الجمهورية اليمنية
الهيئة العامة للأوقاف والإرشاد
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------
خطبة الجمعة الأولى من شهر ربيع ثاني 1447هـ
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان: ( أَحَبَّ إِلَيْكُم)
التاريـخ: 4/ 4/ 1447ه
المـوافق: 26/ 9 / 2025م
الرقم: (14)
➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة
نقاط الجمعة
1-آية(قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم...إلخ) بينت لنا أنه لا ينبغي أن تكون هذه البدائل أحب إلينامن الله ورسوله والجهادفي سبيله ومن كان حاله كذلك فقد هدده الله وسماه أنه من الفاسقين وللأسف أن حال الكثير من المسلمين هو أنهم تعلقوا بها
2- لايوجدأي مبرر للإنسان أن ينصرف عن الله إلى بدائل أخرى لأن الله هوالخالق والمنعم والقادر على كل شيء وينبغي أن يكون حبناله فوق كل محبة وهكذا الحال بالنسبةلرسول الله فلو عرفناه حق المعرفةلما انصرفناعنه إلى قدوات منحرفةوهابطة
3- لقد قرن الله الجهاد بالحب له ولرسوله لأن مقتضى ذلك أن يذوب الإنسان في منهج الله ويعمل على إعلاء كلمته مهما بذل (قل إن صلاتي...إلخ) والله حينمافرض عليناالجهاد فلا يعني ذلك أننا ندافع عنه أو أنه بحاجتنا وإنما نحن المحتاجون لذلك ولدفع الخطر عنا
4- تحل علينا الذكرى السنوية لاستشهادشهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله واستشهاد القادة لا يعني نهايةالقضية وإنما تمثل دافعا ومحفزا لنا وسنستمر في خروج المظاهرات استجابةلله ورسوله وجهادا في سبيله.
🔹ثانياً: نص الخطبة
✒️الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ}، ونشهدُ أن لا إلهَ إلا الله، قوةُ كلِّ ضعيف، وغِنَى كل فقير، ونصيرُ كلِّ مظلوم، ونَشْهَدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُه الذي بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونَصَحَ الأمة، وكَشَفَ اللهُ به الظُلمة، وجاهد الظالمين والمجرمين، والطغاةَ والمستبدين، حتى أتاهُ اليقين، اللهم صلِّ وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته المنتجبين الأخيار.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
أوصيكم ونفسي أولاً بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
أيها المؤمنون:
يقول سبحانه: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) صدق الله العظيم.
هذه الآية الكريمة ذكرت لنا البدائل التي يمكن أن يتعلق الناس بها فيحبوها ويعشقوها وتأخذهم إليها بدلا من الارتباط والتعلق بالله وبالرسول وبالجهاد في سبيل الله سبحانه، وحينما نتأملها نجد أنها قد أخذت الكثير من المسلمين؛ فابتعدوا عن الله وعن الرسول وعن الجهاد في سبيله، وهنا نلاحظ أنّ الله لم يقل: أحبّ اليكم من الله ورسوله وملائكته، أو: أحبّ اليكم من الله ورسوله وكتابه، أو: أحبّ اليكم من الله ورسوله والجنة، وإنما قرن الى جانب الله ورسوله: موضوع الجهاد في سبيل الله؛ لأن المحبة لله ورسوله تستدعي وتستلزم وتوجب أن يجاهد الإنسان من أجل إعلاء كلمة الله، والدفاع عن المستضعفين من عباد الله، والقتال في سبيل الله ضد أعدائه من الكافرين والمجرمين، وهو ابتلاء حقيقي يميز الله به الصادق من الكاذب.
