مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

 قال “جلَّ شأنه”: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، إذا أردنا أن يستجيب الله دعاءنا، ووفق حكمته، وتحت سقف حكمته، وبمقتضى ما يدبِّره “سبحانه وتعالى”؛ لأنه الحي، القيوم، الرحيم، عالم الغيب والشهادة، الأعلم بمصلحتنا منا، الأعلم بما فيه الخير لنا حتى منا، إذا أردنا أن نعرف أسباب الاستجابة، فلنلحظ قوله تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي}، فلنستجب لله “سبحانه وتعالى”، ولنؤمن بالله “سبحانه وتعالى” إيماناً ثمرته الثقة بالله، التوكل على الله، الرجاء الصادق في الله “سبحانه وتعالى”، هذا الإيمان وهذه الاستجابة هي ما ينقصنا كثيراً في واقعنا، وهي ما يؤثِّر علينا، إلى درجة أن يتساءل الإنسان: [لماذا أدعو فلا يستجاب لي في أكثر الأمور؟]، هناك نقصٌ كبير في مسألة الاستجابة، الاستجابة الجزئية التي هي الحالة الغالبة السائدة في مجتمعنا الإسلامي، في واقعنا بشكلٍ عام، مع إهمال لأشياء أساسية لا تحصل الاستجابة فيها من جانب الناس، من جانب مجتمعنا الإسلامي، من جانبنا لله “سبحانه وتعالى”، هي تمثل مشكلةً كبيرةً علينا.

 

المطلوب في الاستجابة أن تكون استجابةً شاملة، أن نستجيب لله “سبحانه وتعالى” في مختلف التزاماتنا الإيمانية: في الجانب السلوكي، في الجانب الأخلاقي، في الجانب الروحي والعبادي، في جانب المسؤوليات التي حددها الله لنا، ورسمها لنا… في مختلف الجوانب، أن نتجه، أن يكون هذا هو التوجه الأساس نحو الاستجابة الشاملة، مع التوبة والإنابة إلى الله عند الزلل، عند التقصير، عند التفريط في شيءٍ ما، والرجوع العملي إلى الله “سبحانه وتعالى”.

 

عندما يكون التوجه نحو الاستجابة الكلية، الشاملة، المتكاملة، حالة قائمة في واقعنا، ونسعى لأن نبادر إلى تلافي أي تقصير، وأن نرجع إلى الله عند كل زلل، فالله هو أرحم الراحمين، هو أكرم الأكرمين، هو ذو الفضل الواسع العظيم، هو الذي لا يخلف وعده أبداً، لا يخلف الله وعده، والذي يفي بما وعد به، وهذه مسألة مهمة جدًّا، من ضمن الاستجابة أن نستجيب لله في الدعاء نفسه، أن نتوجه إلى الله بالدعاء؛ لأن هذا مما أمرنا به، ورغَّبنا فيه، ووجَّهنا إليه.

 

أيضاً من ضمن الاستجابة الكاملة والشاملة: الاستجابة أيضاً في الأسباب العملية، يرتبط بالدعاء الأسباب العملية، ليس الدعاء بديلاً عن العمل، الدعاء في الحالة الإيمانية مرتبطٌ بالعمل، مبنيٌ على أساس الانطلاقة العملية، والاستجابة العملية، مثلاً: لا يمكن بأن نكتفي بالدعاء بأن ينصرنا الله على أعدائنا فحسب، ونتنصل عن مسؤولياتنا العملية التي ترتبط بالنصر، فالله تعالى يقول: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ}[محمد: من الآية7]، {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: من الآية41]، {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: من الآية60]، {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}[الأنفال: من الآية46]… وهكذا تأتي تعليمات وتوجيهات كثيرة ترتبط بهذه المسألة، فنأتي في حالة الاستجابة الكاملة إلى الأخذ بهذه الأسباب العملية، وندعو الله، ندعوه بأن ينصرنا، {وَانْصُرْنَا}، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[آل عمران: من الآية147]، ندعوه “سبحانه وتعالى” من ميدان العمل، في إطار الأخذ بالأسباب العملية.

 

في مسألة الرزق: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}[الملك: من الآية15]، {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}[الجمعة: من الآية10]، {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا}[النساء: من الآية32]، الأخذ بالأسباب العملية، ومع الأسباب العملية يأتي الدعاء أيضاً.

 

ففي إطار الفرص المميزة لاستجابة الدعاء، يأتي شهر رمضان المبارك، وتأتي هذه الآية المباركة، التي تلفت نظرنا إلى هذه الفرصة، وإلى أهمية المسألة بشكلٍ عام، ويأتي في آخرها قوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، وما أحوجنا إلى الرشد! ما أحوجنا إلى أن نهتدي إلى الخير في شؤون ديننا ودنيانا، في شؤون دنيانا وآخرتنا! ما أكثر ما يتخبط فيه الناس، وهم يسعون وراء الخير، كل إنسان يريد الخير لنفسه، الإنسان هو مفطورٌ على ذلك، يريد الخير لنفسه، ولكن ما أكثر الوسائل، والأعمال، والتصرفات، التي تصدر من الإنسان، ويريد أن تكون وسيلةً يصل بها إلى خيرٍ لنفسه، أو يحقق بها خيراً لنفسه، فلا يصل، بل ينتج عن الكثير منها النتائج السيئة، المعاكسة، يعمل عملاً معيناً، ينطلق على أساس رؤية معينة، فكرة معينة، وهي في عواقبها سيئةٌ عليه، لا توصله إلى الخير، الاهتداء إلى الخير يحتاج إلى فكرة صحيحة، يعتمد على رؤية سليمة، الله “سبحانه وتعالى” إذا استجبنا له، إذا انطلقنا وفق هديه، تعليماته، توجيهاته، هو الأعلم بالخير لنا، وهو مصدر كل الخير “سبحانه وتعالى”، بيده الخير، وهو على كل شيءٍ قدير، فلكي نرشد، فلكي نهتدي للخير في مساعينا، في أعمالنا، في اهتماماتنا، فيما نطلبه ونسعى إليه، نحتاج إلى الله “سبحانه وتعالى”، إلى هديه، ونستجيب له، ونؤمن به، وهذا ما يوصلنا إلى الخير كله في الدنيا والآخرة.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

المحاضرة الرمضانية الثامنة 1443

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر