مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

قال الله تعالى {والسماء رفعها وَوَضَعَ الْمِيزَانَ}[الرحمن: من الآية7]: العدل بمفهومه العام، العدل كقاعدة أساسية للتعامل؛ لأننا لسنا فقط بحاجة إلى النعم المادية ويكفينا هذا فقط، من أهم ما نحتاج إليه، ومن متطلباتنا الضرورية كبشر: هو أسس للتعامل فيما بيننا، أسس نمشي عليها في مسيرة حياتنا، في التعامل فيما بيننا، وفي العمل فيما استخلفنا الله فيه.

 

والله "سبحانه وتعالى" جعل العدل هو الأساس الذي قدَّمه لنا لنعتمده كنظام للتعامل فيما بيننا في واقع حياتنا، وللتعامل مع ما استخلفنا الله فيه في هذه الأرض، وما فيها من الإمكانات، نحتاج إلى هذا المبدأ العظيم، وبه تستقيم حياتنا، وبه تستقيم حياتنا؛ لأنها حتى لو توفرت لدينا هذه الإمكانات والنعم المادية من دون نظامٍ سليمٍ يقوم عليه التعامل فيما بيننا، والتعامل مع هذه النعم؛ لكان لهذا تأثير سلبي علينا، لما استفدنا من هذه النعم على الوجه المطلوب، لكننا كنا مع وجود كل هذه النعم بحاجة إلى نظامٍ عادل، وإلى العدل نفسه كنظام نتعامل من خلاله بشكلٍ موزونٍ وصحيحٍ ومستقيمٍ مع هذه الأشياء، ومع بعضنا البعض، {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ}، فالله جعل العدل هو الذي نزن به كل المعايير والمقاييس، وأسس التعامل فيما بيننا بشكلٍ عادل.

 

{أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ}[الرحمن: الآية8]؛ لأن ما يخرِّب حياة البشر، وما يكدِّر عليهم ما قد أولاهم الله من النعم، وما هيَّأ لهم من ظروف الحياة الطيبة والاستقرار: هو طغيانهم، عندما لا يلتزمون بالعدل فيما بينهم، عندما يفقدون الاتزان في التعامل على أساس العدل فيما بينهم، وتجاه هذه الأشياء التي استخلفهم الله فيها.

 

ما يفسد على الإنسان حياته، والاستقرار فيها، وما يفسد على الإنسان النعم هذه التي أعطاه الله: هو عدم التعامل بشكلٍ متوازنٍ على أساس العدل معها وفيها، هذا هو الذي يخرِّب الأشياء، يفسد الأشياء، يدخل هذا إلى مسألة التعامل، والعلاقات، والأعمال، ويدخل هذا إلى نفس الأشياء المادية، عندما نعمل فيها، فلا نضبط أداءنا وعملنا فيها، واستغلالنا لها، وفق المعايير والمقاييس الصحيحة المتوازنة، فالزيادة والإفراط تخرِّب هذه الحياة، تخرِّب هذه الحياة في أمنها واستقرارها، وفي أشيائها المادية.

 

{وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}[الرحمن: الآية9]، مهمٌ جداً أن نقيم الوزن بالقسط، على أساس القسط، على أساس العدل، على أساس المقياس الصحيح، الذي لا يكون فيه لا إفراط وطغيان وتلعُّب، ولا أيضاً إخسارٌ ونقصان.

 

{وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}، عندما جعل الله لنا في هذه الحياة مقاييس وآلات، آلات للمقاييس وللوزن وللكيل، هذا يدخل ضمن المفهوم العام للعدل، هذا مما يحقق لنا العدالة في التعامل فيما بيننا، ولذلك هناك الآن مثلاً مقاييس محددة، وآلات تستخدم للوزن، للكيل، للمقاييس في مختلف شؤون حياة البشر، في كل ما ينتجه البشر هناك مقاييس معينة، يعني: عندما نلحظ مثلاً من الميزان الذي يعتمد على الشوكة أو الرقم، إلى مختلف المعايير، إلى الأطنان، إلى مختلف المقاييس، لمختلف الأغراض، هذا مما يساعد على العدل في تعاملات البشر فيما بينهم؛ لأن العدل هو العنوان الأعم، الآليات والوسائل والمقاييس التي تستخدم لتحقيقه، هي تدخل ضمن هذا المفهوم، وهي مهمةٌ جداً في حياة الناس، هي نعمة من الله "سبحانه وتعالى"، وبها تستقيم حياة الناس؛ ولذلك من المهم الالتزام بها، فهو هنا أكَّد على الالتزام بها، قد أنعم الله بها علينا، وهيَّأ لنا من خلالها أن تستقيم بها حياتنا على أساسٍ من العدل، بدون غشٍ ولا ظلمٍ، فيبقى علينا نحن كبشر أن نلتزم بها، أن نقيم الوزن على أساسها، وهذا يدخل- كما قلنا- ضمن مختلف ما ينتجه البشر، في زراعتهم، في تجارتهم، في معاملاتهم التجارية والاقتصادية، أن يكونوا أوفياء، ودقيقين، وملتزمين بهذه المقاييس والمعايير؛ حتى يكونوا ملتزمين بالعدل؛ لأنها وسائل لإقامة العدل فيما بينهم، وأن يحذروا الغش، وأن يحذروا الخداع.

 

ثم عندما ندخل إلى مسألة الاستخلاف في الأرض، والتمكين لهذا الإنسان لاستغلال خيراتها وهو يصنِّع، وهو ينتج مختلف الأشياء، لكل الأشياء مقادير محددة بالشكل المناسب الذي يجعلها صالحةً للإنسان، الاختلال في هذه المقادير، والاختلال في هذه المقاييس، يعود بأضرار بالغة على هذا الإنسان، على صحته، على حياته، وهذه مسألة مهمة جداً.

 

معروفٌ الآن في العملية الصناعية، والإنسان يصنِّع وينتج، أنه قد يصنع شيئاً معيناً، وهو مركب من مواد مختلفة، وهذه المواد حتى يكون هذا الشيء نافعاً وصالحاً للإنسان، إما في غذائه، إما في زراعته، إما في بنائه، مختلف أغراض حياته، هناك مقادير محددة، الالتزام بهذه المقادير يحافظ على جودة هذا المنتج، وعلى صلاحيته للإنسان، وعلى ألَّا يكون مضراً، الاختلال في هذه المقادير ينتج عنه ضرر وخطر، إما ضرر بهذا الإنسان، أو بالبيئة، أو بالزراعة، أو... ولهذا نحن معنيون بكل هذا المفهوم الواسع، أن نلتزم، أن نلتزم؛ لأن بهذا تستقيم حياتنا، وإلا فالإنسان يخرب، يخرب على نفسه حتى الانتفاع بهذه النعم، المزارع الذي يستخدم مواد ضارة، أو مقادير ضارة، الشركات التي تستخدم مقادير ضارة؛ بغية أن تحصل على المزيد والمزيد من الأرباح بأقل تكلفة، وهكذا عملية الإنتاج في كل مراحلها وأشكالها، عندما لا يلتزم فيها بالمقادير الصحيحة المناسبة، التي تضمن أن يكون هذا الذي أُنتِج من هذه النعم، وفقاً لما ينفع هذا الإنسان، ولا يجلب الضرر إليه، ينشأ بذلك ضرر كبير في حياة الناس، فلذلك نجد هذا المبدأ مبدأً عظيماً ومهماً، ونحتاج إليه في مختلف شؤون حياتنا الاقتصادية: في الزراعة، في الصناعة، وفي التعامل بشكلٍ عام.

 

الإنسان في مسيرة حياته بحاجة أيضاً إلى أن يكون متوازناً في كل أموره، وأن يعطي لكل شيءٍ مستواه الصحيح، فهو إن أفرط يضر بنفسه، وإن فرط يضر بنفسه، ثم يسري هذا الضرر إلى واقعه، إلى محيطه الاجتماعي.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الخامسة 1442هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر