{وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ}[الرحمن: الآية24]، وله “سبحانه وتعالى” السفن، السفن هي تدبير إلهي، وهي نعمةٌ من الله “سبحانه وتعالى” أنعم بها على الإنسان، ويستفيد منها بشكلٍ كبيرٍ جدًّا في حياته، ولهذا نلحظ أن الإنسان يعتمد بشكلٍ أساسي في حركته التجارية والنقل التجاري ما بين البلدان- ولمسافات شاسعة وبعيدة- على السفن، ومعظم احتياجات الإنسان تنقل في هذا الزمن، وفي مراحل كثيرة من حياة الإنسان، تنقل عبر السفن، حركة النقل التجاري- كما قلنا- تعتمد على السفن، وهذا الدور الكبير جدًّا للسفن في حركتها، ونقلها لمختلف احتياجات الإنسان، وبكميات كبيرة جدًّا، يعني: أحياناً تصل سفينة واحدة في هذا الزمن، وهي محملة، مثلاً: بالنفط، بالبترول، بالبنزين مثلاً، وفيها ما يكفي- أحياناً- احتياج شعب كامل لمدة شهرٍ كامل، أو وهي محملة بمئات الآلاف من أطنان القمح، وفيها ما يغذي شعباً يكون تعداده ثلاثين مليوناً، أو نحواً من ذلك، لشهر كامل، مئات آلاف الأطنان من القمح، سفينة واحدة، هذا ييسر الحركة، يعني: لو لاحظنا مثل هذه الحمولة، كم كانت ستحتاج في نقلها براً من وسائل نقل، مثلاً: قاطرات، أو ناقلات، كم كانت ستحتاج؟ وكم كانت ستحتاج من الوقت؟ بينما هي عبرت من خلال الحركة البحرية، قد تكون عبرت من قارة بعيدة إلى قارة أخرى، مسافة شاسعة وبعيدة جدًّا، ولكن لأنها أتت عبر البحر، وعبر هذا الاتصال البحري، أمكن لها أن تصل في وقتٍ مبكر، أقرب مما كانت ستحتاج إليه من خلال الحركة عبر البر، ثم إن النقل الجوي لا يمكن أن يفي بهذا الاحتياج الكبير، النقل الجوي له مستوى معين في إمكانية حجم هذه الحمولة التي تنقل، ولكن هذه الحمولات الكبيرة جدًّا، التي تصل إلى مئات الآلاف من الأطنان، تحمل عبر السفن.
من الذي أنعم على الإنسان بهذه السفن، بالوسائل التي تصنع منها، وهداه إلى صناعتها؟ من الذي جعل لدى البحر قابلية لأن يحمل هذه السفن، وأن تجري عليه، فتكون جاريةً عليه، تشاهد الناقلات وهي تمشي على الأرض، وتلك تجري على البحر، على الماء تجري؟ إنه الله “سبحانه وتعالى” الذي هيأ كل هذه النعمة، فسخر البحر من جهة، وسخر هذه السفن من جهةٍ أخرى، فهي تؤدي هذا الدور الكبير في حياة البشر.
{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: الآية25]، هي نعم عظيمة، كيف لا تشكروا الله عليها؟! كيف لا تستشعروا مسؤوليتكم في العمل تجاه هذه النعم، وفق هدي الله “سبحانه وتعالى”، وعلى أساس العدل؟! البديل عن ذلك ما هو؟ الطغيان، الإنسان يطغى، إذا لم يشكر الله “سبحانه وتعالى”، فهو يطغى، طغيانه يؤثر على حياته كمجتمع بشري، يفقده الاستقرار، ينتج عنه الكثير من المشاكل، يؤثر سلباً على واقع الحياة، وطغيانه يجعله يتصرف مع هذه النعم بطريقة تخرب حياته من جهة، وتخرب عليه هذه النعم، وتفسد عليه هذه النعم من جهة أخرى، الطغيان هو البديل عن الشكر.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة السادسة 1442هـ