في آخر خميسٍ من شهر شوال الموافق لـ 17 من شهر يناير 2002م أعلن السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- بمحاضرته الشهيرة الصرخة في وجه المستكبرين شعار البراءة وهتاف الحرية المعروف:
الله أكـــــــــــبر
الموت لأمريكـــا
الموت لإسرائيـــل
اللعنة على اليهود
النصــر للإســــلام
ليكون بدايةً لانطلاقة مشروعٍ قرآنيٍ تنويريٍ نهضويٍ شاملٍ ابتدأه بهذه الخطوة العملية المهمة، والظروف التي أعلن فيها هذا الموقف، وانطلق فيها هذا المشروع القرآني الذي يشمل رؤيةً كاملةً تعتمد على القرآن الكريم كمصدرٍ للهداية والنور، الظروف معروفة- آنذاك- ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وفي ظل الهجمة الأمريكية الشاملة على أمتنا الإسلامية، وفي الذروة من الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، والاعتداءات التي تأتي أيضاً على مناطق أخرى من شعوب هذه المنطقة، وبالذات البلدان المحاذية- وبالدرجة الأولى لبنان- المحاذية لفلسطين، في تلك المرحلة كان الجو العام هو جوٌ أطبقت فيه حالة الصمت على كثيرٍ من أبناء الأمة، واتجهت فيه معظم الأنظمة الرسمية في بلداننا العربية والإسلامية للتحالف الصريح والمعلن تحت قيادة أمريكا، والأمريكي كان متجهاً لأن يوظف أحداث الحادي عشر إلى أبعد مدى؛ بهدف السيطرة على هذه الأمة، سيطرةً مباشرةً شاملة، ويتحرك الأمريكي والإسرائيلي- وكلاهما وجهان لعملةٍ واحدة- بمخططات تدميرية رهيبة تستهدفنا كأمةٍ إسلامية، في ظل هذه الظروف أتت هذه الانطلاقة، وأعلن هذا المشروع، وأتت هذه الصرخة التي هي كاسمها صرخةً في وجه المستكبرين، فهي صرخةٌ بالفعل في وجه المستكبرين، وانطلاقاً من وجود تهديدٍ وخطرٍ محققٍ وأكيد علينا كأمةٍ إسلامية، وخطر شامل وكبير تأتي فيه أمريكا بكل ثقلها وطاقاتها وإمكاناتها، ومن حولها الغرب، وتأتي معها إسرائيل أيضاً، والصهيونية العالمية تشتغل في هذا المخطط بكل الأساليب والوسائل، ونحن في الواقع كأمةٍ إسلامية معظم أبنائها لا يمتلكون المنعة والحصانة في وجه هذه الهجمة، أمة تعاني من وضعٍ داخليٍ كارثي بما تعنيه الكلمة، والظروف التي تعيشها على كل المستويات هي ظروف تطمع أعداءها فيها، وتشجع أعداءها للإقدام على خطوات خطيرة للغاية في استهداف هذه الأمة، وفي الطمع بالسيطرة التامة الشاملة على هذه الأمة: كبشر، كموقع جغرافي… السيطرة على كل المجالات: على المستوى السياسي، والاقتصادي، والثقافي، والفكري، ومسخ هوية هذه الأمة، وتدمير هذه الأمة وتفكيكها وبعثرتها، حتى تصل إلى مستوى الانهيار التام؛ لضمان أن تفقد كل عناصر القوة والمنعة التي يمكن أن تعمل بها أو تستفيد منها في حماية نفسها، وفي العودة إلى حالة الاستقلال، أو كسب الحرية.
فهناك بالفعل هذا الخطر الكبير والشامل، وهذه الوضعية الداخلية المأساوية والكارثية، التي يرى فيها العدو فرصةً يحرص على أن يستغلها، وأيضاً انطلاقاً من مسؤوليتنا كأمةٍ مسلمة في التصدي لهذا الخطر ومواجهة هذا التهديد، باعتبار أن علينا مسؤولية: مسؤولية إنسانية وفطرية، وهي أيضاً مسؤولية دينية بحكم انتمائنا للإسلام، بحكم هويتنا الإسلامية أن نتحرك انطلاقاً من مبادئ هذا الإسلام العظيم، الذي يفرض علينا أن نكفر بالطاغوت، وأن نتحرر من سيطرته، وأن لا نقبل بأحدٍ أن يستعبدنا من دون الله، وأن نكون أحراراً، وتلك القيم العظيمة في هذا الدين، وتلك التشريعات، وتلك التوجيهات الإلهية التي تحفظ لنا استقلالنا وتبنينا كأمةٍ مستقلةٍ وعظيمةٍ وقويةٍ ذات منعة كاملة: منعة أخلاقية، منعة مبدئية، منعة فكرية وثقافية، أمة عزيزة بعزة الإيمان، أمة محصنة من كل حالات وأساليب الاختراق.
انطلاقاً من هذه المسؤولية، وانطلاقاً من هذا الواقع الواضح والمؤكد والذي لا التباس فيه، كان هذا الموقف وأتى هذا المشروع، ومنذ ذلك اليوم وإلى اليوم، وبالرغم من كل الجهود الهائلة المتمثلة بكل أشكال الحروب والاستهداف لإسكات هذا الصوت، والقضاء على هذا المشروع ووأده منذ البداية، إلا أن هذا المشروع نمى وتعاظم وقوي وتجذر؛ لأنه منطلقٌ بالاستناد إلى واقعٍ حقيقي، وبالاستناد أيضاً إلى القرآن الكريم، إلى الحق الذي لا ريب فيه، ثم أتت- منذ ذلك اليوم وإلى اليوم- كل الشواهد التي تشهد لهذا العمل أنه عملٌ صحيح، وأنه توجهٌ صائب، وأنه موقفٌ حق، وأنه موقفٌ ضروريٍ تفرضه المسؤولية، ويتطلبه الواقع، وتفرضه الظروف، وأن الأمة: إما أن تكون في حالة الموقف، وإما أن تكون في حالة اللا موقف، حالة اللا موقف يعني الاستسلام، يعني الخضوع للعدو، يعني أن تمكن الأمة هي عدوها من نفسها، وهذا هو خلاف الحكمة، خلاف الحق، وخلاف المسؤولية، خلاف الفطرة الإنسانية، سيكون موقفاً خاطئاً، وباطلاً، وسيئاً، وممقوتاً عند الله، ويجر على الأمة الوبال والنكال والخسارة الرهيبة التي لا يمكن تفاديها.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
كلمة السيد بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة 24 شوال1440هـ