتعلِّق بفخر الطائرات الأمريكية في الطيران غير المأهول [MQ-9]، [MQ-9] حالها أيضاً اتَّجهت إلى أن وصلت إلى اليأس في أن يكون لها دور فاعل ومعتمد عليه، لإنجاز المهمات التي تعوِّل عليها أمريكا، عندما كانت تضرب، وتستهدف، وتسقط باستمرار، وهذا مؤثِّر على الأمريكي، وهناك تقارير كثيرة، وتصريحات كثيرة، واعترافات كثيرة، من مسؤوليهم، وضباطهم، وأصحاب الدراسات والخبرات لديهم، بهذا الشأن، فما حصل لهم أن [تبوِّر] طائرات [MQ-9]، وأن [تبوِّر] حاملة الطائرات بنفسها، إلى درجة أن يقولوا عنها في أمريكا: أنه يظهر أنها أصبحت سلاحاً قديماً، عفا عليه الزمن، لم يعد بإمكانها أن تؤدِّي الدور الذي كان لها سابقاً؛ لأنها أصبحت في محل عامل ضغط عليهم؛ تُستهدف، وتنشغل بمهمة الهروب من هنا إلى هناك، وتمثل هذه إشكالية كبيرة عليهم، هذا الشيء مهم جداً، وتطور كبير في مسار الأحداث، ومن مصادق وشواهد التأييد الإلهي العظيم.
استخدام قواتنا المسلحة للصواريخ البَالِسْتِيَّة، ضد أهداف بحرية متحرِّكة، وكذلك القصف بمديات بعيدة إلى المحيط الهندي والمتوسط، كل ذلك نجاحٌ عظيم بمعونة الله وتأييده، انبهر منه الأعداء، وتفاجأوا به، وحسبوا له حسابه، واعتبروا مسألة استخدام الصواريخ البَالِسْتِيَّة ضد أهداف بحرية متحرِّكة: أنه لأول مرة في التاريخ يحصل.
ومع الفشل العسكري الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، ومع النجاح الكبير، والانتصار العظيم، الذي منَّ الله به في إغلاق البحر الأحمر على الحركة الملاحية الإسرائيلية، وتعطيل- أيضاً- قرابة النصف من الحركة الملاحية للعدو الإسرائيلي، فيما يتعلق بحركته إجمالاً، منعه في البحر الأحمر، إلى درجة تكاد تنعدم أي حركة تابعة للعدو الإسرائيلي، والتأثير عليه على المستوى الإجمالي بالنظر إلى بقية الموانئ.
الأمريكي فشل فشلاً واضحاً، ومعه البريطاني تابعه الذليل، على الحفاظ والحماية للملاحة الإسرائيلية، وما كان لذلك أيضاً من تأثير اقتصادي على الإسرائيلي، تأثير اقتصادي كبير على الأمريكي، على البريطاني، إلى درجة أنَّه لا شك أنَّ للتأثير على الاقتصاد البريطاني علاقة بسقوط الحكومة التي سقطت في هذا الأسبوع، وأتت بعدها حكومة أخرى؛ لأن هذا كان له تأثير كبير جداً في الواقع البريطاني.
فمع كل هذا، الأمريكي وقع في مأزق، مأزق حقيقي؛ لأنه يواجه الأعباء، وتورَّط في مشكلة، تحمَّلها هو البريطاني مع الإسرائيلي، وخلافاً للعادة، يعتاد دائماً أن يتورَّط معه الآخرون، وأن يتحمَّلوا أعباءً كبيرةً معه، وأن يكونوا شركاء في الخسارة معه، هذه المرة هو تورَّط، وقد حاول بكل جهده أن يورِّط الآخرين، حاول أن يورِّط الأوروبيين، حاول الأوروبيون أن يتعاملوا بذكاء مع ضغوطه، مع أنَّ البعض منهم أرسلوا بارجاتهم إلى البحر الأحمر، وقالوا: [في مهمة دفاعية بحتة]، فكانوا في حالات معينة يشاركون في الاعتراض للطائرات المسيَّرة، لكن دون أن يقصفوا إلى بلدنا بأي شيء، أن يقصفوا من البحر إلى بلدنا، هذا تجنبوه تماماً، ومع ذلك كانت تمثل هذه مشكلةً لهم، تدخلهم مع الأمريكي في البحر الأحمر لاعتراض المسيَّرات التي لا تستهدفهم أصلاً، مثَّل هذا مشكلةً كبيرةً عليهم، وأعباء واضحة، ولكن حاولوا بهذه الطريقة أن يتعاملوا مع الضغوط الأمريكية عليهم.
هناك أيضاً الكثير من دول العالم التي تعاملت بذكاء، وفطنة، وحكمة، تجاه هذا الموضوع، فرفضت أن تشارك مع الأمريكي بأي شكلٍ من المشاركة، فيما يقوم به في البحر الأحمر، والبحر العربي، من إسناد للعدو الإسرائيلي، وسعي لحماية الملاحة الإسرائيلية، وعدوان على بلدنا، وهذا شيءٌ مهم بالنسبة لكل الدول التي تتحرر من التبعية العمياء للأمريكي، والخضوع المطلق للأمريكي، أكثر دول العالم لم تتورَّطوا، ودخلت في تنسيق مباشر معنا في هذا البلد، وتعتبر حركتها الملاحية آمنة، وتمر بسلام.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة ألقاها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية
الأحد 1 محرم 1446هـ 7 يوليو 2024م