على كلٍّ، العدوان هذا هو فضيحة لأمريكا، وحُجَّة عليها؛ لأنها مارست ما يسمى بـ [الخداع الاستراتيجي]، يعني: أصبح أداؤها في المفاوضات جزءاً من العدوان، ومن أساليب التمهيد لهذا العدوان؛ بهدف أن يكون مفاجئاً.
العدوان استهدف قيادات عسكرية، ومنشآت نووية، وعلماء نوويين، منشآت عسكرية، ثم امتد إلى بقية المنشآت الحكومية، والخدمية، والمطارات المدنية، والمنشآت الاقتصادية والخدمية، استهدف الشعب الإيراني، الشعب الإيراني يقدِّم الشهداء من مختلف فئات الشعب، هناك شهداء حتى من الرياضيين، شهداء من الفنانين... شهداء من مختلف أبناء الشعب الإيراني.
الخلايا الإجرامية المرتبطة بالموساد، من الخونة والعملاء، كان لهم دورٌ أيضاً في تنفيذ هذا العدوان ضد الجمهورية الإسلامية، وتزامن مع العدوان العسكري هجمة إعلامية، وحرب نفسية، وأمَّل العدو أنَّه سيحقق إنجازاً كبيراً بهذا العدوان ضد الجمهورية الإسلامية، لكنه فشل، وفشل هذا العدوان واضح، مسألة أنَّه يلحق خسائر وأضرار، هذا شيء يحصل في الحروب عادةً، لكنه لن يحقق الأهداف التي يسعى الأمريكي والإسرائيلي إلى تحقيقها.
الصمود الإيراني هو أكثر من مسألة صمود، صمود، وتماسك، وتحمل للضربة، واتِّجاه للرد الفاعل، المدمِّر، القوي، الرد بفاعلية عالية جدًّا ضد العدو الإسرائيلي، ومستوى الرد الإيراني في حجمه، في قوته، في فاعليته، في تأثيره، جعل العدو الإسرائيلي في وضعٍ غير مسبوق، يعني: لم يسبق للعدو الإسرائيلي حتى في كل جولاته العدوانية التي دخل فيها في معركة مع العرب، مع الأنظمة العربية، مع الجيوش العربية، مع أي طرف، منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وإلى اليوم، لم يسبق أن كان في وضعية مثل هذه الوضعية التي هو فيها مع الرد الإيراني.
الرد الإيراني المدمِّر، والقوي، والفعَّال، بزخمه الكبير، زخم ضخم، مئات الصواريخ، وبينها: صواريخ بالستية، صواريخ فرط صوتية، قادرة على اختراق منظومات العدو في الدفاع الجوي، ودقيقة في الإصابة، وقوية في التدمير؛ ألحقت بالعدو الإسرائيلي دماراً هائلاً، وخسائر كبيرة، حالة الذعر والخوف والرعب شملت الأعداء الصهاينة في كل أنحاء فلسطين، وهم في حالة رعب كبير جدًّا، وخوف كبير، إلى درجة أنَّ البعض منهم باتوا يهربون بالتهريب عبر زوارق إلى قبرص، والحالة واضحة جدًّا، مع أنَّ العدو الإسرائيلي يسعى بكل جهد إلى التعتيم الإعلامي، ويمنع عمليات التصوير، ما يحصل من تصوير هو خارج نطاق المنع، بمعنى: حالات محدودة يُنفِّذها البعض وينشرونها، وإلَّا فالحالة الغالبة السائدة هي حالة الرضوخ لإجراءات المنع، والخوف من التصوير؛ نتيجةً للعقوبات التي يتوعَّد بها العدو الإسرائيلي، بل إنه يتَّخذ إجراءات عدائية وظالمة حتى ضد بعض أبناء الشعب الفلسطيني، الذين يظهر منهم الفرح والسرور عندما يشاهدون الصواريخ وهي منهمرة، التي تستهدف العدو الإسرائيلي.
فيمــا يتعلَّـق بالحالــة الداخليــة للجمهوريــة الإسلاميــة الإيرانيـــة: فهي حالة أيضاً مطمئنة، عزَّزت من حالة التضامن بين أبناء الشعب الإيراني، والتيارات في داخل الشعب الإيراني، كذلك على مستوى التفاعل الشعبي: هو تفاعل كبير جدًّا، وشيء طبيعي، حالة العدوان حالة مستفزة أصلاً، مستفزة جدًّا، وردة الفعل تجاهها هي ردة فعل مقاومة، مجاهدة، غاضبة، مستاءة؛ ولهـذا فالعدو الإسرائيلي- بعدوانه- هو يحقق نتائج عكسية لما يريد، الشعب الإيراني لن تكون آثار هذا العدوان عليه أن يتَّجه للاستسلام، والخنوع، والرضوخ؛ بل أن يستاء، وأن يغضب، وأن ينفعل، وأن يتحرَّك في إطار الدفاع ورد الفعل المشروع، الطبيعي، الفطري، والذي هو في إطار أيضاً الواجب الإسلامي، وليس فقط في إطار الحق المشروع، أكثر من ذلك: في إطار الواجب الديني، والإنساني، والوطني... على كل الاعتبارات.
