ولذلك مثَّل وصول بني أمية إلى السلطة في واقع هذه الأمة كارثة رهيبة جدًّا، كان يتخوفها النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- على هذه الأمة من يوم أن رأى في منامه أولئك وهم ينزون على منبره نزو القردة، فحزن حزناً شديداً لذلك، أيُّ مستقبلٍ مظلم ينتظر أمةً يصل فيها منافقوها والطلقاء أولئك الذين لم يدخلوا في الإسلام إلا من واقع الهزيمة والاستسلام، يصلون فيها إلى موقع القرار والسلطة، والأمر في هذه الأمة، يصلون إلى التَّحكم في رقاب أبناء هذه الأمة! كانت كارثةً كبيرة.
وإذا جئنا إلى الاستقراء للتاريخ كعناوين فيما فعلوه:
عاشوا أولاً النزعة الانتقامية، كانوا يحملون عقدة الانتقام من رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ومن أهل بيته، ومن أصحابه الأخيار، وحتى عقدة الانتقام من مدينته، وحتى عقدة الانتقام من مقدَّسات هذا الإسلام.
لو نأتي إلى استقراء لبعضٍ من هذه العناوين، عندما وصلوا إلى السلطة وذهب أبو سفيان إلى أين؟ ذهب إلى قبر حمزة؛ لأنه لم يكن بالإمكان أن يذهب إلى قبر رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- وإلَّا لذهب، حالة النفاق تقتضي أن يكون هناك قدرٌ ما من محاولة التظاهر بهذا الإسلام في عناوين معينة ومستويات محددة؛ لأنه لا يمكنه الذهاب إلى قبر رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ذهب إلى قبر حمزة بن عبد المطلب، ركل القبر بقدمه وحذائه متباهياً- فيما يعبِّر عنه- بوصولهم إلى السلطة، وبأنهم من هذا الموقع سينفِّذون خطتهم التي كانت هي المشكلة ما بينهم وبين رسول الله، وكانت هي المشكلة التي فيها استشهد حمزة بن عبدالمطلب، ماذا نظن أنَّ مشكلة حمزة مع بني أمية في واقعة أحد؟ هل كانت الحرب إلا حرباً بين الإسلام والكفر، بين الضلال والهدى، بين رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- وبين أبي سفيان الذين كان قائداً للكفر والكافرين، والشرك والمشركين، عندما ذهب وهو يحمل عقدة الانتقام، عندما قال يخاطب بني أمية بعد أن وصلوا إلى السلطة: (تلقفوها يا بني أمية تلقف الصبيان للكرة، فو الذي يحلف به أبو سفيان ما من جنةٍ ولا نار)، هذه العقدة الانتقامية التي عبَّر عنها يزيد في قوله:
لست من خِنْدَفَ إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل
التي عبَّر عنها وهو يتمثل بقول الشاعر:
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلُّــوا واستهلُّـــوا فرحـاً ولقـالـوا يــا يزيـد لا تشــل
تلك العقدة التي عبَّر عنها الكثير منهم هناك وهناك، العقدة من الرسول، العقدة من الإسلام، تلك العقدة التي عبَّر عنها معاوية وهو منزعج وهو يسمع المؤذن يقول: أشهد أنَّ محمداً رسول الله. فيقول: (أما رضي ابن أبي كبشة حتى يذكر اسمه في اليوم والليلة خمس مرات).
تلك العقدة التي عبَّروا عنها في كثيرٍ من أقاويلهم وتصرفاتهم، عندما قال قائلهم:
تلعَّب بالبرية هاشميٌ
بلا وحيٍ أتاه ولا كتاب
عندما قال يزيد نفسه:
لعبت هاشم بالملك فلا
خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل
عقدة الكفر، عقدة الحقد، عقدة الانتقام.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى عاشوراء 8 محرم 1441 هـ