مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

كان من العناوين البارزة والمواقف الواضحة في نهضته "عليه السلام": اهتمامه الكبير بأمر المسلمين، وألمه على واقعهم، وحزنه الشديد على وضعهم، وسعيه للتغيير تجاه ذلك، وهو الذي قال كلمته الشهيرة: ((لوددت أنَّ يدي ملصقةٌ بالثريا)): تلك مجموعة النجوم التي في عنان السماء، ((لوددت أنَّ يدي ملصقةٌ بالثريا، فأقع إلى الأرض أو حيث أقع، فأتقطع قطعةً قطعة، وأنَّ الله أصلح بي أمر أمة محمد "صلى الله وسلم عليه وعلى آله")).

في ثباته على موقفه بالرغم من الواقع المأساوي آنذاك في قلة المستجيبين، في تأثر الكثير من أبناء الأمة بالظروف التي كانت قائمة، وتكبيلهم بقيود الخوف، والرعب، والاستسلام، والخنوع، إلَّا أنه كان مصمماً وعزماً على النهضة تلك، بعد أن رأى ما قد وصل الوضع إليه إلى درجة الاستهتار والاستهانة بكل شيءٍ من الإسلام، حتى بمقدساته، حتى برسوله "صلوات الله عليه وعلى آله"، وقد حضر يوماً بعد استدعائه الإجباري من قبل السلطان والملك الأموي، وعندما وصل إلى مجلسه، كان في محضر الملك الأموي هشام أحد اليهود، يهودياً بحضرته، فكان يسب رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، والملك الأموي يسمع ولا يغضب من ذلك، ولا يستاء من ذلك، فغضب الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ "عليهما السلام"، وانتهر ذلك اليهودي وزجره، وقال: ((لئن أمكنني الله منك لاختطفنَّ روحك))، فغضب الملك الأموي هشام، وقال: [مه، لا تؤذ جلسينا يا زيد]، فهو يقف إلى جانب اليهودي الذي يسب رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، ويغضب من زيدٍ "عليه السلام"؛ لأنه نهى عن ذلك المنكر، عن ذلك الباطل، عن تلك الإساءة إلى أعظم رمزٍ للأمة وللبشرية، إلى سيد الرسل وخاتم الأنبياء رسول الله محمد "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله".

فالإمام الشهيد زيدٌ "عليه السلام" قال: ((والله لو لم يخرج إلا أنا وابني يحيى لخرجت وقاتلتهم))؛ لأنه رأى الأمور قد وصلت إلى أسوأ ما يمكن أن يتصوره الإنسان، انقلاب على مبادئ الإسلام، على مقدساته، استهتار شامل بالدين، وبالأمة... وبكل شيء.

ولذلك حينما نهض، استمر تحركه في السعي لجمع الأنصار، واستنهاض الأمة، بعد نشاط واسع على المستوى التوعوي والتثقيفي والتعليمي، وحركة واسعة في واقع الأمة، إلَّا أنَّ تحركه في سياق الثورة والنهضة العسكرية كان على مدى بضعة عشر شهراً، بنشاط مكثف، وبطريقة حكيمة وأمنية ومدروسة، ولكن في الأخير واجه حالة التخاذل عندما تحرك في الكوفة، التخاذل الكبير من الناس، مع أنَّ الكثير كانوا قد أعلنوا أو عاهدوا، كانوا قد عاهدوه بأن يقفوا إلى جانبه، بأن ينهضوا معه، بأن ينصروه، الآلاف كانوا قد عاهدوه على ذلك، ولكنهم تخاذلوا، فلم يتراجع عن مواقفه نتيجةً لما رآه من تخاذل الناس، صمم على الثبات على موقفه المبدئي، الموقف الإيماني بكل ما تعنيه الكلمة، حتى استشهد، بعد أن ترك أثراً كبيراً جداً، حتى الملحمة القتالية التي خاضها كانت ملحمةً عظيمة، استبسل فيها، وقدَّم فيها نموذجاً مميزاً في الاستبسال، والتفاني، والصبر، والتضحية، والفاعلية في موقف الحق، مع القلة القليلة من الأنصار، والإمكانيات المتواضعة على مستوى العدة.

الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ "عليهما السلام" عندما أصيب وهو يقاتل في تلك المعركة، وأتاه سهمٌ إلى جبينه، إلى يسار جبينه (جبهته)، في صدغه الأيسر، قال كلمته الشهيرة التي استقبل بها الشهادة: ((الشهادة الشهادة، الحمد لله الذي رزقنيها))، وما أشبه مقامه ذلك بمقام جده أمير المؤمنين عليٍّ "عليه السلام" حين قال عندما أصيب وأتته الشهادة: ((فزت وربِّ الكعبة))، فالإمام الشهيد زيد بن عليٍّ "عليهما السلام" عندما أصيب، استقبل الشهادة بهذا الاستبشار، بهذا الاطمئنان، بهذه السعادة، فهو يعتبر نفسه فائزاً، وتحقق له احدى الحسنيين، وهو يطمئن إلى أنَّ الله "سبحانه وتعالى" سيبارك جهوده وتضحياته، فيكون لها الأثر المستمر في واقع الأمة وإن استشهد هو، وكان تاريخ استشهاده "عليه السلام" عشية الجمعة لخمسٍ بقين من المحرم في سنة مئة واثنان وعشرون للهجرة النبوية.

الدروس في هذه النهضة المباركة دروسٌ كثيرة، بالعودة إلى كتب التاريخ، وما كتب عن الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ "عليهما السلام"، هناك الكثير الكثير مما يفيد هذه الأمة، وأهميتها للأمة اليوم فيما تواجهه من تحديات بما تصنعه من وعي، بما ترسِّخه من الاستشعار العالي للمسؤولية والقدوة، بما- كذلك- تهيئ الإنسان عليه من الاستعداد للتضحية في سبيل الله "سبحانه وتعالى"، والصبر، والاستبسال، والتفاني.

نحن في هذه المرحلة كأمة بشكلٍ عام، وشعبنا اليمني العزيز فيما يواجهه من تحديات، نرى أنفسنا معنيين بأن نواجه ما واجهه الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ "عليهما السلام" في ذلك العصر في مواجهة طغيان عصرنا، الطاغوت في هذا العصر المتمثل بأمريكا وإسرائيل، ومن يدور في فلكهم، ومن يتحرك معهم، من يتحالف معهم في الاستهداف لهذه الأمة، لضرب شعوب هذه الأمة، لظلم هذه الأمة، نحن كشعبٍ يمنيٍ من واقع انتمائنا للإيمان، من واقع ما ناله هذا الشعب من وسام شرفٍ كبير، عندما قال عنه رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله": ((الإيمان يمان، والحكمة يمانية))، معنيون بأن نتحرك، بأن نتصدى لأعدائنا، الذين يستهدفوننا بمثل ما كان المجتمع المسلم مستهدفاً به في ذلك العصر، وفي تلك المرحلة من الزمن، ما تسعى إليه أمريكا وإسرائيل وعملاؤهم هو الاستعباد لهذه الأمة، الإذلال لهذه الأمة، النهب لثروات هذه الأمة، ما يفعلونه بهذه الأمة من ظلم، من جبروت، ما يرتكبونه بحقها من جرائم في اليمن، في فلسطين... في بلدان كثيرة، هو بتلك الوحشية التي كانت في ذروة الظلم والطغيان الأموي، بل أكثر من ذلك بكثير، في هذا العصر وهذا الزمن الذي تطورت فيه الوسائل والإمكانات؛ ولذلك نحن معنيون بأن يكون لنا الموقف الواعي، والتحرك الجاد، والاستعداد العالي للتضحية، وإدراك ضرورة التحرك على المستوى الإيماني، وعلى المستوى الأخلاقي، وعلى مستوى إنقاذ الأمة؛ لأنها نهضة إنقاذية للأمة.

