عبدالفتاح حيدرة
أكد السيد القائد - عليه السلام - في محاضرته الرمضانية الرابعة للعام الهجري 1446 هـ ، ان الأساس في مسيرة المجتمع البشري هو التوحيد لله عزوجل ، والطارئ على الممجتمعات هو الانحراف عن نهج الله و الانقلاب على الفطرة السليمة ، وعلى هذا ان خسارة المجتمع البشري دائما ناتجه عن المخالفه لنهج الله ومسيرة الرسل والأنبياء على امتداد الزمن، ان الضلال والباطل ممتد على واقع الحياة فهناك انحراف على مستوى القيم وهناك انحراف معاملة الناس، وهذا ينتج عنه استحكام القوى الظلامية المتكبرة فيشقى الناس والنتيجة هنا تكون الإنحطاط في المجتمع البشري، وتفقد البشرية المسار الصحيح لحياتها وتسبب لنفسها غضب الله، ومبدأ التوحيد ليس مجرد كلمة، بل انه مبدأ عظيم يبنى عليه مسار الحياة كلها ، وايمانها بإنه لا اله الا الله، فهذا يعني العبادة بمفهومها الشامل والكامل، وثمرة ذلك هي التقوى..
إن الإنسان بفطرته يدرك انه عبد، وحالة الشعور بالعجز والضعف هي حالة متجذرة في تكوينه وخلقه، و العبودية متجذرة في كافة الكائنات، ولأنها حاله فطرية اذا انحرف عنها الانسان فإن اتجاهه خاطئ ، ومن الحقائق المهمه التي أكد عليها القرآن عن الأمم هو اشراكها العبودية لله ، وهذا الانحراف المعاكس والمخالف هو شعور الناس بحاجتهم إلى ذلك، والانحراف في حالة الشرك ينمو ويتزايد ويصبح الضلال كبير جدا، وما وراء هذا الانحراف هو عدم الايمان ونسيان مبدأ الكمال المطلق لله، وهذه هي الإشكالية الكبيرة..
إن البيئة التي نشاء فيها سيدنا إبراهيم هي بيئة ذلك الانحراف من الضلال والشرك ، وفي حركته عليه السلام لإنقاذ المجتمع بداء من محيطه الاسري، والتوبيخ الذي وجهه نبي الله ابراهيم لابية أزر في عبادة الاصنام ، كان توبيخا لتوضيح خسران عبادة الاصنام من دون الله، والحالة التي تصل بالناس لهذا الإنحطاط الفكري هو الإبتعاد عن الله وتقبل الضلال الذي فيه تنكر لحق عظيم وهو عبادة الله، والقرآن الكريم فيه تحذير واسع من الضلال والمضلين، وعندما نتأمل في هذه المسأله فهناك فئة المضلين الذين قد يضلوا امة بكلها، وفي قصة الاصنام في حياة سيدنا إبراهيم فهناك فئة سلطة مضله ونافذين في المجتمع لهم مصالحهم في الضلال وكذلك هناك فئة مستفيدة من بيع الاصنام، والكل كان يرسخ ذلك الانحراف حتى بالأساطير، وعمت الحاله حتى أصبحت من المسلمات..
من اخطر انواع الضلال هو ما يقدم على شكل المعتقدات الدينية وهو من الضلال وليس من دين الحق، يصبح الذين يعتقدون به أكثر التزاما ويتعصبون له بشدة، ولهذا قال إبراهيم عليه لابيه وقومه (اني أراكم لفي ضلال مبين)...