الجمهورية الإسلامية هي تمتلك كل عناصر القوة والثبات المعنوية والمادية، العدو الإسرائيلي لن يتمكَّن من إلحاق الهزيمة بها، أو السيطرة عليها.
ما يقوله [ترامب] من هراء وتهريج، حينما يطرح مسألة الاستسلام غير المشروط على إيران، هذا هراء وتهريج، وكلام- فعلاً- غير عقلائي، خارج عن نطاق ما يقوله العقلاء.
الشعب الإيراني مُسْتَفَز بهذا العدوان، مستاء وغاضب، ومُتَّجه- كما قلنا- لتعزيز تعاونه، ووحدته الداخلية، وموقفه الواحد والقوي في التَّصَدِّي لذلك العدوان، وهو يمتلك كل مقومات البقاء، والثبات، والصمود، والرد القوي والمؤثِّر، وكل عوامل النصر، كل عوامل النصر.
إيران بلدٌ إسلاميٌ كبيرٌ وأصيل، ودولةٌ مسلمةٌ حُرَّةٌ ناهضة وقوية، ليس حالها كحال العدو الإسرائيلي والصهاينة، الذين هم لفيف من شُذَّاذ الآفاق، بجوازَي سفر، وأمتعة محزومة على مدار الوقت في حقائب جاهزة للمغادرة، وأي هجوم عليهم يصنِّفونه على الفور بخطر وجودي، هذا هو حال العدو الإسرائيلي، حال الصهاينة اليهود، الذين ليس لهم وجود أصيل ولا ثابت، من شذاذ الآفاق، في حالة احتلال واغتصاب، أي هجوم عليهم، أي مشكلة تحصل لهم، قالوا: [خطر وجودي]، [خطر وجودي]! هم في حالة جهوزية للمغادرة على الدوام.
إيران كبلد إسلامي أصيل، وقوي، وكبير، يمتلك نهضةً علميةً متقدِّمة، ونموذجية، وبنية اقتصادية قوية، قائمة على مبدأ تحقيق الاكتفاء الذاتي، وموارد اقتصادية ضخمة ومتنوعة.
العدو الإسرائيلي اعتدى- وبشراكةٍ أمريكية، ودعمٍ أمريكي- على إيران؛ حقداً- من ضمن الدوافع والأسباب- حقداً على نهضتها العلمية الشاملة، كأنجح نموذج متميِّز يمكن أن يُحتذى به في العالم الإسلامي، إيران نموذج ملهم، وفاعل مؤثِّر في العالم الإسلامي وغرب آسيا، وحقداً على علمائها، ومفكريها، والعقول النيِّرة التي تزخر بها؛ ولـذلك من ضمن الأهداف للعدو الإسرائيلي في إيران: العلماء، يستهدف العلماء في الفيزياء، العلماء في المجالات العلمية، يعتبرهم مشكلةً كبيرة، وعدواً أساسياً، فهو حقود على أنَّ في إيران علماء يمكن أن يسهموا في نهضتها.
الأعداء حاقدون، لا يتحمَّلون أن تكون هناك أي نهضة داخل هذه الأُمَّة، يغتاظون جدًّا حينما يجدون إيران تحقِّق نسبة نمو علمي من بين أعلى النسب في العالم، وحقَّقت مرتبةً متقدِّمة علمياً على المستوى العالمي، في مجالات: الطب، والهندسة، والتقنيات، وحَقِدُوا على إيران حين أصبحت من أقوى دول العالم على صعيد التعليم الجامعي... وفي مختلف العلوم، وإيران تقود نهضة حديثة، وصلت إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في معظم احتياجاتها، وحرَّرت شعبها من الخضوع للآخرين، وهذا مما أغاظهم: النهضة الإيرانية، والتي هي- في نفس الوقت- عامل من عوامل القوة للجمهورية الإسلامية في إيران.
إيران تمتلك قدرات عسكرية ضخمة، ليست ضعيفةً في مجال الاقتصاد، ولا في مجال القدرة العسكرية، هي تمتلك قدرات عسكرية ضخمة، ومتطوِّرة، وبزخم كبير، وترسانتها الصاروخية هائلة، هي عَمِلت على مدى عقودٍ من الزمن وفق المبدأ القرآني الكريم في الآية القرآنية المباركة: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:60]، إيران كانت في حالة إعداد وبناء عسكري، وبناء للقدرات العسكرية، وتراكَم الإنجاز في هذا الجانب، وتَرَاكَمَت القدرات في هذا الجانب؛ ولـذلك لديها قوة عسكرية ضخمة على مستوى الإمكانات التسليحية.
وعلى مستوى القدرة العسكرية في الجانب البشري، هناك قوة عسكرية ضخمة في الحرس الثوري، في الجيش، في التعبئة، ومبنية على أساس الإيمان، ومؤهَّلة، وكفؤة، تمتلك المهارة القتالية، الخبرة والمعرفة العسكرية، والروح المعنوية التي تتغذى بالإيمان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
حول آخر التطورات والمستجدات الأسبوعية
الخميس23 ذو الحجة 1446هـ 19يونيو2025م