وأبرز وأكبر تهديد لهذه الأمة بشكلٍ عام، هو: سعي الأعداء لإخضاعها للتبعية والخنوع والاستسلام لأمريكا وإسرائيل، وحلفاء أمريكا وإسرائيل، هذا تهديد على دين الأمة، تهديد يؤثر عليها في علاقتها بكتاب الله تعالى، بنهج نبيه "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله"، تهديد لهذه الأمة في مبادئها وأخلاقها وقيمها، تهديد يؤثر على هذه الأمة ويخضعها خضوع الاستعباد والإذلال والقهر والاضطهاد لطاغوت العصر، الذي لا يمتلك لا رحمةً، ولا إنسانيةً، لا يبالي بالشعوب، لا يريد لها الخير، ممارساته إجرامية، وحشية، ظالمة، يشهد لها الواقع في اليمن، والعراق، وفلسطين... وفي مختلف البلدان.

المؤامرات أيضاً التي يتحرك بها الأعداء لاستهداف هذه الأمة بالفتن في واقعها الداخلي، وفي وضعها الداخلي تحت مختلف العناوين، كذلك هي جزءٌ من المعركة التي تستهدف بها هذه الأمة من قبل أعدائها أولئك، المخططات التي هي لتجزئة هذه الأمة، وتقطيع أوصالها، وتقطيع أوصال كل بلدٍ على حدة، وزرع حالة التباين إلى أقصى حد بين أبناء هذه الأمة، الظلم لهذه الأمة والاستهداف لها في نهب ثرواتها وخيراتها... إلى غير ذلك من أشكال الاستهداف، الحملات الرهيبة الساعية لإضلال أبناء هذه الأمة على المستوى الثقافي والفكري، والنشاط الدعائي الإعلامي الواسع، والذي يستفيد في هذا العصر من وسائل الإعلام المتنوعة، والتي منها: مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية... وغيرها، حالة الاستهداف الشاملة لهذه الأمة، والظلم الكبير لهذه الأمة، يتوجب مع ذلك كله أن نعي مسؤوليتنا أمام الله "سبحانه وتعالى"، وما فيه الخير لنا، وما يمثل انقاذاً لنا، وما يكون سبباً لأن نحظى من الله بمعونته، ونصره، وتأييده، وهو أن نتحرك وفقاً لمسؤولياتنا في التصدي لكل تلك المؤامرات، ولكل مساعي الأعداء في ذلك.

الدور الذي يلعبه النظام السعودي والنظام الإماراتي تحت عنوان التطبيع، تحت عنوان التحالف مع أمريكا لاستهداف هذه الأمة بمختلف المؤامرات، وأيضاً بالاعتداء على شعوب هذه الأمة، ومنها: شعبنا اليمني العزيز، الذي استهدف بشكلٍ كبير، وعانى من العدوان الذي نحن اليوم في العام الثامن منذ بداية ذلك العدوان والحصار الظالم على هذا الشعب، كل ذلك هو في هذا السياق، الذي يهدف الأعداء من خلاله إلى إخضاع شعوب هذه الأمة لأعدائها، تمكين أعدائها من السيطرة عليها، ونهب ثرواتها ومقدراتها، والاستغلال لها في كل شيء، وهو ظلمٌ كبير، وخطرٌ كبير، الأولوية بالاعتبار الإيماني والأخلاقي والإنساني، وباعتبار النظرة الصحيحة والحكمة، هي في التصدي لهذا الخطر، وبذل كل جهد في العمل على مواجهته في كل المجالات، والتصدي له في كل المجالات، هذه هي الأولوية الصحيحة لكل إنسانٍ يمتلك البصيرة والوعي، ولديه إحساس بالمسؤولية، ويتحرك بناءً على استشعار مسؤوليته أمام الله "سبحانه وتعالى".

 [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد 1444هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر