وأيضاً مما لهذا الخيار، ولهذا الموقف، ولهذا الاتجاه من إيجابيات: أنه الخيار الطبيعي، والموقف المفترض بنا كمسلمين، نحن كأمة ننتمي للإسلام، الشيء الصحيح، الشيء الطبيعي جدًّا، الشيء المفترض بنا: أن نعود إلى القرآن الكريم الذي نؤمن بأنه كتاب الله، وأنه من الله، وأنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه كتاب هداية، وأنه نور، وأنه بصائر، نعود إلى هذا القرآن الكريم، ونعود إلى هذا الكتاب لنعتمد على توجيهات الله -سبحانه وتعالى- في هذا الكتاب، وما يرسمه لنا من خيارات، وما يحدده لنا من مواقف.
ولذلك عندما نعود إلى ردة الفعل تجاه هذا المشروع القرآني، هي بحد ذاتها أيضاً تشهد لأهمية هذا الخيار وهذا الموقف، ردة الفعل السلبية ممن لهم خيارات أخرى: سواءً خيار العمالة والولاء لأمريكا وإسرائيل، والطاعة لأمريكا، والتحالف مع أمريكا، والتحرك تحت راية أمريكا، والقتال مع أمريكا، والعمل بكل ما يستطيعون في خدمة أمريكا، وتحت توجيهات الأمريكيين، أو من كانت خياراتهم خيارات الاستسلام، والقعود، والتنصل عن المسؤولية، والسكوت، وفتح المجال أمام الأعداء ليفعلوا ما يشاؤون ويريدون، والاستسلام التام لهم.
عندما ننظر إلى ردة الفعل من تلك الأطراف التي لها تلك الخيارات، واعتمدت على تلك المواقف، نجد مواقفها أيضاً مفضوحة، هي التي ليست طبيعية، ليست سليمة، هي الخاطئة، هي التي يجب أن ننتقدها كمسلمين، وأن نعتبر أنَّ ردة الفعل السلبية تلك في العداء لهذا المشروع القرآني، في التحرك ضد هذا المشروع القرآني، أنها هي الخاطئة، وأنها هي السلبية، ولذلك من عظمة هذا المشروع القرآني أنَّ كل خطوة، وكل اتجاه، وكل خيارٍ يصادمه، يعاديه، يتصدى له، هو مفضوح، هو مفضوح، وغير طبيعي، ولأنه غير طبيعي، ولأنه غريب جدًّا؛ يأتي في القرآن الكريم الحديث عمن لهم تلك المواقف، وتلك التوجهات، وتلك الخيارات، بقول الله -سبحانه وتعالى-: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة: من الآية52]، الموقف الذي يتجه فيه الإنسان ليوالي عدوه، وعدو أمته، وعدو دينه، وليطيعه، ولينفذ مؤامراته، وليقاتل تحت رايته، ولينفق المال في سبيله، وليعمل على تنفيذ أجندته، هو موقف مريض، موقف غير سليم نهائياً، موقف سلبي، وموقف أحمق، وموقف خاطئ، وموقف باطل، وموقف غير مشروع، وغير محق، ويدل على أنَّ من يتجهون مثل هذا الاتجاه أنهم كما عبَّر عنهم القرآن الكريم: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، أناس لا يعيشون السلامة الفكرية، ولا السلامة الأخلاقية، لا سلامة في فكرهم وثقافتهم ونظرتهم للأمور، ولا سلامة في أخلاقهم، ولا سلامة في إيمانهم، ولا سلامة في وعيهم، لديهم اختلال كبير في هذه الأمور.
كذلك من يريد لأمة بحجم الأمة الإسلامية، بما تمتلكه من قدرات وإمكانات، وبما منَّ الله به عليها من نور، من هداية، كفيلة إذا تمسكت بها، واعتمدت عليها، أن ترقى بها لتكون في أرقى مستوى، ولتكون أمةً عزيزةً وحرةً ومستقلةً وعظيمةً، وتعيش حياةً كريمة، يريد لكل هذه الأمة، بكل ما تمتلك، وبكل ما أعطاها الله، أن تتحول إلى أمة خانعة مستسلمة عاجزة، تقدِّم نفسها وكل ما لديها لأعدائها، هذا خيار غير طبيعي أبداً، غير سليم نهائياً.
عندما تحرَّك السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- بمشروعه القرآني، وبنى موقفه، وحدد خياره على أساسٍ من القرآن الكريم، وعلى أساس الاهتداء بالقرآن الكريم، كانت ردة الفعل كبيرة تجاهه، مع أنَّ موقفه سليم بكل ما تعنيه الكلمة، صحيحٌ بكل ما تعنيه الكلمة، يستند إلى القرآن الكريم، ويعتمد على القرآن الكريم، وموقف طبيعي ينسجم مع الفطرة الإنسانية، الفطرة التي فطر الله الناس عليها لأي أمةٍ تتوق إلى الحرية، تتوق إلى الاستقلال، إلى الكرامة، إلى العزة، هذا يحقق لها كل هذه الآمال، وكل هذه التطلعات، الموقف والخيار الذي يحقق كل هذا.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد القائد 1441هـ