وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}[الرحمن: 9-10]، الأرض التي يعيش فيها الإنسان، الله "سبحانه وتعالى" هيأها للخلق، هيأها للبشر، جعلها مجهزةً تجهيزاً عجيباً يلائم حياة هذا الإنسان ويناسبه، في بيئتها، في حرارتها، في برودتها بما يلائم هذا الإنسان ويناسبه، وبما يهيئ له استمرارية حياته، وأيضاً في جغرافيتها، مساحات شاسعة وواسعة، يستغلها الإنسان للعمران، وللزراعة، ولأعراض متعددة.
أيضاً جبالها التي هي أوتاد لها؛ لكي لا تكون مضطربةً بشكلٍ مستمر، ولكن الكثير منها أيضاً مكسوٌ بالتراب، ويمكن أن يستغله الإنسان، وأن يسكن عليه، وأن يستقر فيه، وأن يكون له فيه أنشطة زراعية، وظروف حياتية ملائمة له لأشكال متعددة من متطلبات هذه الحياة، ومنافعه في هذه الحياة.
ثم أيضاً هذه الأرض، ببيئتها وجغرافيتها، تناسب الإنسان في السير عليها، والحركة فيها، والعمران عليها، والزراعة فيها، فهي مجهزة تجهيزاً مناسباً جداً.
{فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}[الرحمن: 11]، في هذه الأرض، وفيما هيأ الله للإنسان فيها: الفواكه، الفواكه هي في مقدمة المواد الغذائية المناسبة جداً للإنسان، وهي من النعم العجيبة على هذا الإنسان؛ لأنها نعم مستساغة، وذات قيمة غذائية مهمة جداً لحياة الإنسان، وذات قيمة غذائية وطبية تفيد هذا الإنسان، وهي في أصلها، في أشكالها، في قيمتها الغذائية، في مذاقها، في أنواعها الكثيرة جداً، من مظاهر رحمة الله بهذا الإنسان، وتكريمه لهذا الإنسان، نعمة وتكريم؛ لأنها مستساغة، وجميلة، وذات قيمة غذائية، ومناسبة لحياة الإنسان، حتى أن الإنسان يستمتع بأكلها، ويتذوقها، فيها جمالها، ولونها، وشكلها، ومذاقها، وفوائدها، وهي من النعم الكبيرة، وهي أصناف كثيرة جداً، ومنتشرة على الأرض، فيتوفر في مناطق من الأرض أصناف لا تتوفر في منطقة أخرى، وتتكامل بها العملية التجارية بين بني البشر.
النخل كذلك خص بالذكر؛ لأنه أيضاً نعمة متميزة جداً، ومتوفرة بشكلٍ كبير، {وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}، مع الجانب الجمالي فيها كلها.
{وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ}[الرحمن: 12]، الحب بأنواعه، مثلاً: القمح، الشعير، الذرة... أصناف كثيرة جداً تدخل تحت عنوان الحب، الحبوب أنواع كثيرة جداً، وهي من المواد الغذائية الرئيسية للإنسان، التي يعتمد عليها في غذائه وحياته، وتناسبه، وهيأ الله للإنسان أن تتوفر له بأشكال وأصناف كثيرة جداً، ويسر ذلك، حتى أنها على المستوى الزراعي من أسهل الأشياء في زراعتها، ومن أكثرها وفرةً في إنتاجها؛ لأنها أساسية في غذاء الإنسان، فكانت على هذا النحو: يتيسر زراعتها، وتتوفر محاصيلها، ويكثر منتوجها، إذا تحرك الإنسان في إطار هذه النعم.
{ذُو الْعَصْفِ}: الحب أيضاً فيه الثمار التي يستفيد منها الإنسان بشكلٍ مباشر، وفيه (عصفه): تبنه، وقصبه، وورقه، الذي يستفيد الإنسان منه في إطعام حيواناته، ماشيته، البقر، الغنم، الإبل، يستفيد الإنسان لإطعام هذه الحيوانات الأساسية، التي يحتاج إليها الإنسان هي، ويستفيد منها، من حليبها، من لحومها، من جلودها، من شعرها، يستفيد منها الإنسان فائدةً كبيرةً في هذه الحياة، فكانت نعمة أضيفت إليها نعم كبيرة على هذا الإنسان.
وَالرَّيْحَانُ}: كل النباتات العطرية ذات الرائحة الطيبة والزكية، وسع الله على هذا الإنسان في النعم ليس فقط في غذائه واحتياجاته الغذائية، وإنما أيضاً حتى إلى هذا المستوى: أن يقدم لك "سبحانه وتعالى"، وأن يخلق لك، وأن ينعم عليك بكثير من الأشجار العطرية، ذات الرائحة الزكية الطيبة، التي تستمتع برائحتها، ترتاح برائحتها الزكية، مع ما فيها أيضاً من فوائد طبية، وقيمة غذائية، ومنافع كثيرة جداً يستفيد منها الإنسان، والإنسان يلحظ هذا الجانب في حياته: الروائح الزكية والطيبة، التي ينتعش بها، يرتاح بها، ويصنع الآن منها الكثير والكثير من المنتجات، من العطور وغيرها، التي يستخدمها في إطار هذه النعمة الواسعة جداً عليه.
كل هذه النعم العجيبة المتنوعة، وهذا النموذج المتكامل، الذي قدم لنا أصنافاً كثيرة، نعم عظيمة جداً، يقول الله عنها: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: الآية13]، بأيٍ من هذه النعمة يمكن أن تكذب، هل يمكنك أن تقول أن الشمس كذبة كبيرة، وأنه لا وجود للشمس، أو لا وجود للقمر، أو لا وجود لهذه الأرض بهذه الكيفية، وأنت تعيش عليها، وترى كم هي مهيأةٌ لك؟ هل يمكن أن تنكر وجود هذه الأشجار والنباتات، وهذه النعم: نعمة التعليم، نعمة الهداية، نعمة خلق الإنسان بهذه الكيفية، نعمة ما خلق له في هذه الأرض، نعمة الفواكه، نعمة العدل، نعمة الحبوب هذه، نعمة الرياحين، كل هذه النعم نعم ملموسة، مرئية، مشاهدة، لا يمكن للإنسان أن ينكرها أبداً، وأن يكذب بها.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الخامسة 1442هـ