ولد رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، يتصل نسبه بنبي الله إسماعيل بن نبي الله إبراهيم عليهما السلام، ولد في عام الفيل، وهو العام الذي أهلك الله فيه أصحاب الفيل، وهم الجيش الذي اتجه إلى مكة بقيادة أبرهة، بهدف احتلالها، والسيطرة عليها، والحيلولة دون تحقق الوعد الإلهي بظهور وبعثة خاتم الأنبياء، بعد ظهور المؤشرات والعلامات التي تدل على قرب ذلك، مع هدفٍ آخر هو: تدمير بيت الله الحرام (الكعبة المشرفة)، بكل ما لها من أهميةٍ دينية، وقداسةٍ ورمزية، فجعل الله كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم طيرًا أبابيل وأهلكهم، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[يوسف: من الآية21]، وقد كان ذلك من أكبر وأعظم البشائر والارهاصات الممهدة والمهيأة، فقد ولد رسول الله “صلى الله عليه وعلى آله وسلم” في ذلك العام، في شهر ربيعٍ الأول، وتحققت بشارة الأنبياء به، ومنها دعوة نبي الله وخليله إبراهيم وابنه إسماعيل “عليهما السلام” أثناء بناء البيت الحرام، التي ذكرها الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم، قال تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[البقرة: الآية129]، وبشارة نبي الله موسى، ونبي الله عيسى… وغيرهم من الأنبياء الذين بشروا به، وأعلنوا عن عظيم منزلته ورفيع درجته عند الله تعالى، ومن تلك البشارات التي وردت في كتابٍ من كتب الله المباركة، وهو التوراة، والتي تضمنت المواصفات الرئيسية البارزة للنبي، ولاتباعه الحقيقيين الصادقين، قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ}[الفتح: من الآية29]، وبالتأمل في هذا النص القرآني المبارك عن هذه البشارة التي بلَّغ بها نبي الله موسى “عليه السلام” في التوراة، تتحدد معالم بارزة تبين المنهج الحقيقي لمسيرة الرسالة الإلهية، قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}، أتى قبل ذلك قوله تعالى في الآية التي قبل هذا النص المبارك: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}[الفتح: الآية28]، فمحمدٌ هو رسول الله، وأتى بالمشروع الإلهي الموعود من الله بالظهور، والمدعوم من قِبل الله “سبحانه وتعالى”، فهو امتدادٌ لرحمة الله تعالى وحكمته وعزته، وهو متصلٌ به، ولذلك لا يساويه أيُّ مشروعٍ آخر، ولا يمتلك من خصائص القوة والنجاح ما يمتلك هذا المشروع، فهو الهدى والنور، وما يعارضه ضلالٌ وظلماتٌ وجهالات، وهو الحق، وما يعارضه باطل.
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}، وأتى برسالة الله ونوره وهديه نقيًا وخالصًا، سليمًا لا تشوبه شائبة، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت: الآية42]، وبلَّغ هذه الرسالة بأمانةٍ تامة، وبرعايةٍ عجيبةٍ من الله “سبحانه وتعالى”، ومن دون نقصٍ ولا زيادة، قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: 3-4]، وحفظت هذه الرسالة في الوثيقة الخالدة المحفوظة وهي: القرآن الكريم، الذي حفظه الله للأجيال المتعاقبة كاملًا دون نقصان، وسالمًا في نصه المبارك دون ضياعٍ ولا تحريف، وكما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: الآية9].
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}، وتحرك برسالة الله تعالى مبلغًا، وهاديًا، ومجاهدًا، وصابرًا، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، كما قال تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم: الآية1].
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}، عظيمٌ بعظمة الرسالة الإلهية، ومتمسكٌ بها، ومنطلقٌ على أساسها، وملتزمٌ بها، {جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}[الزمر: من الآية33]، {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ}[الأعراف: من الآية158]، على خُلُقٍ عظيم، {شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
مناسبة ذكرى المولد النبوي 1442هـ