جريمة الافتراء على الله كذباً جريمة خطيرة جدًّا، ومصاديقها في الواقع، وتطبيقاتها في الواقع العملي للناس كثيرة جدًّا، وقد يغفل عنها الكثير من الناس، وعادةً تأتي: إمَّا لدعم باطل، أو للتخذيل عن حق، أو لتبرير جريمة، في هذه الأحوال يأتي الكثير من الناس إما ليقول عن ذلك الباطل إنه حق، ويحاول أن يبرره، ويحسبه على دين الله -سبحانه وتعالى-، وفي مقدِّمة الذين يبررون ويفترون على الله كذباً: علماء السوء، والمثقفون، والخطباء، والمرشدون، الذين هم في صف الباطل، أو يدعمون باطلاً، هذه النوعية من الناس، مع أنه حتى الإنسان العادي، حتى العامي من الناس قد يأتي ليبرر موقفاً باطلاً، ويقول إنه حق، وإنه يوافق دين الله -سبحانه وتعالى-، وإنه يرضي الله -جلَّ شأنه-، وإنه الذي يتوافق مع الإسلام والحق، وهو بذلك يفتري على الله كذباً؛ لأن كل ما حسب على دين الله، فأنت تنسبه إلى الله، كل ما تنسبه إلى الحق، وتقصد به الحق عند الله، فأنت تنسبه إلى الله -سبحانه وتعالى-، وهذه الحالة تكثر في واقع الناس، أكثر ما يأتي من الباطل في الساحة يقدَّم على أنه حق، هذه حالةٌ حقيقية مؤكَّدة، يعني: واقعية، تحصل كثيراً في واقع الناس، أكثر ما يقدَّم في ساحة المسلمين حتى من مواقف، من تصرفات، من أعمال، تقدَّم على أنها حق، ثم تنسب على أنها موافقة للدين، يأتي ليرتكب مثل هذا الذنب العامي من الناس، يأتي بعضٌ من علماء الدين، من الخطباء الذين يخطبون في المناسبات الدينية وباسم الدين من المرشدين، الكثير من الناس يأتي ليدعم باطلاً على أنه حق، وأنه من الدين، وأنه يوافق دين الله -سبحانه وتعالى-.
أمَّا- كما قلنا- علماء السوء، والعلماء المضلون والمبطلون، فسيأتي أيضاً ليحرِّف المعاني (معاني الآيات القرآنية)، ليقدِّمها على غير مصاديقها، على غير حقائقها، على غير واقعها؛ ليدعم بها الباطل، ولو تتأمل اليوم في الساحة الإسلامية سترى كل دعاة الضلال، وكل قوى الباطل والشر، حتى القوى الموالية لأعداء الإسلام، الموالية لأمريكا، الموالية لإسرائيل، ومعها جيش كبير باسم علماء، وباسم خطباء دين، وعلى منابر المساجد، وفي القنوات والفضائيات والإذاعات، وتحت عنوان البرامج الدينية، يدعمونها في باطلها، يدعمونها في مواقفها، يساندها في خطواتها، يدعمون سياساتها، وهكذا بشكلٍ يحسب على الدين، وباسم الدين، وتحت العناوين الدينية، هنا افتراء الكذب على الله -سبحانه وتعالى-، والدعم للباطل تحت هذا العنوان الديني، وفي هذا إساءة عظيمة إلى الله، الله القائم بالقسط في عباده، الله الحق، الله العدل -جلَّ شأنه-، يُحسَب عليه ما يبرر الظلم، ما يبرر الفساد، ما يبرر المنكر، ما يبرر الانحراف، هذا ظلم شنيع جدًّا، فيه إساءة بالغة إلى الله -سبحانه وتعالى-، إساءة كبيرة إلى ربنا العظيم الملك القدوس، إساءة عظيمة إلى الله في عدله، إلى الله في رحمته، إلى الله -جلَّ شأنه- وهو القائم بالقسط في عباده، إلى الله في قدسيته، إلى الله -جلَّ شأنه- في ما تعنيه أسماؤه الحسنى، وفي هذا ظلمٌ شديد، ظلمٌ رهيب، ظلمٌ ومجافاةٌ للإنصاف، وتنكرٌ للعدالة إلى حدٍ كبيرٍ جدًّا.
فتكثر هذه الحالة، هي قائمة في واقع الناس: في النزاعات، في القضايا، في المشاكل، القوى التي تشتغل في الساحة الإسلامية هي توظِّف ذلك، وتستخدم هذا الأسلوب بشكل كبير جدًّا، وتحاول أن تدعم باطلها، وخارج الساحة الإسلامية كذلك، لدى اليهود، لدى النصارى… لدى فئات كثيرة من البشر، هي تتحرك تحت هذا العنوان؛ فتكثر في واقع الناس مسألة افتراء الكذب على الله: لدعم باطل، لدعم ظلم، لتبرير جرائم، وتأتي أيضاً كذلك للتخذيل عن الحق، وللصد عن الحق، وهذه أيضاً من الإساءة الكبيرة إلى الله -سبحانه وتعالى-، عندما يأتي من يتحرك بالحق في الساحة، يدعو الناس إلى الحق في الساحة، يأتي الكثير ليعارضه، وليثبط حتى عن الموقف الحق، التثبيط عن الموقف الحق باسم الدين نفسه، هذا من افتراء الكذب على الله -سبحانه وتعالى-، افتراء على الله كذباً.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الرابعة عشرة 1441هـ