عباد الله:
هذه الآية الكريمة تبين لنا حجم الغفلة اليوم بين أوساط المسلمين حين تعلقوا بالتافه الحقير بدلاً عن العظيم الجليل سبحانه وتعالى، حيث ترى البعض متعلقاً بآبائه وأبنائه وإخوانه، ومتعصبًا لأصله وفصله ولو في مقابل الله سبحانه، والبعض مستغرق حياته في خدمة المال وطلبه وتنميته، ولا يفكر بمسؤولياته نحو الله سبحانه ونحو دينه، والبعض متعلق بزوجته وأولاده فيعيش من أجلهم، ويناضل في سبيلهم، ويقضي حياته في خدمتهم، ويقصر في واجباته أمام ربه ودينه وآخرته، والبعض متعصب للعشيرة سواء في حق أو في باطل وان اصطدم ذلك مع أوامر الله سبحانه، والبعض منهمك في الأموال والتجارة فيعيش وهي أكبر همه، وينام من التعب لأجلها، ويستيقظ مواصلا معها ومقصرا في دينه وأمته ونحو ربه وقضاياه الكبيرة، ويخشى كساد التجارة ولا يخشى كساد تجارته مع الله ولا خسارة آخرته يوم يلقاه، والبعض همه المسكن كيف يبنيه والمال كيف يحصل عليه، وليس في اهتماماته أمر هذه الأمة، ولا يهمه مستقبلها ولا واقعها المزري ولا حالها المؤسف ولا كيف يدفع الظلم عنها.
ولكل هؤلاء يقول الله سبحانه: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) فهذا وعيد شديد لمن استبدلوا حب الله ورسوله والجهاد بحب اللهو والغفلة وحب الدنيا ومظاهرها وزينتها، وقد هددهم الله بأن ينتظروا ويتربصوا حلول العذاب الآتي والوعيد القادم والقريب في الدنيا والآخرة، وسماهم بالفاسقين.
أيها المؤمنون:
لا يوجد للإنسان صاحب الفطرة السليمة مبرر لأن يذهب عن الله بعيداً ويرتبط بغيره ويحبّ سواه؛ لأن الله سبحانه أهل لأن نحبه ونطيعه ونعبده ونمتثل لتوجيهاته؛ لأنه الخالق والرازق والمنعم المتفضل: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ)، وهو رحيم بنا ويريد لنا الخير والعزة في الدنيا والآخرة، وهو يريد أن يخرجنا من الظلمات الى النور، ويريد لنا الجنة ولا يريد لنا العذاب: (مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً)؛ فلماذا ينصرف البعض عن الله إلى الآخرين الذين لا يملكون لنا رزقا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، وليسوا رحيمين بنا ولا يريدون لنا الخير بل يريدون لنا الضلال والشقاء في الدنيا والآخرة؟!.
أيها الأكارم:
وهكذا الحال بالنسبة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي لو عرفناه كما قدّمه القرآن الكريم لما انصرفنا عنه الى قدوات منحرفة وهابطة فهو كما قال الله سبحانه عنه: (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)، وهو يريد لنا الهداية: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، وهو الكامل في أخلاقه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وهو الذي ضحى من أجل هدايتنا، وجعله الله لنا علَمًا للهداية ومنارًا للحق ودليلًا الى الله، وأمرنا بأن نطيعه ونتبعه فقال سبحانه: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)؛ فلماذا ينصرف البعض عن القائد والقدوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويتعلقون بمن يريد لنا الشقاء والعناء والضلال والغواية في الدنيا والآخرة؟!.
