اصيل علي البجلي
تتوالى حلقاتُ الغدرِ الصهيوني، وتتعمَّــقُ جراحُ أمتنا؛ فما عادت الأحداثُ مُجَـرَّدَ عناوينَ عابرةٍ، بل أضحت صرخاتِ شعبٍ يُقتلُ بدمٍ باردٍ، ومقدَّساتٍ تُدنَّسُ بلا خجلٍ، وتاريخًا يُزوَّرُ بلا حياءً. إنها لحظةٌ فارقةٌ في تاريخنا المعاصر، تضعُنا أمامَ حقيقةٍ لا مفرَّ منها: إما أن ننهضَ بكرامةٍ وشجاعةٍ ننتزعُ بها حقنا المسلوب، وإما أن نستسلمَ لواقعٍ مريرٍ من الذلِّ والاحتلال الذي يهدفُ إلى طمسِ هُويتنا ومحوِ وجودنا.
لم يعدْ الصمتُ خيارًا، ولا التردّد مقبولًا، فالمعركةُ معركةُ وجودٍ وبقاءٍ، والبقاءُ للأقوى عزيمةً وإيمانًا، والأكثر استعدادًا للتضحيةِ والفداءِ.
لقد دقت ساعةُ الحقيقةِ، وباتَ النفيرُ العامُّ والتعبئةُ الشاملةُ ليستْ مُجَـرّد دعواتٍ خجولةٍ، بل هي فريضةٌ شرعيةٌ وواجبٌ وطنيٌّ مقدّسٌ يقعُ على عاتقِ كُـلّ فردٍ ينبضُ فيه عرقُ العروبةِ والإسلام.
إن الدفاعَ عن الأرض والعرضِ، عن الأقصى الشريفِ، وعن كُـلّ شبرٍ من وطننا السليبِ، هو أمانة عظمى في أعناقِ كُـلّ حرٍّ وشريفٍ.
كيف لنا أن نرى أطفالنا يُقتَّلونَ ونساءنا يُيَتَّمنَ ويُرَمَّلْنَ وشيوخنا يُهجَّرونَ، ونبقى في سباتٍ عميقٍ؟ إنَّ هذه الجرائمَ الصارخةَ تستدعي صحوةً جماعيةً، وثورةً شاملةً تزلزلُ أركان الظلمِ والعدوانِ.
فلنُعلِ رايةَ الوحدةِ الوطنيةِ، ولنُصهِرْ خلافاتنا الجزئيةَ في بوتقةِ المواجهةِ الكبرى مع عدونا المشترك.
لتكنْ صفوفنا مرصوصةً كالبنيانِ المرصوصِ، وقلوبنا متحدةً على هدفٍ واحدٍ: دحرُ العدوانِ الهمجيِّ وتحريرُ الأرض المباركةِ من رجسِ الاحتلال.
إن قوةَ شعبنا تكمنُ في إرادتنا الصُّلبةِ التي لا تلينُ، وفي تصميمنا الثابتِ على أن نصنعَ فجرَ النصرِ بأيدينا المضرجةِ بدماءِ الشهداءُ الطاهرة.
فلننذرِ العدوّ الصهيونيَّ، وليعلمْ يقينًا أنَّ زمنَ الاغتصاب قد انتهى، وأنَّ التعبئةَ الشاملةَ هي مفتاحُ عزتنا، وطريقنا الوحيدُ نحو الحريةِ الكاملةِ، والتحريرِ المبينِ، وإعادة الحقِ لأصحابهِ مهما كلفَ الثمنُ من تضحياتٍ.