أيها المؤمنون:
لقد قرن الله الحب للجهاد بالحب لله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنّ مقتضى الحب لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يذوب الإنسان في منهج الله سبحانه، ويسعى بكل طاقته لأن يسود دين الله وتعلو كلمته وإن بذل في سبيل ذلك ما بذل، كما قال سبحانه معلماً لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ومعلماً لنا: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وعندما فرض الله علينا الجهاد فليس لأنه عاجز ويحتاج إلينا وحاشاه سبحانه فهو القائل: (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) وهو قادر على إهلاك أعدائه وقادر على أن ينصرنا عليهم بدون أن نجاهد: (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ)، ولم يفرض الله سبحانه علينا الجهاد ليشق علينا، وإنما فرض علينا الجهاد بمقتضى حكمته ورحمته بنا ومحبته لنا ليدفع عنا بالجهاد شرًا هو أخطر علينا من ضريبة الجهاد التي سندفعها، وليدفع عنا شرورًا كثيرة كما قال سبحانه: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ) فالجهاد مهما ضحينا فيه فليس خسارة، لكن عندما نتركه ونستسلم فإنه لن يسلم لنا شيء لا في ديننا ولا في دنيانا ولا في آخرتنا ولا في أموالنا ولا في أعراضنا ولا في دمائنا ولا في أمننا ولا في صحتنا؛ لأننا أمام أعداء عدوانيين وخطيرين وصدق الله القائل: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
ولو تأمل الناس في فوائد الجهاد وما يترتب عليه من عزة وكرامة وقوة وهيبة ومنعة ورفعة وأمن ونعمة وهداية ورزق وثروة؛ لأحبوه وتعلقوا به، ولو تأملنا في ماذا لو لم نجاهد وندافع عن أنفسنا؟ إذن لاستباحنا الأعداء وسفكوا دماءنا وبدّلوا ديننا ونهبوا ثرواتنا واحتلوا بلادنا وقتلوا أطفالنا ونساءنا كما يفعلون في غزة وفلسطين، فما يفعله اليهود هناك يمكن أن يفعله اليهود في أي بلاد عربية أو إسلامية؛ لأهم كما قال سبحانه: (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)، وكما قال: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ
وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ونصوصهم المحرفة وخرافاتهم المسجلة في التلمود شاهدة على عدوانيتهم، وأنهم يعملون تلك الجرائم من منطلق عقيدة باطلة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيم لي ولكم ولكافةِ المؤمنينَ والمؤمناتِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
(ذكرى استشهاد السيد حسن نصر الله شهيد الإسلام والإنسانية)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.
ثم أما بعد/
تحلّ علينا الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد شهيد الإسلام والإنسانية، سيد الأحرار والأبرار، سيد الجهاد والمقاومة، سيد الشهداء على طريق القدس، سيد الانتصارات على الصهاينة، سيد البلاغة والفصاحة، سيد الأخلاق والسماحة، سيد الطلعة البهية والصورة الرضية، سيد القول والفعل والكلمة والشجاعة والحكمة، سيد الوفاء لغزة وفلسطين، سيد الموقف الشريف معنا في يمن الإيمان والحكمة ضد العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، سماحة السيد الشهيد السعيد العبد الصالح/ حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه) الذي كان رجلًا بحجم أمة، واستشهد في أشرف موقف وأقدس معركة وأشد مرحلة، ورغم عظيم مصابنا به إلا أنّ ما يواسينا فيه هو أنه في سبيل الله، وأنه نال ما تمنى، وأنّ هناك أمةً ومحورًا وجنودًا أوفياء لمبادئه، ومكملين لمسيرة جهاده، وحاملين لرايته، وأنه كما قال: "نحن لا نهزم؛ فعندما ننتصر: ننتصر، وعندما نستشهد: ننتصر".
أيها المؤمنون:
إنّ الصهاينة المجرمين ومن دار في فلكهم يرتكبون جرائمهم بناء على حسابات خاطئة تكون نتيجتها خسارتهم وهلاكهم وهزيمتهم؛ فهم يظنون أنهم باغتيال القادة العظماء سيقضون على مسيرة الجهاد والمقاومة، وأنهم بذلك سيرتاحون ويأمنون، ولكن الحقيقة التاريخية والقرآنية تؤكد خسارة حساباتهم دائمًا؛ فكم من استشهاد للقادة أعقب مسيرة الحق قوة وصلابة، بدءًا من الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين، والشهيد القائد أحمد ياسين، والشهيد القائد عباس الموسوي، إلى الشهيد الرئيس صالح الصماد، والشهيد القائد إسماعيل هنية، والشهيد القائد يحيى السنوار، والقائد فؤاد شكر، وصولًا الى الشهيد القائد السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) ورفيق دربه وتوأم روحه الشهيد الصفي هاشم صفي الدين، وهذه الدماء كفيلة في سنن الله سبحانه أن تجرف سافكيها ومنتهكي حرمتها، قال سبحانه: (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ)، وقال جلّ شانه: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
وارتقاء هذه الكوكبة من القادة شهداء على طريق القدس هو دليل على الصدق والوفاء، وهي لا تزيد أتباع الحق الا ثباتًا واستمرارًا وصمودًا، قال سبحانه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)، وقال سبحانه: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)، وقد فاز هؤلاء الشهداء العظماء بالفوز الإلهي الكبير، ونالوا حسن الختام وشرف الشهادة، وتوجوا مسيرتهم الجهادية بدمائهم الزكية؛ فكانوا شهداء وشهودا على مواقف الناس في هذا الابتلاء الكبير والمخاض العسير، وسيكتب الله من دمائهم للأمة نصرًا وفرجًا كبيرًا بإذن الله سبحانه.
عباد الله:
لا بد في هذه المعركة العالمية الكبرى بين الحق والباطل والإسلام والكفر: أن يحرص المؤمن على أن يكون له موقف واضح ودائم ومستمر إلى جانب الإسلام ضد الكفر، وإلى جانب المظلوم ضد الظالم، وإلى جانب الحق ضد الباطل.
ومن تلك المواقف: ذلك الحضور المشرف والكبير في المسيرات المليونية كل جمعة التي يسجل الإنسان فيها موقفه، ويخرج نفسه من دائرة الخذلان والصمت، ويبرئ ساحته من عار القعود والتفرج، ويزيل عن نفسه فضيحة التقاعس والتراجع؛ فالخروج في هذه المسيرات هي استجابة لدعوة الله سبحانه القائل: (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ)، واستجابة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القائل: (من سمع منادياً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس من المسلمين)، واستجابة لدموع الثكالى ودماء الأطفال والنساء، ونجدة للملهوفين المنكوبين المظلومين المجوّعين النازحين في غزة، ولنقول لهم: لستم وحدكم ونحن معكم بما أوتينا من قوة.
ونحن في يمن الإيمان لن نسمح لأنفسنا بالتقصير فيكون أهل غزة ومجاهدوها خصوما لنا يوم القيامة بين يدي الله سبحانه ولا حجة علينا يوم الحساب، بل سننصرهم بكل ما أوتينا من قوة، وسنعادي من عاداهم، وسنقاطع بضائع أعدائهم، وسنرفع البراءة من عدوهم، وسنستمر في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس حتى نأتي يوم القيامة مع أهل غزة حجة على المتخاذلين، وخصومًا للمفرطين والمتواطئين، قال تعالى: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا . وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا . الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا).
وفي هذا السياق: ندعوكم للحضور المشرف في مسيرات اليوم المليونية نصرة للمظلومين المستضعفين المنكوبين المضطهدين في غزة وفلسطين الذين ترون كل يوم وليلة دماءهم المسفوكة، ورقابهم المنحورة، وأشلاءهم الممزقة، وبيوتهم المدمرة، وبطونهم الخاوية، وأطفالهم اليتامى الجائعة، ونساءهم الثاكلة، ورجالهم المقهورة، فماذا أنتم فاعلون؟ وماذا سنقول لله يوم نلقاه حين يسألنا عن غزة وفلسطين؟؛ فلنخرج ولنعلم أنّ العاقبة للمتقين.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ أميرِ المؤمنين عليٍ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِّك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجاً، ومن كلِ ضيقٍ مخرجاً، ومن النارِ النجا، اللهم انصر عَلَمَ الجهاد، واقمع أهل الشرك والعدوان والفساد، اللهم وانصر المجاهدين في فلسطين على الصهاينة الغاصبين، اللهم انصر جيشنا اليمني في كل الجبهات والميادين، اللهم وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكلَ من حالفهم وعاونهم يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖➖➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــهيئة.
----